top of page

عوامل سقوط الدولة الأموية

1 - انشغال الحكام

يُعتبر انشغال الخلفاء الذين جاؤوا بعد الخلفاء الأقوياء برفاهيتهم وأمورهم الشخصيّة عن أمور الدولة الأمويّة سببًا في سقوطها، فلم يمتلكوا الرؤية السياسية والحكمة، التي امتلكها الخلفاء الذين من قبلهم، مثل: عمر بن عبد العزيز، والوليد بن عبدالملك

2 – الإنشغال بملذات الحياة

انساق الخلفاء اللاحقون نحو التباهي بملذّات الحياة، متناسين القيم والمبادئ الإسلاميّة، على عكس الخلفاء الأربعة الأوائل، الذين عاشوا حياة الزهد والبساطة والتقوى، وهذا سبب آخر في بدء ضعف الدولة الأمويّة، وسقوطها لاحقًا، .فقد أنشأ عبد الرحمن الناصر قصر الزهراء، والذي أصبح أعجوبة من أعاجيب الزمان في ذلك الوقت، فقد كان على رغم اتساعه وكبر حجمه مبطناً من داخله بالذهب، بل وكان السقف لهذا القصر مبطناً أيضاً بخليط من الذهب والفضة بأشكال تخطف الأبصار وتذهل العقول، وهذا تجاوز خطير في أموال الدولة، رغم أنه كان يصرف على كل شيء حق الصرف، كان لا يقصر في نواحي التعليم والجيش، لكن هذا الترف الشديد وهذا البذخ الشديد جعلت القلوب تتعلق بهذه الدنيا.حتى إن القاضي المنذر بن سعيد رحمه الله دخل على عبد الرحمن الناصر في قصره لما بناه بهذه الفخامة وبهذا الترف الشديد، فقال له عبد الرحمن الناصر: ما تقول يا منذر! في هذا؟ فقال القاضي المنذر بن سعيد رحمه الله ودموعه تقطر على لحيته: ما ظننت الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ مع ما آتاك الله من النعمة، وفضلك به على كثير من عباده تفضيلاً، حتى ينزلك منازل الكافرين، فقال عبد الرحمن الناصر: انظر ما تقول؟ كيف أنزلني الشيطان منازل الكافرين؟ قال: أليس الله تعالى يقول في كتابه الكريم: {وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف:٣٣]، أي: لجعلنا هذا الأمر، لكنا لم نجعله، أما عبد الرحمن الناصر فقد فعله وجعل سقف قصره من فضة، فوجم عبد الرحمن الناصر وسقطت عليه الكلمات كالصخر، ثم بدأت دموعه تنسال رحمه الله ثم قام ونقض السقف وأزال الذهب والفضة وبنى السقف كما كانت تبنى السقوف في ذلك الزمن، لكن مع مرور الوقت يعود من جديد ويبرز مظهر من مظاهر الترف بسبب كثرة الأموال، لدرجة أنه ينفق على أشياء لا ينفق فيها.

3 - التمييز القبليّ

ظهر التمييز القبليّ بين القبائل في الدولة الأمويّة، على الرغم من أنّ الإسلام نهى عن التمييز بين الناس، وبدأ الناس ينقسمون إلى فئات قَبَليّة، ممّا أحدث انقسامات في جسم الدولة الأمويّة، ساعدت في سقوطه.

4 - الاستيلاء على الخزينة العامة

كان الغرض الأساسيّ من بيت مال المسلمين دعم المحتاجين، وتعزيز قوة الدولة وحمايتها، وبدلًا من الحفاظ على هذه الأهداف، عمد الخلفاء الأمويين إلى الاستيلاء على خزينة الدولة، وتحويلها للإنفاق على ملذّاتهم ورفاهيتهم

5 - الانقسام بسبب اختيار الخلفاء

كان المسلمون مختلفون على الشروط الواجب توفّرها في الخليفة المختار، لكن في الدولة الأموية أصبح نظام الحكم بالوراثة، فعارضته بعض الفرق كالخوارج ودخلت في عدة معارك أضعفت قوة الدولة، ولاية العهد نشأ عن تولية العهد المتتابعة ضعف كبير في صفوف الدولة؛ كما حدث في تولية مروان بن الحكم ولدية؛ عبد الملك ثم عبد العزيز، وولى عبد الملك ولديه؛ الوليد ثم سليمان، مما أثار الخلافات والنزاعات بين بني أمية أنفسهم

6 - العصبية القبيلة

ندّد الدين الحنيف بالعصبية الجاهلية المنتنة ونهى عنها، ولكنّها عادت للظهور في عهد بني أمية، مما أجج الصراع بين القبائل العربية، التي تعد سنداً وعماداً الدولة، وكذلك الخلاف بين العرب والموالي؛ وهم المسلمون غير العرب أو الأعاجم.

