top of page

مميزات العصر العباسي الأول ( العصر الذهبي)

أو العصر الذهبي امتد قرنًا من الزمان (132 هـ / 750م - 232 هـ / 847م)

تميز بــ

1 - ببسط الدولة سيطرتها على كافة أراضي الخلافة الإسلامية الممتدة من الشرق إلى أقصى الغرب

2 - زيادة الفتوحات الإسلامية، فقد شهدت الدولة العباسية توسعًا كبيرًا

3 - تمتع الخلفاء في ذلك العصر بسلطتهم الدينية والدنيوية (سيأتي ذكرهم تباعا بإذن من الله)

أولاً- النظام السياسي والإداري
أ – الخلافة

أقام العباسيون دولتهم سنة (132هـ) وتولى أول خلفائهم «أبو العباس عبدالله بن محمد» السلطة بناءً على وصية أخيه «إبراهيم الإمام» بعد وقوعه في قبضة الأمويين، وقد حكم «أبو العباس» أربع سنوات، وقبيل وفاته عهد إلى أخيه «أبى جعفر المنصور» بولاية العهد من بعده، ومن بعد «أبى جعفر»، «عيسى بن موسى»، وكتب العهد بهذا وصره في ثوب وختم عليه بخاتمه وخواتم أهل بيته وسلمه إلى «عيسى بن موسى»

بدأ الحكم وراثيا في عهد «الدولة العباسية»

منذ اللحظة الأولى، واقتصر على أهل البيت العباسي، كما أن أكثر الخلفاء كان يوصى بولاية العهد إلى أكثر من شخص؛ مما أدى إلى صراعات ساعدت على تصدع «الدولة العباسية»، وحين تولى «أبو جعفر المنصور» الخلافة واجه اعتراضًا من عمه «عبدالله بن على» الذى رفض مبايعته، ودعا لنفسه بالخلافة مدعيًا أنه ولى عهد «أبى العباس»، مما دعا «المنصور» إلى توجيه جيش له بقيادة «أبى مسلم الخراساني» تمكن من القبض عليه والقضاء على دعوته، وقد نقل «المنصور» ولاية العهد من ابن أخيه «عيسى بن موسى» إلى ابنه «محمد»، الذى تولى الخلافة بعد أبيه «المنصور» ولقب بالمهدى، واستمر في منصبه حتى تُوفي؛ حيث تولى ابنه «موسى» الملقب بالهادي، ولم يمكث سوى سنة واحدة في الحكم؛ حيث تولى من بعده أخوه «هارون الرشيد»، ومنذ عهد «الرشيد» أصبح الصراع السياسي على السلطة إحدى السمات المميزة للعصر العباسي الأول، وكان الصراع بين «الأمين» و «المأمون» من الأمثلة المعبرة عن هذه السمة، وقد انتهى بقتل «الأمين» وتولية «المأمون» الخلافة

ب- الوزارة

تُعدُّ الوزارة المنصب الثاني بعد الخلافة في «الدولة العباسية» وقد قسَّم فقهاء المسلمين الوزارة إلى نوعين:

وزارة التفويض

حيث يفوض الخليفة الوزير في تدبير أمور الدولة برأيه واجتهاده، فتكون له السلطة المطلقة في الحكم والتصرف في شئون الدولة.

