top of page

أبو العباس ( السفاح )

تحولت الدعوة العباسية على يديه إلى دولة، واجه محاولات عديدة للخروج عليه، لكنه استطاع أن يقضي عليها جميعها مستعيناً بأبي مُسلم الخُراساني
الإسم والنسب

نسبه هو أبو العباس عبد الله السفاح بن محمد الإمام بن علي السجاد بن عبد الله الحبر بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

الألقاب

أمير المؤمنين

أول خلفاء بني العباس

هو الخليفة التاسع عشر من الخلفاء المُسلمين

السفاح

ولقب نفسه بالسفاح حينما ركب منبر الكوفة قائلاً: "أنا سفاح بني أمية" وقد قضي في عهده على معظم بني أمية، سواءً على يده أو على يد عمِّه سفاح دمشق عبد الله بن علي، عهد بولاية عهده لأخيه أبو جعفر عبد الله الثاني. وقد لقب بالسفاح لأنه وبعد انهيار الخلافة الأموية ومبايعته كأول خليفة عباسي دعا كل أمراء بني أمية إلى قصره وأعطاهم الأمان ثم ذبحهم فلقب بالسفاح ولم ينجو منه سوى قلة أشهرهم عبد الرحمن الداخل الذي هرب إلى المغرب ومنها إلى الأندلس.

وقيل

اشتهر السفاح لسرعته في سفك الدماء وأتبعه في ذلك عماله بالمشرق والمغرب وكان مع ذلك جواداً بالمال.

تولى حكم الدولة الإسلامية

وهو في السادسة والعشرين من عمرِه

نسبه إلي النبي – صلي الله عليه وسلم

ويلتقي مع النبي محمد بن عبد الله في جده عبد المطلب
الأم

أمه هي ريطة بنت عبيد الله بن عبد الله بن عبد الدار الحارثي

الأب

هو محمد بن علي السجاد بن عبد الله الحبر بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي

الأعمام

كان له ستة أعمام، وهم عبد الله، وداود، وعيسى، وصالح، وإسماعيل، وعبد الصمد

المولد والنشأة

وكان مولده بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء (في الأردن حاليا) في الشام في أيام حكم الأمويين عام 104 هـ الموافق ونشأ بها حتى أخذ مروان بن محمد أخاه إبراهيم الإمام، فانتقلوا إلى الكوفة التي بويع له فيها بالخلافة بعد مقتل أخيه في حياة مَرَوانَ، وذلك في يوم الجمعة الموافق 12 ربيع الأول 132 هـ الموافق 25 يناير ، حيث سأل الخليفة مروان بن محمد عن إبراهيم فقيل له: هو بالبلقاء، فكتب إلى نائب دمشق أن يحضره، فبعث نائب دمشق بريداً، ومعه صفته ونعته، فذهب الرسول فوجد أخاه أبا العباس السفاح، فاعتقد أنه هو فأخذه، فقيل له: إنه ليس به، وإنما أخوه، فدُلَّ على إبراهيم، فأخذه وذهب معه بأم ولد كان يحبها، وأوصى إلى أهله أن يكون الخليفة من بعده أبو العباس السفاح، وأمرهم بالمسير إلى الكوفة، فارتحلوا من يومهم إليها، منهم أعمامه الستة.750

زوجاته

تزوج من أم سلمة بنت يعقوب المخزومية، وأنجبت له ابنه محمداً وابنته ريطة

عاصمة دولته

اتخذ من الكوفة عاصمة لدولته في بادئ الأمر ثم تحول عنها إلى الأنبار، ولكن خلافته لم تدم طويلا، حيث توفي بالجدري في الأنبار يوم الأحد الموافق الحادي عشر، وقيل: الثالث عشر من ذي الحجة عام 136 هـ الموافق 754 بعد أربعة أعوام من توليه الخلافة، وقد جعل أخاه أبا جعفر المنصور ولي عهده، وقد خلفه بالفعل في حكم الدولة العباسية

صفاته الشخصية والإجتماعية
  • كان ذو أهلِ وعشيرة، وكانوا كثرة

  • كان شديد البطش والتنكيل بخصومه

  • كان معظم ولاته من أعمامِه وبني أعمامِ

  • أبيضا جميلاً طويلاً

  • أقنى الأنف

  • جعد الشعر

  • حسن اللحية

  • حسن الوجه

  • فصيح الكلام

  • حسن الرأي

الدعوة لآل البيت ( الدعوة العباسية ) قبل أن تصير خلافة

اضطلع محمد بن علي وأبناؤه بالدعوة السرية، ودعموها، وحين توفي محمد بن علي، تولى الدعوة من بعده إبراهيم الإمام بن محمد ، وكان ابن امرأة من حرائر العرب ، وكاد الأمر أن يتم لولا أنْ كشفه مروان بن محمد الخليفة الأموي الأخير فقتل الإمام ، وفر أبو العباس عبد الله السفاح وأخوه أبو جعفر المنصور إلى الكوفة ، وكان إبراهيم الإمام قد أوكل الأمر إلى أبو العباس من بعده مع أنَّه أصغر من أبو جعفر المنصور، إلا أنَّه ابن امرأة حرَّة ، وهي ريطة بن عبيد الله بن أبي المدان الحارثي ، وأبو جعفرابن أمة بربرية.