7 - أسباب اقتصادية

من أحد أبرز الأسباب في سقوط الدولة الأموية؛ هو حرمان الموالي من الامتيازات الاقتصادية، والتي جعلتهم عرضة للاضطرابات وثورانهم.

من هم الموالي ؟

الموالي جمع مولى، وهم الخدم والحلفاء في لغة العرب، تم استخدام هذا المصطلح بكثرة في زمن الخلافة الأموية للإشارة إلى المسلمين من غير العرب كالفرس والأفارقة والأتراك والأكراد.

8 - أسباب اجتماعية

وجد في عهد بني أُميّة أربع جماعات مختلفة، تناحرت فيما بينها بصراعات دامية وهم:

- أنصار بني أمية؛ وهم من السنة

- أنصار العلويين؛ وهم شيعة

- العباسيون في أواخر عهد الدولة

- الخوارج

9 - الثورات علي بني أمية

توالت عدة ثورات مسلحة بارزة في تاريخ بني أمية ومنها:ثورة الخوارج؛ حيث كان الخوارج خمس طوائف؛ وهم الأزارقة، والنجدات، والبيهسية، والصفرية، والإباضية، وقد كانت آخر ثورتين هما ثورتا الضحاك بن قيس الشيباني، وثورة أبي حمزة الخارجي. ثورة الشيعة. ثورة عبدالله بن الزبير. ثورة عبدالرحمن بن الأشعث. ثورة يزيد بن المهلب

10 - دور الأوبئة في انهيار الدولة الأموية

وظهر ما يقرب من ستة وعشرين طاعون في الدولة الأموية التي استمرت من عام واحد وأربعين هجري حتى مئة وسيع وثلاثين هجرية.

أهم أحداث الطاعون

1- طاعون المغيرة بن شعبة سنة تسع وأربعين تاريخ الطبري5/232 المنتظم 5/224

2- الطاعون الجارف سنة خمس وستين أو أربع وستين تاريخ الطبري 5/612

3- طاعون الفتيات سنة ثمان وثمانين أو ستة وثمانين المنتظم 6/267

4- طاعون سلم بن قتيبة سنة إحدى وثلاثين ومئة المنتظم 7/287


وينبغي أن نشير إلا أنه حدث استلام الأمويين للحكم بطاعون، وكان سقوطهم كان بطاعون أيضاً فقد وصل سيدنا معاوية إلى ولاية الشام بعد طاعون عمواس الذي حصد أرواح البشر في الشام، ومنهم أغلب الصحابة، فقد ولى سيدنا عمر يزيد بن أبي سفيان على الشام بعد وفاة أبي عبيدة بن الجراح الذي توفي في طاعون عمواس ليتوفى يزيد في نفس العام ويستخلف أخوه معاوية، كما أن بداية النهاية للدولة الأموية كانت بطاعون مسلم بن قتيبة عام 131 يقول خليفة بن خياط " فكان يموت فيه الجميعة من الناس اشتد في شعبان وكانت حمته وشدته في رمضان ثم سكن فكان كنحو ما بدأ حتى انقضت السنة" فقد حسم طاعون مسلم بن قتيبة معركة مروان بن محمد مع أبي مسلم الخراساني قبل وقوعها.

11 - هروب الخلفاء والوزراء بسبب الطاعون

أول طاعون في الخلافة الأموية طاعون المغيرة بن شعبة في خلافة معاوية في عام 49هـ والذي خرج بسببه المغيرة من الكوفة هرباً من الوباء، وهرب أبو سفيان بن زياد من الطاعون الجارف إلى البادية فطعن في البادية ومات هناك، وفي عام 70هـ هرب عبد العزيز بن مروان والي مصر إلى حلوان واستخلف عبد الرحمن بن معاوية بن جديع الكندي وقام عبد العزيز بن مروان، والي عبد الملك على مصر، بإعمار منطقة حلوان، وأقام بها، نائيًا بنفسه بسبب الطاعون، وغيرهم.