وزارة التنفيذ

حيث يكون الوزير وسيطاً بين الخليفة والرعية والولاة، ومجرد منفذ لأوامر الخليفة، وقد أحدث العباسيون نظام الوزارة في بداية دولتهم متأثرين في ذلك بالنظم الفارسية، ولم تكن مسئوليات الوزير في بداية الأمر تبعد كثيرًا عن مسئوليات الكاتب، وقد حصر «أبو جعفر المنصور» مهمة الوزير في التنفيذ وإبداء الرأي والنصح، ولم يكن له وزير دائم، ومن وزرائه: «الربيع بن يونس» الذى اشتهر باللباقة والذكاء وحسن التدبير والسياسة. وقد ظهرت شخصية الوزراء إلى حد كبير في عهد الخليفة «المهدى»، لما ساد الدولة من هدوء نسبى، ومن هؤلاء الوزراء الأقوياء «يعقوب بن داود»، ثم صار للوزارة شأن كبير في عهد «الرشيد»، و «المأمون» لاعتماد الأول على البرامكة، والثاني على «بنى سهل»، فمُنِحَ «يحيى البرمكي» وزير «الرشيد»، و «الفضل بن سهل» وزير «المأمون» صلاحيات وسلطات واسعة، جعلت نفوذهما يمتد إلى جميع مرافق الدولة، ولكن سرعان ما تم التخلص منهما.

ج- الكتابة

كانت طبقة الكُتَّاب ذات أهمية كبيرة في «الدولة العباسية»، وكان الكاتب ذا علم واسع وثقافة عريضة؛ لأنه يقوم بتحرير الرسائل الرسمية والسياسية داخل الدولة وخارجها، كما يتولَّى نشر القرارات والبلاغات والمراسيم بين الناس، ويجلس على منصة القضاء بجوار الخليفة لينظر في الدعاوى والشكاوى ثم يختمها بخاتم الخليفة. ومن أشهر الكُتَّاب في العصر العباسي الأول «يحيى بن خالد بن برمك» في عهد «الرشيد»، و «الفضل» و «الحسن» ابنا «سهل»، و «أحمد بن يوسف» في عهد «المأمون»، و «محمد بن عبدالملك الزيات» و «الحسن بن وهب»، و «أحمد بن المدبر» في عهد «المعتصم» و «الواثق».

د – الحجابة

وهى وظيفة تقوم بمساعدة الحكام في تنظيم الصلة بينهم وبين الرعية، فالحاجب واسطة بين الناس والخليفة، يدرس حوائجهم، ويأذن لهم بالدخول بين يدي الخليفة أو يرفض ذلك إذا كانت الأسباب غير مقنعة؛ وذلك حفاظًا على هيبة الخلافة وتنظيمًا لعرض المسائل حسب أهميتها على الحاكم الأعلى للبلاد. وقد اقتدى العباسيون بالأمويين في اتخاذ الحُجَّاب، وأسرفوا في منع الناس من المقابلات الرسمية، ولعل هذا هو السبب المباشر في نشأة ما أسماه «ابن خلدون» «الحجاب الثاني»، فكان بين الناس والخليفة حاجزان عبارة عن دارين، أحدهما يُسمَّى «دار الخاصة» والآخر «دار العامة»، وكان الخليفة يقابل كل طائفة حسب حالتها وظروفها في إحدى هاتين الدارين تبعًا لإرادة الحُجَّاب على أبوابها.

هـ - ولاية الأقاليم

المقصود بالأقاليم: المناطق التي تتكون منها الدولة. وقد كان النظام الإداري في «الدولة العباسية» نظامًا مركزيا؛ حيث صار الولاة على الأقاليم مجرد عمال للخليفة على عكس ما كانوا عليه في «الدولة الأموية».

وقد قسم العباسيون الولاية على الأقاليم إلى قسمين

وخصوصًا في عهد «الرشيد»، الأول: الولاية الكبرى وهى التي تكون لأحد أبناء الخليفة أو شخص مقرب من الخليفة؛ حيث يتولى هذا الوالي عدة أقاليم في الدولة ويقوم بتصريف أمورها من العاصمة، أو من أحد تلك الأقاليم بعد الرجوع إلى الخليفة، ويرسل إليها ما يشاء من الولاة. الثاني: الولاية الكاملة: حيث يتمتع الوالي ببعض السلطات التي توسع دائرة نفوذه، مثل النظر في الأحكام وجباية الضرائب والخراج وحماية الأمن وإمامة الصلاة وتسيير الجيوش للغزو