بدأ محمد بن علي بتنظيم أمور الدعوة

تنظيماً دقيقاً فلما توفى سنة 125 هـ، صار الأمر لولده إبراهيم الذي سُمي باسم إبراهيم الإمام، وقد عمل إبراهيم على دفع الدعوة قدماً، واستغل أولاده ودعاته أحاديث نُسبت زوراً إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم تشير إلى أن الخلافة ستؤول إليهم.

إلا أن أمر تلك الدعوة انكشف

وسيق إبراهيم إلى حران عاصمة آخر خلفاء بني أمية مروان بن محمد حيث قضى هناك، وكان قد أوصى بالزعامة قبل رحيله إلى أخيه أبو العباس عبد الله السفاح وطلب من جميع أفراد أسرته وأتباعه السمع والطاعة أبو العباس كما أوصاه أن ينتقل مع إخوته وأسرته إلى الكوفة التي كانت تُعد معقل الشيعة الحاقدين على بني أمية

بدأت الدعوة العباسية بعدما

ذهب أبو هاشم عبد الله بن محمد إلى الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك؛ ليزوره، وقد رحب به سليمان وأكرمه. مرض أبو هاشم عبد الله بن محمد، وشعر بدنو أجله، وأُشيع أن سليمان قد سمَّه، فذهب أبو هاشم إلى الحميمة ونقل ذلك إلى ابن عمه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وطلب منه أن يقتص من بني أمية، وذلك عام 99 هـ.

وقد لقي كلام أبي هاشم لابن عمه محمد موقعًا من نفسه

وكان رجلًا طموحًا، وكان له أكثر من عشرين أخًا يدعمونه بالإضافة إلى أبنائه؛ فحمل محمد بن علي الفكرة، وهي إزالة ملك بني أمية، وبدأ يعمل على تنفيذها، وقد تم اختيار الكوفة وخراسان كنقطتي انطلاق للدعوة.

كان اختياره دقيقًا وموفَّقًا لأسباب، منها

كثرة الساخطين على بني أمية من الكوفة، وأيضًا موقع خراسان في مشرق الدولة، حيث إذا انكشف أمره يمكنه الفرار إلى بلاد الترك المجاورة، وأيضًا وجود صراعات قبلية في خراسان بين العرب (القيسية واليمانية)، ويمكن استثمار هذا الصراع لصالح الدعوة العباسية وسهولة التأثير على أهل خراسان لحداثة عهدهم بالإسلام، فيسهل التأثير عليهم من منطلق العاطفة والحب لآل البيت

مركز الدعوة العباسية

قد اختار محمد بن علي الكوفة مركزًا للدعوة العباسية، وسكن فيها ما يُسمى بـ (كبير الدعاة أو داعي الدعاة)، وأصبحت خراسان هي مجال انتشار الدعوة، وقد عمد محمد بن علي إلى السرية التامة وكان حريصًا على ذلك، فقد كانت المعلومات تمر عبر ثلاث محطات

من خراسان إلى الكوفة إلى الحميمة

وكان الدعاة يتنقلون على هيئة تجار أو حجاج، وكان أول من عُيّن كبيرًا للدعاة في خراسان هو أبو عكرمة السراج، وقد اختار اثني عشر نقيبًا كلهم من قبائل عربية، حيث كان كبير الدعاة يختار اثني عشر نقيبًا يأتمرون بأمره، وكانت شخصية الإمام غير معروفة لهم، وكان لكل نقيب منهم سبعون عاملًا، وقد أتت الدعوة العباسية ثمارها في خراسان، وبدأ رجالها يظهرون، مما دفع والي خراسان حينئذٍ أسد بن عبد الله القسري إلى القبض على أبي عكرمة السراج، وعدد من أصحابه، فقتلهم سنة 107 هـ.

وحتى سنة 118 هـ

تمكن أسد بن عبد الله بخبرته من كشف بعض قادة التنظيم العباسي، واشتد عليهم، فعمدت الدعوة العباسية إلى السرية التامة من جديد، وبعدما كُشِفَ رجال الدعوة في خراسان، اُختيرَ عمار بن يزيد داعياً جديداً في خُراسان، لكنه ارتد عن الإسلام بعدها وانكشف أمره، وقتَله أسد بن عبد الله القسري عام 118 هـ

وقد أدت أفعال عمار بن يزيد

إلى تشويه صورة الدعوة العباسية في أذهان العامة، ولم يثقوا في الداعية الجديد، بجانب شدة أسد بن عبد الله عليهم

حتى عام 122 هـ

كانت الدعوة تنمو ببطء شديد، حيث أعاقها عائق جديد، وهي ثورة زيد بن علي بن زين العابدين بالكوفَة مما أدى إلى الهدوء في نشر الدعوة العباسية