12 - موت الخلفاء بسبب الطاعون

مات عدد من الخلفاء أو ولاة العهد مما سبب فراغاً في السلطة، ومن أهم من مات بسبب الطاعون:

1- يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، الخليفة تاريخ أبي زرعة 196

2- معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، الخليفة، البدء والتاريخ 6/17

3- المغيرة بن أبي شعبة، أمير البصرة، المعارف 1/295

4- زياد بن أبي سفيان ويقال له: زياد بن أبيه وزياد بن سمية، والي العراق، البداية والنهاية 8/67

وغيرهم عددا مم سيكون خليفة أو من الولاة.

13 - اقتطاع أجزاء من الدولة الأموية

كان البيزنطيون قد اعتادوا، عقب سماعهم بوقوع الطاعون في الشام، مهاجمة تلك المدن الواقعة على التخوم، مثلما حدث في طاعون الجارف في عام 69هـ/ 688م، ، فقام الإمبراطور البيزنطي جستنيان الثاني (66 – 77هـ/ 685 – 695م) بانتهاز تلك الفرصة، وقام بحملة واسعة استهدفت إخضاع أرمينيا وإعادتها إلى السيادة البيزنطية ونجح بالفعل في سلخ أرمينيا عن جسد الدولة الأموية، تكرر في عام 79هـ/ 698م مسلك الروم نفسه في الطاعون العام؛ إذ أقدم البيزنطيون على مهاجمة أنطاكية. ويبدو أن الأمر تكرر في عقب طاعون الأشراف أو الفتيات، كانت أمور الشرق مضربة كثيراً ورغم ذلك لا يسجل المرخون أي تقدم للأتراك، فقد دخل أبو مسلم مرو وقت ما كن هناك طاعون كبير يجتاج العراق والشام واستمر بتقدمه إلى الري في سنة إحدى وثلاثين وقت طاعون مسلم بن قتيبة.

14 - توسيد الأمر لغير أهله

فـ الحكم بن عبد الرحمن الناصر كانت حياته الطويلة في الجهاد والعلم ونشر الدين في البلاد، ثم قبل أن يموت يوسد الأمر لغير أهله، ويكل الأمور إلى طفل لم يبلغ إلا اثنتي عشرة سنة من عمره، فيتحكم فيه الأوصياء وتحدث المكائد والمؤامرات، وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن أمارات الساعة فقال: (أن تضيع الأمانة، فقال الرجل: وكيف إضاعتها؟ قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة).هكذا إذا تولى من لا يستحق منصباً من المناصب حدثت الهزة في البلاد وحدث الانهيار، فما بالك لو كان هذا المنصب منصب الخليفة

الآثار الإيجابية التي تركتها الدولة الأموية

استمر حكم الدولة الأموية ما يقرب من قرن ، وتعتبر أقوي الخلفات الإسلامية على مر التاريخ ، فتركت العديد من الآثار الإيجابية ومنها:

– ازدياد رقعة الدولة الإسلامية

حيث امتدّت من أواسط آسيا في الشرق وحتّى المحيط الأطلسي غرباً.

– اكتساب البلاد المفتوحة للصبغة العربية

وذلك بسبب تعزيز هجرة السكان من الجزيرة العربية إلى تلك البلاد؛ ممّا أدّى إلى انتشار اللغة العربية فيها ، وتعريب الدواوين أي تحويل لغة الصحف والدفاتر والسجلات من لغة البلد الذي تمّ فتحه إلى اللغة العربية ، وسكّ النقود العربية.

– بناء القصور والتماثيل والصور

والتي كانت غالبيتها على حافة البادية؛ بسبب انجذابهم لها لما تتمتع به من هدوءٍ وراحة.

-إقامة العديد من المنشآت الدينية والحربية والمدنية

والتي توازي في روعتها المنشآت البيزنطية

متى سقطت الدولة الأموية؟

إنّ تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، يعد بداية مرحلة جديدة ومفصل هام في التاريخ الإسلامي، إذ تحول نظام الحكم الذي اعتاده المسلمون في العهد الراشدي، من نظام الشورى والخلافة إلى نظام ملكي وراثي وما يتبع عليه من أنواع الترف، وهذا يبدو جلياً في قصور الأمويين، ولكن هذا لا ينفي بقاء الدولة مسلمة كدين، وعرف، وقانون، لكنّ هذا التحول من الخلافة إلى التوريث في الحكم قسم المسلمين إلى مؤيد لهذا الشكل من الحكم ومن نقل عاصمة الحكم من الحجاز لبلاد الشام، ومعارض في الحجاز والعراق، وبقيت الدولة الأموية حتى عام 750م