و- الدواوين

ظهرت الدواوين في «الدولة الإسلامية»، كبقية المؤسسات الإدارية، نتيجة لاحتياج المسلمين إليها، وقد جعل «ابن خلدون» وجود الديوان من الأمور اللازمة للملك. وللديوان أهمية كبرى فيما يتعلق بأموال الدولة وحقوقها وحصر جنودها ومرتباتهم، ويرجع الفضل في تنظيم الدواوين في العصر العباسي إلى «خالد بن برمك» وقد اهتم الخلفاء العباسيون بالدواوين؛ فكثرت اختصاصاتها وتنوعت بسبب التعاون الوثيق بين العباسيين والفرس، فقد أخذ العباسيون الخبرة الفارسية في مجال الإدارة، كما احتفظوا ببعض تنظيمات «الدولة الأموية»، خصوصًا في الدواوين والدوائر الرسمية، كما استحدثوا بعض الدواوين كديوان المصادرات، وديوان الأزمّة (المحاسبة) وديوان المظالم، وغيرها.

ز – القضاء

وهو من المناصب المهمة والعظيمة في «الدولة الإسلامية»، ويقوم على المحافظة على حقوق الرعية وإقرار العدل والإنصاف بين جميع الطبقات، وحماية الأخلاق العامة، مستمِدا أحكامه من الكتاب والسنة، ونظرًا لأهمية هذا المنصب فقد وضع العلماء المواصفات التي يجب توافرها في القاضي، ومنها: أن يكون رجلاً قوياً عاقلاً حرا مسلمًا عادلاً، ويتمتع بالسلامة في السمع والبصر، وأن يكون عالمًا بأحكام الشريعة، وقد حظي القضاة في العصر العباسي الأول بالتبجيل والاحترام، وكان تعيينهم وعزلهم يتم بأمر الخليفة، وأول من فعل ذلك الخليفة «المنصور»، فقد عين قضاة البلاد بأمره سنة 136هـ/ 753م. وقد استقرت المذاهب الفقهية في عهد «الدولة العباسية»، وتحددت مهام القضاة وكيفية الإجراء القضائي، وتوحد القانون وأصبحت جلسات القاضي علنية في المسجد وخصوصًا في عهد «المأمون» كما اهتم خلفاء العباسيين بالتثبت من الأحكام، فعيَّنوا جماعة من المُزَكِّين، وظيفتهم تتبع أحوال الشهود، فإذا طعن الخصم في شهادة أحد الشهود سُئل عنه المزكى، كما اهتموا بأحوال القضاة المادية حتى يعيشوا في يسر ورخاء، وقد تطور القضاء بصورة ملحوظة في العصر العباسي الأول، وظهر منصب «قاضى القضاة»، وكان يقيم في عاصمة الدولة، ويقوم بتعيين القضاة في الأقاليم والبلاد المختلفة، وأول من لقب بقاضي القضاة «أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم»، صاحب كتاب «الخراج»، في عهد «الرشيد» وتولى القضاء إلى أن مات.

ثانيًا- الأوضاع الاقتصادية والعمرانية

أدرك الخلفاء العباسيون أهمية الاقتصاد وتنمية الموارد المالية لمواجهة النفقات المتعددة للدولة، واتخذ «المنصور» عدة خطوات لزيادة موارد الدولة، فاستحدث نظام المصادرات للاستيلاء على الأموال لمواجهة أعباء الثورات والحركات التي واجهها، وأعاد النظر في مقادير الضرائب المفروضة على الكور، وفي عهد «الرشيد» ازدهرت أحوال الدولة الاقتصادية، وارتفع مستوى المعيشة، بسبب تدفق الأموال على خزانة الدولة في بغداد، وتعدد موارد الدولة المالية، فكان منها الزكاة، والخراج، والجزية، وأخماس المعدن، والرسوم على التجارة الخارجية، وغيرها وقد أسهمت تلك الموارد في سدّ النفقات في مجال النشاط العسكري والأمني، ومجال البناء والتعمير وإنشاء المدن، مثل مدينة «بغداد» التي أُطلق عليها اسم «دار السلام»، إلا أن الشائع هو اسمها القديم «بغداد»، ومدينة «سامراء».