وفي سنة 125 هـ

مات محمد بن علي، وأوصى أن يكون إمام الدعوة من بعده هو ابنه إبراهيم ليقوم بمتابعة أمور الدعوة، وفي هذا العام أيضا مات هشام بن عبد الملك، وقد كان هذا فرجًا للعباسيين، حيث اشتعلت الصراعات الداخلية في الدولة الأموية، بالإضافة إلى اشتعال الصراع القبلي في خُراسان بتوجيه من إبراهيم الإمام، حيث استغل أن نصر بن سيار والي خراسان مضريٌ في حين أن أكثر العرب في خراسان يمانيون، فكرهوه فتوجهت الدعوة العباسية إلى اليمانيين، وقد أثر الصراع القبلي على أحوال الناس، ومصالحهم بكافة طوائفهم، وبسبب هذه الأحداث والأحوال عادت الدعوة العباسية للنشاط من جديد.

في عام 128 هـ

ظهر شخص قوي، وهو أَبو مُسْلِمِ الخُراساني، حيث لمح فيه إبراهيم الإمام الكفاءة والذكاء والقوة، فقرر أن يرسله إلى خراسان

وفي عام 129 هـ

أمر إبراهيم الإمام أبا مسلم الخُراساني بالجهر والظهور بالدعوة العباسية ففعل، وكان والي خُراسان حينئذٍ مشغول بصراعات الدولة الداخلية، وعندما جاء يوم عيد الفطر صلى أبو مُسلِم بالناسِ

وحينئذٍ وقع أول اشتباك بين الأمويين والعباسيين في خُراسان
وانتصر فيها أبو مسلم على قوات نَصْرِ بن سِيَارِ

وأصبح أتباع أبي مسلم كُثُر حيث احتال حيلاً في السيطرة على الأمر فكان يرسل إلى اليمانية يستميلهم، ويكتب إلى المضرية يستميلهم بقوله: «إِنَّ الِإمَامَ أَوْصاني بِكُم خَيْراً، وَلَسْتُ أّعْدو رَأْيَه فِيكُم»، وتوترت الأحداث، وبعث مروان بن محمد في طلب إبراهيم بن مُحمد الإِمام المُقيم بالحميمة، فقٌيّد وأُرسِل إلى الخليفة فسُجن، وفي عام 132 هـ انتصرت قوات أبي مُسلم على قوات الأمويين في العراق ثم توجه إلى الكوفة، وكان قد خرج بها محمد بن خالد بن عبد الله القسري داعياً لبني العباس

وفي عام 132 هـ

مات إبراهيم بن محمد في سجن مروان بن محمد، وقد أوصى بالخلافة بعده لأخيه أبي العباس عبد الله السفاح، فقام السفاح بتحويل الدعوة إلى دولة

وفي 11 جمادى الآخرة

أرسل السفاح الجيوش؛ لمنازلة الأمويين فسحقهم، واستقرت الأمور لبني العباس في جميع البلدان باستثناء الأندلس التي فقدها العباسيون لصالح الأمويين

الخلافة

لما علم أهل الكوفة أن إبراهيم بن محمد قد قُتِل أراد أبو سلمة الخلال أن يجعل الخلافة في آل علي بن أبي طالب، فتواصل مع جعفر الصادق، وعبد الله بن الحسن المثنى، وعمر الأشرف بن علي زين العابدين، فلم يستجيبوا ويستمعوا له، وغلبه النقباء والأمراء أيضًا، وبعدما غلب الأمراء أبو سلمة الخلال أتوا بأبي العباس السفاح، وسلموا عليه بالخلافة، وكان عمره حينئذٍ ستة وعشرون عاماً، وكان أبو سلمة الخلال أول من سلم عليه بالخلافة، وذلك ليلة الجمعة لثلاث وعشرين ليلة خلت من ربيع الآخر عام 132 هـ، فلما جاء وقت صلاة الجمعة، خرج السفاح على الناس على برذون أبلق والجنود ملبسة معه إلى أن دخل دار الإمارة، ثم دخل إلى المسجد الجامع وصلى بالناس، ثم وقف على المِنْبَر وبايعه الناس خليفةً وهو على المنبر في أعلاه، وعمه داود بن علي واقف تحته بثلاث درج، وتكلم السفاح:

وكان أول ما تكلم به بعد مُبايعته هو:

الحمد لله الذي جعل الإسلام لنفسه ديناً، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه، والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله في الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتاباً يتلى، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، وقال: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، وقال: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾، وقال: ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ﴾ فأعلمهم فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وتفضلة علينا، والله ذو الفضل العظيم، وزعمت السبابية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم، أيها الناس بنا هدى الله بعد ضلالتهم، ونصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسداً، ورفع بنا الخسيسة، وأتم النقيصة، وجمع الفرقة حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم وإخوانا على سرر متقابلين في أخراهم، فتح الله علينا ذلك منة ومنحة بمحمد ، فلما قبضه إليه، قام بذلك الأمر بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها، ووضعوها مواضعها، وأعطوها أهلها، وخرجوا خماصاً منها