نستفيد مما سبق التالي

1 - بناء الحضارات ليس بالسهل اليسير ويستغرق ربما قرناً كاملا، أما الهدم فلا يحتاج إلا للقليل من الوقت ، فلماذا أصبح المسلمين أقرب منهم للهدم من البناء ؟

2 - إن بناء الحضارات العظيمة يقوم علي عدة أوجه، منها العمران - منها الأسلحة الحديثة ، منها الملابس المستحدثة أو العلامة التجارية التي تتميز بها هذه الحضارة أو علامات تجارية ، وأنت مما قرأت أعلي ، بالتأكيد أخذت في حسبانك أن الطابع العربي كان يهيمن علي الحضارة الإسلامية في الأندلس وفي غيرها ، إذن العلامة التجارية الإسلامية في الملابس ( الحجاب ) أصبحت سائدة بالطبع - إن صح التعبير - وظهور اليشمك وغيرها من أشكال تغطية الوجه مما لم يكن يعرفه الغربيون ، والذي لازال بعض آثاره عبر القبعات النسائية التي تحمل جزء من التل يغطي جزء من الوجه.

3 - إن بناء الحضارات العظيمة لابد أن تقوم علي عمودان أساسيان يندردج من تحتهما عدة أعمدة، أما العمودان الرئيسيان هما ( بناء العمران - وبناء الإنسان ) فلا عمران من غير إنسان ، فمن يهدم أحدهما أو ينشغل بواحدة دون الأخري، أعطي الفرصة لهدمها ،وأعطي لك مثال مشهور في التاريخ: إذا وضعت 1000 كتاب علي منضدة لمدة عام هل سيغير شيء في العالم !!! ، أما لو جعلت إنسان يقرأ هذه 1000 كتاب هل سيغير شيء فيما حوله أو حتي في العالم أجمع ؟ بالتأكيد ، فإذا كنت من صناع الحضارات فلا تغفل عن بناء الإنسان أبدا .

4 - ما الدليل علي أهمية بناء الإنسان ؟ اليوم بعض الحضارات الغربية المعتدلة تنهار مادياً أو اقتصادياً ، فلماذا لا تنهار بالكلية كما حدث بالأندلس ، إن من عوامل ثباتها ( استثمارهم في الإنسان ) فالتعليم الجيد ( نفسياً واجتماعياً وجسديا علي أقل تقدير ) يجعل من بني أمس يبني الغد ، ولو لاحظت معي أن الترف الشديد إلي حد الغرق فيه موجود بالشرق ( دول الخليج تحديدا) أما الغرب الكافر الغني جداً ( بعض الدول وليس الجميع ) لا يغرقون في الترف بهذه الطريقة ، وهي من أكبر العوامل لهدم الحضارات ، حيث كما قلنا سابقا يؤدي إلي الرضا عن الحياة ومن بعدها يؤدي إلي عدم الإكتراث أو الإهمال، ومن بعده تأتي الإعتمادية ومن الإعتمادية إلي العبودية مرة أخري .

5 - ماتت حضارة دامت حوالي 100 عام ( 91 عام تحديدا) وستقوم حضارة أخري ( الحضارة العباسية ) سنتعلم منها ما نتعلم ، إلا أن الأهم من ذلك ، وأهم من تعلم عوامل قيام وهدم الحضارات ، أن نتعلم كيف نستثمر في الإنسان ، ليعيد البناء ، بناء نفسه بعد الوقوع ، إعادة حضارة هدمها الجشع والطمع في عالم متغير محير في غاية الوحشية .

الروابط

4 views0 comments

Recent Posts

See All

أيوب بن حبيب اللخمي

الألقاب أيوب بن حبيب اللخمي، هو خامس الولاة الأمويين في الأندلس، وابن أخت أول ولاتها موسى بن نصير من هو؟ أيوب بن حبيب اللخمي ( 716 – 716...

عبد العزيز بن موسى بن نصير

يعتبر بدايه ولايه عبد العزيز بن موسى بن نصير هي ميلاد عصر الولاه، عبد العزيز بن موسى بن نصير، هو أول ولاة الأندلس، في إسپانيا والپرتغال...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page