ثالثًا- الحياة الفكرية

شهد العصر العباسي الأول نهضة فكرية عظيمة، وطفرة ثقافية كبيرة في شتى مجالات العلم والمعرفة نتيجة امتداد رقعة «الدولة العباسية» ووفرة ثروتها ورواج تجارتها واهتمام الخلفاء بالحياة الفكرية.

وقد ميز علماء المسلمين بين نوعين من العلوم:

أ - علوم تتصل بالقرآن الكريم

وهي العلوم النقلية أو الشرعية وتشمل علم التفسير، وعلم القراءات، وعلم الحديث، والفقه، وعلم الكلام، والنحو، واللغة والبيان والأدب.

ب - علوم أخذها العرب عن غيرهم من الأمم

وهي العلوم العقلية: وتشمل: الفلسفة والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والطب والكيمياء والتاريخ والجغرافيا.

كما شهد ذلك العصر نخبة كبيرة من فحول الشعراء

على رأسهم «بشار بن برد»، و «أبو نواس»، و «أبو العتاهية» المتوفى و «مسلم بن الوليد»، و «أبو تمام» ،وقد تطور النثر في العصر العباسي الأول بعد دخول كثير من الثقافات اليونانية والفارسية والهندية التي امتزجت به، وأهم فنون النثر في ذلك الوقت الخطابة والوعظ، والمناظرات، والرسائل الديوانية- العهود والوصايا والتوقيعات - والرسائل الإخوانية والأدبية، ومن أعلام الكتاب في ذلك العصر: «ابن المقفع»، و «سهل بن هارون» المتوفى، و «أحمد بن يوسف» ، و «عمرو بن مسعدة» وقد شجع الرشيد العلم والعلماء، وأنشأ «بيت الحكمة»، وجمع فيه كثيرًا من المؤلفين، والمترجمين والنساخ، ومن أشهرهم: «سهل بن هارون»، و «الحسين بن سهل»، وبجانب اهتمام الخلفاء بحركة الترجمة والنقل، اهتم ذوو اليسار (الأغنياء) بتشجيع العلم والإنفاق على الترجمة إلى اللغة العربية، ومنهم «محمد» و «أحمد» و «الحسن» أبناء «موسى بن شاكر» الذين أنفقوا أموالاً ضخمة في ترجمة كتب الرياضيات، وكانت لهم آثار قيمة في الهندسة والموسيقى والنجوم، وقد أرسلوا «حنين بن إسحاق» إلى بلاد الروم فجاءهم بطرائف الكتب وفرائد المصنفات، كما نشطت كتابة التاريخ في العصر العباسي الأول، وأشهر من اشتغل بذلك العلم: «محمد بن الحسين بن زبالة»، و «أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي»، و «سيف بن عمر التميمي»، و «هشام بن محمد الكلبى» او «المدائني».

ومن العوامل التي ساهمت في ازدهار الحركة العلمية في العصر العباسي الأول

ظهور الورق واستخدامه في الكتابة، وقد أنشأ «الفضل بن يحيى البرمكى» مصنعًا للورق في عهد «الرشيد» ببغداد،فانتشرت الكتابة فيه لخفته بعد أن كانوا يكتبون على الجلود والقراطيس المصنوعة بمصر من ورق البردى


الروابط
2 views0 comments

Recent Posts

See All

أيوب بن حبيب اللخمي

الألقاب أيوب بن حبيب اللخمي، هو خامس الولاة الأمويين في الأندلس، وابن أخت أول ولاتها موسى بن نصير من هو؟ أيوب بن حبيب اللخمي ( 716 – 716...

عبد العزيز بن موسى بن نصير

يعتبر بدايه ولايه عبد العزيز بن موسى بن نصير هي ميلاد عصر الولاه، عبد العزيز بن موسى بن نصير، هو أول ولاة الأندلس، في إسپانيا والپرتغال...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page