ثم وثب بنو حرب ومروان، فابتزوها لأنفسهم وتداولوها، فجاروا فيها

واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حيناً، ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾، فانتزع منهم ما بأيديهم بأيدينا، ورد الله علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وتولى أمرنا والقيام بنصرنا، ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وإني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث جاءكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، وأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا فأنا السفاح الهائج، والثائر المبير

وكان السفاح مريضًا
فاشتد عليه مرضه حتى جلس على المنبر وقام عمه داود، فقال:

الحمد لله شكراً، الذي أهلك عدونا، وأصار إلينا ميراثنا من بيتنا، أيها الناس، الآن انقشعت حنادس الظلمات، وانكشف غطاؤها، وأشرقت أرضها وسماؤها، فطلعت شمس الخلافة من مطلعها، ورجع الحق إلى نصابه، إلى أهل نبيكم، أهل الرأفة والرحمة والعطف عليكم، أيها الناس، إنا والله ما خرجنا لهذا الأمر لنكنز لجيناً ولا عقياناً، ولا لنحفر نهراً، ولا لنبني قصراً، ولا لنجمع ذهباً ولا فضة، وإنما أخرجتنا الأنفة من انتزاع حقنا، والغضب لبني عمنا، ولسوء سيرة بني أمية فيكم، واستذلالهم لكم، واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم، فلكم علينا ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل بكتاب الله، ونسير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله

تباً تباً لبني أمية وبني مروان

آثروا العاجلة على الآجلة، والدار الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام، وظلموا الأنام، وارتكبوا المحارم، وغشوا الجرائم، وجاروا في سيرتهم في العباد، وسنتهم في البلاد التي بها استلذوا تسربل الأوزار، وتجلبب الآصار، ومرحوا في أعنة المعاصي، وركضوا في ميادين الغي جهلاً منهم باستدراج الله، وعميًا عن أخذ الله، وأمنًا لمكر الله، فأتاهم بأس الله بياتاً وهم نائمون، فأصبحوا أحاديث، ومزقوا كل ممزق، فبعداً للقوم الظالمين، وأدان الله من مروان، وقد غره بالله الغرور، أرسل عدو الله في عنانه حتى عثر جواده في فضل خطامه، أظن عدو الله أن لن يقدر عليه أحد؟ فنادى حزبه، وجمع جنده ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، من مكر الله وبأسه ونقمته، ما أمات باطله، ومحق ضلاله، وأحل دائرة السوء به، وأحاط به خطيئته، ورد إلينا حقنا وآوانا. أيها الناس، إن أمير المؤمنين نصره الله نصراً عزيزاً، إنما عاد إلى المنبر بعد صلاة الجمعة؛ لأنه كره أن يخلط كلام الجمعة غيره، وإنما قطعه عن استتمام الكلام شدة الوعك، فادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن وخليفة الشيطان المتبع للسفلة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، المتوكل على الله المقتدي بالأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهدى، ومناهج التقى -ثم عج الناس للسفاح بالدعاء، عند هذه الكلمة-، واعلموا يا أهل الكوفة أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا، وأشار بيده إلى السفاح، واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم ، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا.

ثم نزل أبو العباس وعمه داود ودخلا القصر

ثم دخل الناس يبايعون إلى العصر ثم من بعد العصر إلى الليل، ثم خرج أبو العباس بعد ذلك، فعسكر بظاهر الكوفة وجعل عليها عمه داود، وأرسل عمه عبد الله إلى ابن عون بن أبي يزيد، وأرسل ابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة، وهو يومئذ بواسط يحاصر ابن هبيرة، وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن العباس إلى حميد بن قحطبة بالمدائن، وأرسل أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسام بن إبراهيم بن بسم بالأهواز، وأرسل سلمة بن عمرو بن عثمان إلى مالك بن الطواف، ومكث هو بالعسكر لمدة شهرٍ

ثم ارتحل فنزل بمدينة الهاشمية في قصر الإمارة

وهُناك تنكر لأبي سلمة الخلال، وذلك لما كان بلغه عنه من رغبته في تحويل الخلافة من آل العباس إلى آل علي بن أبي طالب، حيث أمر أبا مسلم الخراساني أن يقتله بالرغم من أنه كان يستأنس به ويحب أن يسامره لحسن محاضرته، ولكنه تشكّك في انحيازه وميله لآل علي بن أبي طالب، فأرسل له أبو مسلم من قتله غيلة.

مواقف من حياته

قال سعيد بن مسلم الباهلي: دخل عبد الله بن حسن على السفاح مرة والمجلس غاص ببني هاشم والشيعة ووجوه الناس ومعه مصحف فقال يا أمير المؤمنين أعطنا حقنا الذي جعله الله لنا في هذا المصحف قال له إن علياً جدك كان خيراً مني وأعدل ولي هذا الأمر أفأعطي جديك الحسن والحسين وكانا خيراً منك شيئاً وكان الواجب أن أعطيك مثله فإن كنت فعلت فقد أنصفتك وإن كنت زدتك فما هذا جزائي منك فانصرف ولم يحر جواباً وعجب الناس من جواب السفاح

قال المؤرخون

في دولة بني العباس افترقت كلمة الإسلام وسقط اسم العرب من الديوان وأدخل الأتراك في الديوان واستولت الديلم ثم الأتراك وصارت لهم دولة عظيمة وانقسمت ممالك الأرض عدة أقسام وصار بكل قطر قائم يأخذ الناس بالعسف ويملكهم بالقهر

أعماله في المجال الإداري والسياسي

بعدما استقر الأمر لأبي العباس أخذ يولي الولاة، ويعزل القدامى، وكان مُعظم من وَلَّاهم من أقاربه، فجعل على الموصل أخاه يحيى، وولى عمه داود مكة والمدينة واليمن واليمامة بعد أن عزله عن الكوفة، وجعل على الكوفة عيسى بن موسى، وجعل على أرمينية وأذربيجان والجزيرة أخاه أبا جعفر المنصور، وجعل على الشام عمه عبد الله بن علي، وبعد ذلك بدأ السفاح في التخلص ممن قد يشكلون تهديدًا على وجود الدولة فبدأ بأبي سلمة الخلال الذي حاول جعل الخلافة في آل علي بن أبي طالب، وليس في بني العباس

فبعث السفاح أخاه المنصور رسولًا إلى أبي مسلم الخراساني

لكي يعرف رأيه في قتل الخلال، وليسأل أبا مسلم الخراساني أكان يساعد الخلال في هذا أم لا؟ فلما عرف أبو مسلم بهذا الأمر، قال للمنصور: «أفعلها أبو سلمة؟ أنا أكفيكموه»، فبعث له شخص يُدعى مرَّار بن أنس الضبي لكي يقتله، فلما وصل مرار إلى الكوفة وجد أبو سلمة الخلال جالسًا مع السفاح، فلما خرج من عنده قَتَلَه مرار، وقيل إن المنصور قد ذهب إلى أبي مُسلم الخراساني بعد مقتل الخلال وليس قبله

وبعد مقتل الخلال

بعث السفاح أخاه المنصور إلى قتال ابن هبيرة بواسط، وبعد فترة عرض ابن هبيرة على المنصور الصلح، فأخبر السفاح بهذا يستأذنه، فأذن له، وفي ذلك الوقت كتب السفاح إلى أبي مسلم الخراساني يخبره بما حدث مع ابن هبيرة، فنهاه أبو مسلم عن الصلح، وكان قد وُقّعَ الصُلح، فكره السفاح ذلك، ولكن راسل أخاه المنصور يأمره بقتل ابن هبيرة، فأخذ يراجع السفاح في ذلك مِرارًا إلى أن قال له السفاح: «اقتله لا مَحالة»، فقتله المنصور، وانقضى أمر ابن هبيرة

وكان المنصور يكره أبا مسلم الخُراساني

لما هو فيه من الحرمة حينما قدم عليه؛ ليأخذ البيعة للسفاح وله من بعده، وقد أشار على السفاح بقتله فأمره السفاح أن يكتم ذلك الكلام، وقد حرضه مرة أخرى على قتل الخُراساني، فقال السفاح له: «قد علمت باءه معنا وخدمته لنا»، فقال المنصور: «إنما ذلك بدولتنا، والله لو أرسلت سنورًا لسمعوا لها وأطاعوا، وإنك إن لم تتعش به تغذى بك»، فقال له السفاح: «كيف السبيل إلى ذلك؟»، فقال المنصور: «إذا دخل عليك فحادثه ثم أجئ أنا من ورائه فأضربه بالسيف» قال: «كيف بمن معه؟» قال:«هم أذل وأقل»، فأذن السفاح للمنصور بقتل الخراساني، ولكن ندم بعدها على ذلك فأرسل غُلامًا لأخيه لكي يقول له: «إن ذاك الذي بينك وبينه ندمَ عليه، فلا تفعله»، فلما علم المنصور بذلك غَضبَ، ولكن المنصور قتل أبو مسلم عندما تولى الخلافة، وبالنسبة لعاصمة دولته فقد اتخذ من الكوفة عاصمةً له في بادئ الأمر، وتحول عنها إلى الأنبار، والتي دُفن بها

ثَوَرات قَامَتْ عَلَيْه

اتّسم عهدُ السفاحِ بكثرة الثوْرات التي قامتْ عليْه، فخرج الكثير من الطوائف والأهالي عليه، واجتمعت كل فئة من الثائرين على السفاح حول شخصٍ ما، فكان ما حدث في عام 132 هـ أن أَهْلِ قِنّسْرينِ ثاروا على الّسفاح -الذي كان حينئذ بالحيرة- واجتمعوا على أمير قنسرين مجزأة بن الكوثر، ولبسوا البياض، فذهب عبد الله بن علي إليهم، ولكن في نفس الوقت ثار أهل دمشق على السفاح بقيادة رجل يُسمى عثمان بن عبد الأعلا بن سُراقة، وقتلوا أمير دمشق

ولكن عبد الله بن علي

استطاع القضاء على ثورتهم بعد حين، وفي نفس وقت ثورة أهل قنسرين تراسل أهل حِمص معهم، واجتمعوا على أبي محمد السفياني، وبايعوه بالخلافة، وقام معه ما يقارب من أربعين ألفًا، فالتقى عبد الله بن علي معه بمكان يُسمى مرج الأخرم، فقُتِلَ ألوف حتى هرب أبو مُحمد السفياني -وقد قُتِلَ في عهد أبي جعفر المنصور-، وبعد أن استقر الأمر للسفاح أُمّنَ أهلُ قنسرين، ولبسوا السواد مرة أُخرى

وأيضًا في نفس العام خلع أهل الجزيرة السفاح

بعد أن علموا بما فَعلَ أهلُ قنسرين، فأرسل إليهم أبا جعفر المنصور، فحاصرهم وقاتلهم حتى عدلوا عن رأيِهم، فولى السفاح أخاه المنصور على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية، وفي عام 133 هـ خرج رجلٌ في بخارى يُدعى شريك بن شيخ المهري، وقال: «ما على هذا بايعنا آل مُحمد على سفْكِ الّدِماء، وقتلِ الأنفُسِ»، فأرسل إليه أبو مسلم الخراساني بقيادة زياد بن صالح الخزاعي فقتلَهُ.

وفي عام 134 هـ

خرج على الّسفاح رجل يُدعى بسام بن إبراهيم، ولكن الّسفاح أرسل إليه شخصًا يُدعى خازم بن خزيمة فقتله وفي عام 135 هـ خرج رجلٌ يُسمى زياد بن صالح، استطاع أبو مُسلم الخُراساني القضاء عليه. وأيضًا فقد ثار الخوارج على السفاح مرة واحدة في عهدِه، فقد خرج خوارج عُمان الإباضيين بزعامة شخص يدعى الجُلُنْدي، فأرسل له السفاح جيشًا كبيرًا بقيادة خازم بن خزيمة، وقد تمكن من القضاء عليهم

يَحفل التاريخ الإسلامي بكثير من قصص الاغتيال

ولك أن تتخيل ما شئت مما نُفذت به هذه الاغتيالات… لكن، أن تُنبش قبور الموتى، ويُعاد تعذيب هؤلاء (إن جاز التعبير) وصلبهم وإحراقهم وذر رمادهم في الريح، فذاك ما حار فيه بعض دارسي هذا التاريخ واعتبره سابقة لم يكن من بَعدٍ لها. تلك الحكاية “البشعة” كان بطلها مؤسس الدولة العباسية، أبو العباس “السفاح” وقائده، عمه عبد الله بن علي.

من أقواله

من كلامه إذا عظمت القدرة قلت الشهوة وقل تبرع إلا معه حق مضاع وقال: إن من أدنياء الناس ووضعائهم من عد البخل حزماً والحلم ذلا وقال إذا كان الحلم مفسدة كان العفو معجزة والصبر حسن إلا على ما أوقع الدين وأوهن السلطان والأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة

قيل عنه

أخرج الإمام أحمد في مسنده

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم قال: يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يقال له السفاح فيكون إعطاؤه المال حثياً"

قال عبيد الله العيشي قال أبي

سمعت الأشياخ يقولون: والله لقد أفضت الخلافة إلى العباسيون وما في الأرض أحد أكثر قارئاً للقرآن ولا أفضل عابداً ولا ناسكاً منهم.

قال الصولي

وكان السفاح أسخى الناس ما وعد عدة فأخرها عن وقتها ولا قام من مجلسه حتى يقضيه وقال له عبد الله بن حسن مرة سمعت بألف ألف درهم وما رأيتها قط فأمر بها فأحضرت وأمر بحملها معه إلى منزله. قال: وكان نقش خاتمه الله ثقة عبد الله وبه يؤمن وقل ما يروى له من الشعر

وقد قال سَعيدٌ بن جُبير

أنه سمع عبد الله بن عباس يقول: «يكون منا ثلاثة أهل البيت: السفاح، والمنصور والمهدي

وَفَاتُه

قيل إن السفاح نَظَر يومًا في المرآة، وكان السفاح جميل الوجه، فقال: «اللهم لا أقول كما قال سليمان بن عبد الملك: أنا الخليفة الشاب، ولكن أقول: اللهم عمرني طويلًا في طاعتك، ممتعًا بالعافية»، فعندما أنهى كلامه سمع غلامين يتحادثان، فقال غلام لآخر: «الأجل بيني وبينك شهران وخمسة أيام»، فتشاءم السفاح من كلامه، وقال: «حسبي الله، لا قوة إلا بالله، عليه توكلت وبه أستعين»، فمات بعد شهرين وخمسة أيام

وقد رُوي عن عم السفاح

عيسى بن علي أنه وجد في وجهه يوم عيد الأضحى في آخر النهار حبتان صغيرتان ثم كبرتا حتى امتلأ وجهه بالحبوب البيضاء الصغيرة، فعرفوا أنه جدري، وفي اليوم الثاني اشتد المرض به حتى أصبح لا يعرف أي أحد، وفي مساء هذا اليوم انتفخ وجهه حتى أمسى مثل الزق، وتوفي في اليوم الثالث

وقد كانت وفاته

في يوم 11 ذو الحجة وقيل 13 ذو الحجة من العام 136 هـ عن عمر ناهز الثلاثة والثلاثين، وقيل اثنان وثلاثون، وقيل ثمانٍ وعشرون عامًا، وصلى عليه عمه عيسى بن علي، ودفنه في الأنبار

وقيل إن آخر ما تكلم به هو

«الملك لله الحي القيوم، ملك الملوك، وجبار الجبابرة»، وكان منقوش على خاتمه (الله ثقة عبد الله)، وقد ترك تسع جبات وأربعة أقمصة وخمس سراويل وأربعة طيالسة وثلاث مطارف خز، وقد كان السفاح مُحبًا للأدب والشعر.

دراسات ذات صلة
ما الذي يجعل شخص ما " سفاح" ؟ يقول الخبراء إنه مزيج خبيث من العوامل

على مدى عقود، حاول علماء الجريمة والأفلام الوثائقية عن الجرائم الحقيقية فهم الأسباب التي تجعل القتلة المتسلسلين يرتكبون الفظائع التي يرتكبونها


هل القتلة السفاحون ولدوا بهذه الطريقة أم أنهم نتاج بيئتهم؟

الدكتور سكوت بون، عالم الجريمة والمؤلف والمتحدث العام: من المحتمل أن يكون الأمر مزيجًا من الاثنين.يولد المرضى النفسيون بهذه الطريقة، في حين تم تنشئة المرضى النفسيين اجتماعيًا فيها.هناك طيف، ليس أبيض وأسود، وهناك عوامل متعددة.الدكتورة كاثرين رامسلاند، أستاذة علم النفس الشرعي والعدالة الجنائية في جامعة ديساليس: إذا قمت بدراسة حالة واحدة، يمكنك تحديد التأثيرات، ولكن لا يمكنك تعميمها على جميع الحالات الأخرى.قد تجد بعض الأشياء المشتركة في العديد من الحالات، مثل سوء المعاملة أو إصابات الرأس، لكن هذا لن يكون صحيحًا بالنسبة لجميع القتلة السفاحين.

ما هي العوامل التي تؤثر على الشخص ليصبح سفاح؟

كاثرين رامسلاند: هناك قدر كبير من الاختلاف في هذه الفئة من السكان، بدءًا من مجموعة من الدوافع والخلفيات والأعمار والسلوكيات، إلى الاختلافات في علم وظائف الأعضاء والجنس والحالة العقلية والتصورات التي تؤثر على التفكير والقرارات.يتعامل كل شخص بشكل فريد مع موقف معين في حياته، والبعض ينجذب نحو العنف.يمكن أن يكون هذا عنفًا دفاعيًا أو عدوانيًا، أو ذهانيًا أو مضطربًا نفسيًا، أو رد فعل أو مفترس، على سبيل المثال لا الحصر

هل جميع القتلة السفاحين مرضى نفسيين؟

يعمل العديد من المرضى النفسيين بشكل جيد للغاية وعالي في المجتمع لأنهم أفراد متحمسون للغاية ومتحمسون وموجهون نحو الأهداف.يوصفون بأنهم منظمون للغاية، ومقنعون للغاية، وصبورون للغاية.هذه هي الخصائص التي تجعل مهندسًا معماريًا عظيمًا أو بائعًا عظيمًا، ولكنها أيضًا سمات مثالية إذا كنت تريد أن تصبح قاتلًا سيكوباتيًا.لويس شليزنجر: يريد الشعب الأمريكي أن يكون القتلة الجنسيون المتسلسلون عباقرة أشرار بمعدل ذكاء يبلغ 180 ويتحدثون خمس لغات.لا شيء يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة.الغالبية العظمى من الناس غير المهرة والعاطلين عن العمل وذوي الأعمال الوضيعة.بوندي هو شخص غريب.

هل يشعر القتلة المتسلسلون بالذنب أو الوعي بأن ما يفعلونه خطأ؟

سكوت بون: القتلة المتسلسلون الذين قد يكونون مرضى نفسيين أو معتلين اجتماعيًا لديهم اضطرابات شخصية معادية للمجتمع ولا يوجد علاج لها.إنهم يعرفون الصواب من الخطأ، لكنهم لا يهتمون.قوانين المجتمع وأخلاقنا لا تعني لهم شيئًا.لهذا السبب لا يتمكن القتلة المتسلسلون أبدًا من استخدام الدفاع عن الجنون عندما يحاكمون، لأنهم ليسوا مجانين سريريًا أو قانونيًا.إنهم ببساطة غير مبالين بقوانين المجتمع وغير مبالين بمعاناة الآخرين.

الشاهد مما سبق

1 - أولاً: من سياق الدراسة السابقة: نشهد أه ربما كان أبو العباس السفاح ( معتل اجتماعياً) فالإعتلال النفسي غير الإعتلال الإجتماعي ، ومن ضمن جملة الإعتلال الإجتماعي ( ( معاداة المجتمع ) إما كرها للقيادة السياسية التي تقودك، أو معاداة للنظام الإجتماعي لما فيه من الظلم المتعايش معه، أو الإحساس بغبن شخصي واقع علي الشخص ، وكل هذه العوامل وغيرها تجعل منك معادي للمجتمع الذي تعيش فيه ، وربما كل هذه العوامل كانت في داخل السفاح وبالإضافة إليها بريق الحكم الذي كان يلمع في عينه ونظريقة ( نحن نستحق وغيرنا لا يستحق ) كانت تسيطر علي العباسيين وأبيهم الروحي - إن صح التعبير - أبو العباس السفاح .

2 - من سياق الدراسة أيضاً: من الممكن أن يعيش السفاح حياة مزدوجة: ونجد هذا جلي في حياة أبو العباس ، حيث كان قاتلاً ممثلاً بالجثث يرميها وينثرها في الهواء بعد حرقها ، ومع ذلك خير وكريم ومنفق ، ولعل هذا هو ما جعل بلالله عزوجل - يبتعد عنه إلي حين ، حيث أن الصدقة تطفأ غضب الرب .

3 - خطبته في اول خلافته تدل علي أنه رجل دين ، فصيح يعلم ماذا يقول وأين يقوله ولمن ؟ والغريب: هل كان يصدق نفسه بأنه هو رجل الله - إن صح التعبير - أنه من كان علي يده انتقام الله من بنو أمية ؟ الحقيقة أنه يبدو أن الحياة دولمصداقاً لقوله تعالي ( ولتركبن طبقاً عن طبق ) ومن ضمن الطبقات التي ممكن أن يركبها الإنسان ( النصر تارة والغلبة تارة أخري ) هكذا هي الحياة ، والأخذ بالأسباب واجب مع كامل التوكل علي الله .

4 - غدره بالأمويين الذين أحضرهم في قصره وأعطاهم الأمان ثم قتلهم عن بكرة أبيهم ، عنف وقسوة غير مبررة بتبرير عقلي يمر علي العقل ، إلا شهوة حكم ، تجبر في الأرض ، استعراض قوي . إن صحت الرواية .

5 - يقال إن الموت نهاية كل حي ، ونهاية جمال الجميل ، ونهاية قبح القبيح ، ونهاية معاناة الأسير ، ونهاية مرض المريض... الخ فهو نهاية لكل شيء سواء كان في نظرك خير أم شر ، الغريب أنه كان جميل الصورة ونظر في المرآة وقال ما قال ، وتشاؤمه ربما جاء وكأن المنطق حتي لو لم يكن من نفسك فهو موكل بالقدر، ولو كان الله - تعالي - راضِ عنه لأجابه بالعمر الطويل الذي طلبه إلا أنه مات بعد ذكاؤه في الدعاء ( أنا لا أقول مثل ما قال الخليفة سليمان بن عبد الملك... إلا أن ذكاؤه لم يغني عنه شيئا .

في النهاية

من جملة ما سبق من قصص وحكايات من قصص الخلفاء التابعين نري بعض النقاط التي هي مجرد رأي :

1 - كل منا كأشخاص عبارة عن قصص حياوات ، فأنت ونحن عبارة عن قصص حياة مختلفة تمشي علي رجلين إلي حين تأتي الوفاة فيقال بعد أن كان فعل .

2 - لكل منا ، كل في موضعه في الحياة سواء كان خليفة أو واحد من العبيد: مجموعة من الفتن تعرض عليه علي مدار حياته ومنا من يدخل الفتنة ويقع فيها ، ومنا ما يسقطها وراء ظهره ومنا ومنا ، إلا أن الفتن قادمة قادمة ، ولن تقدم فتنة عليك إلا وأنت في دينك شدة وقوة ، فتتركك بعد حين ليتحدث الناس وهو شغلهم ماذا فعلت مصداقاً لقول الرسول - صلي الله عليه وسلم - فيما معناه ( أنتم شهداء الله علي الخلق )

3 - من جملة الفتن التي نتعرض لها ( الحكم - المال - الجمال - العلم - حتي التدين الشديد وغيرها بالطبع ) والتي قلما ينجو منها أحد ، فإذا اجتمعت لديك أكثر من فتنة قط اسأل الله العافية فيما سبق وما تبقي .

الروابط

7 views0 comments

Recent Posts

See All

أيوب بن حبيب اللخمي

الألقاب أيوب بن حبيب اللخمي، هو خامس الولاة الأمويين في الأندلس، وابن أخت أول ولاتها موسى بن نصير من هو؟ أيوب بن حبيب اللخمي ( 716 – 716...

عبد العزيز بن موسى بن نصير

يعتبر بدايه ولايه عبد العزيز بن موسى بن نصير هي ميلاد عصر الولاه، عبد العزيز بن موسى بن نصير، هو أول ولاة الأندلس، في إسپانيا والپرتغال...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page