top of page

ظهور الخوارج

Updated: Dec 5, 2022

الخوارج

ومفردها خارجيٌّ، نسبة لكلمة (خروج)

والخوارج هم

الخارجون على إمام زمانهم، وأيضًا هم طائفةٌ خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد معركة صِفِّين، بعد التحكيم الذي حصل في القصة المشهورة

وفي المعجم الوسيط

فرقة من الفرق الإسلامية خرجوا على الإمام علي، وخالفوا رأيه، ويطلق على مَن خرج على الخلفاء ونحوهم

وقد عرَّفهم الشهرستاني في الملل والنِّحل

كلُّ مَن خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يُسمَّى خارجيًّا

وقد عرَّفهم ابن حجر العسقلاني بقوله

"الخوارج الذين أنكروا على علي التحكيم، وتبرؤوا منه ومن عثمان وذريته، وقاتَلوهم

ألقابهم

الشُّراة:

لقولهم: شَرَيْنا أنفسنا في طاعة الله؛ أي: بِعْناها بالجنة.

3- المُحكِّمة

لإنكارهم التحكيم والحكمينِ "في قصة التحكيم".

4- المارقة ( الخارجون من الدين)

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يمرُقون من الدين كما يمرُقُ السهم من الرمية)).


5 - الحرورية

الواقع أنَّ الجماعة الرافضة للتحكيم انفصلت عن جسم الجيش العراقي عندما وصل إلى الكوفة وتوجَّهت إلى حروراء، واستقرَّت فيها مُعلنةً رفضها الإقامة في المصر مع الخليفة الذي لم يُلبِّ مطالبها حيث بدأ يتبلور مفهوم "الخروج" بمعنى مغادرة المكان الذي يقيم فيه المخالفون، ومن هنا تسميتهم بالحروريَّة


ظهور فرقة الخوراج

لم يكن الرافضون للتحكيم قد لُقِّبوا بعد بالخوارج، فإنَّهم لم يكن قد انفصلوا عن جيش عليٍّ حين غادر صفين عائدًا إلى الكوفة، غير أنَّ عودتهم كانت مفعمة بالنقاشات العنيفة والمشادَّات؛ فقد رجعوا متباغضين، أعداءً يتشاتمون ويتضاربون بالسياط، وأقبل بعضهم يتبرَّأ من بعض، الأخ من أخيه، والابن من أبيه، متجاوزين روابطهم العائلية والقبلية والإقليمية من أجل رابطةٍ أخرى عقدية، ؛ ممَّا يدلُّ على عمق تأثير الحادثة في نفوسهم، وقد عبَّروا عن رفضهم بشعار: "لا حكم إلَّا لله"، الذي سيصبح بدءًا من تلك اللحظة وعلى امتداد قرون، الشعار الأساسي للخوارج والقاعدة التي ستقوم عليها عقيدتهم، وقد ورد تفسير هذا الشعار في العديد من الدراسات، ويتَّفق معظم الباحثين على القول: إنَّه يُعبِّر عن رفض هذه الجماعة للتحكيم بوصفه من اختصاصات الله وحده، ولا يحقُّ للبشر أن يتدخلوا فيه، ويتوافق هذا التفسير مع المدلول اللُّغوي لكلمة "حكم" بمعنى القضاء وفصل النزاع، ومع ما ذكره القرَّاء أثناء النقاش الذي دار بينهم وبين ابن عباس وعليٍّ بعد صفين.

هل تنبأ رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بخروجهم ؟

رواها البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بعث عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن بذُهَيْبة في أديم مقروظ، لم تُحصَّل من ترابها، قال فقسَمها بين أربعة نفر: بين عُيَيْنة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع إما علقمة، وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحقَّ بهذا من هؤلاء، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ألا تأمنوني وأنا أمين مَن في السماء، يأتيني خبرُ السماء صباحًا ومساءً؟!))، قال: فقام رجل غائرُ العينَيْن، مشرف الوَجْنَتين، ناشر الجبهة، كثُّ اللِّحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار، فقال: يا رسول الله، اتَّقِ الله، قال: ((ويلك، أَوَلستُ أحقَّ أهل الأرض أن يتقي الله؟))، قال: ثم ولَّى الرجل، وقال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ قال: ((لا، لعله أن يكون يُصلِّي))، فقال خالد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لم أؤمر أن أُنقِّب قلوب الناس، ولا أشق بطونهم))، قال: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ، فقال: ((إنه يخرج من ضئضئ " أصل" هذا قومٌ يتلون كتاب الله رطبًا لا يُجاوِزُ حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية))، وأظنه قال: ((لئن أدركتُهم لأقتلنَّهم قتل ثمود))

في رواية مسلم

أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، اعدِلْ، فقال: ((ويلك ومَن يعدل إذا لم أعدل؟! قد خبتَ وخسرتَ إن لم أكن أعدل))، فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فيه، فأضرب عنقه

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بعدي من أمتي - أو سيكون بعدي من أمتي - قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حَلاقيمَهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم يعودون فيه، هم شر الخلق والخَلِيقة))


المصر: البلد الذي عظمت فيه العمارة وكان فيه سلطة قضائية وسلطة تنفيذية وأسواق للمعاملة

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري

((يقتلون أهل الإسلام، ويَدَعُون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية))

قال النبي صلى الله عليه وسلم

((لزوالُ الدنيا جميعًا أهون على الله من دم يسفك بغير حق))

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم

((لا يزال المؤمن في فسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا))

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله أنه قال في وصفهم

( يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّميَّة ) متفق عليه .

وخاتمة الأوصاف النبوية للخوارج أنهم

( شر الخلق والخلقية ) كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وأن قتلاهم ( شر قتلى تحت أديم السماء ) كما عند الطبراني مرفوعا، وأنهم ( كلاب النار ) كما في مسند أحمد ، وأنهم: ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) كما ثبت ذلك في الصحيحين.

وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال

سألتُ أبي عن هذه الآية

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾ [الكهف: 103، 104]: أهم الحرورية؟

قال: لا

قلت: أهم أهل الكتاب اليهود والنصارى؟

قال: لا

أما اليهود، فكذَّبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأما النصارى، فكفَروا بالجنة، وقالوا: ليس فيها طعام ولا شراب، ولكن الحرورية ﴿ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة: 27]

كم كان عددهم وكم صاروا؟

الواضح أنَّ هؤلاء قاموا بنشر معتقداتهم بطريقةٍ جيِّدة وبفعل حججهم المقنعة، ومن واقع إعادة قراءةٍ كاملةٍ لأحداث الفتنة استقطبوا عددًا آخر من المقاتلين العراقيين من خارج دائرة القرَّاء -كانوا في البداية مع التحكيم- فأضحى عددهم اثني عشر ألف رجلٍ، والمعروف أنَّ عددهم في بداية تحرُّكهم لم يتجاوز أربعة آلاف رجل، ممَّا يدلُّ على اتِّساع دائرة الرفض للتحكيم.

هل تحكيم الله هو شعارهم الوحيد؟

رفعوا شعاراتٍ جديدةً مثل

"الأمر شورى بعد الفتح"

و"البيعة لله عزَّ وجل"

"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"

هل تركهم علي ابن أبي طالب وشأنهم؟

حرصِ أمير المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه على عدم التفرُّق بين جماعة المسلمين، وحفاظه رضي الله عنه على الدماء، لِمَا فيها من حرمة عظيمة في الإسلام، فقد أرسل إليهم ابنَ عباس رضي الله عنهما لمناظرتِهم، وقد كان هذا الاختيارُ ينمُّ عن فطنة وذكاء أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فعبدالله بن عباس هو مَن هو، فهو حبر الأمة، وترجمان القرآن، والقوم كانوا يستدلون بآيات الله ويتناولون القرآن، فهذا هو ترجمان القرآن يناظرهم.

المناظرة مع كتابة بعض الكلمات القليلة لتبسيط المناظرة

يقول ابن عباس رضي الله عنه

"فخرجت إليهم ولبست أحسنَ ما يكون من حلل اليمن، وترجَّلت ودخلت عليهم في دارٍ نصف النهار - وكان ابن عباس رجلاً جميلاً جهيرًا

فقالوا

مرحبًا بك يا بن عباس، ما هذه الحُلَّة؟

قال ابن عباس

ما تعيبون عليَّ؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل، ونزلت: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ [الأعراف: 32(

قالوا

فما جاء بك؟

قال

قد أتيتُكم من عند صحابة النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، من عند ابن عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم وصهرِه، وعليهم نزل القرآن، فهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد؛ لأبلغكم ما يقولون، وأبلغهم ما تقولون.

فانحنى لي نفر منهم، هاتوا ما نقمتُم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه.

قالوا

ثلاث

قلت

ما هن؟

قالوا

أما إحداهن: فإنه حكَّم الرجال في أمر الله، وقد قال الله: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: 57]، فما شأن الرجال والحكم؟

قلت

هذه واحدة.

الخوارج

وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يَسْبِ ولم يغنَمْ، فإن كانوا كفارًا لقد حل سبيُهم، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيُهم ولا قتلهم.

قلت

هذه اثنتان، فما الثالثة؟

قالوا

محا نفسَه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين

قلت

هل عندكم شيء غير هذا؟

قالوا

حسبنا هذا

( الإشكالية الأولي )

قلت لهم

أرأيتُكم إن قرأتُ عليكم من كتاب الله جل ثناؤه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما يرد قولَكم، أترجعون؟

قالوا

نعم

قلت

الإشكالية الثانية ( حكَّم الرجال في أمر الله)

فإني أقرأ عليكم من كتاب الله أن قد صيَّر الله حكمَه إلى الرجال في ثُمُن رُبُع درهم، فأمر الله - تبارك وتعالى - أن يحكموا فيه، أرأيتم قول الله - تبارك وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ [المائدة: 95]، وكان من حكم الرجال، أنشدكم بالله أفحُكم الرجال في صلاح ذات البَيْن وحقن دمائهم أفضل، أو في أرنب؟

قالوا

بلى، بل هذا أفضل.

قال ابن عباس

وفي المرأة وزوجها: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 35]، فأنشدكم بالله، حكم الرجال في صلاح ذات بَيْنهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بُضْع المرأة؟ هل خرجت من هذه ؟

قالوا

نعم قلت

قال ابن عباس

وأما قولكم: قاتل ولم يسبِ ولم يغنَم، أفتسْبُون أمَّكم عائشة، تستحلُّون منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم؟ فإن قلتم: إنا نستحلُّ منها ما نستحلُّ من غيرِها، فقد كفرتم، وإن قلتم: ليست بأمِّنا فقد كفرتم، والله - عز وجل - يقول: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، فأنتم بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج، أفخرجتُ من هذه؟

قالوا

نعم

الإشكالية الثالثة ( أما محا نفسَه من أمير المؤمنين)

فأنا آتيكم بما ترضون، إن نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعليٍّ: ((اكتُبْ يا علي: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله))، قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((امحُ يا علي، اللهم إنك تعلم إني رسول الله، امح يا علي، واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله))، والله لرسولُ الله خيرٌ من علي، وقد محا نفسه، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة.أخرجتُ من هذه؟

قالوا

نعم

فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فقاتَلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والأنصار

لم يكتفِ أمير المؤمنين عليٌّ رضي الله عنه بهذه المناظرة

بل ذهب هو بنفسه رضي الله عنه، وكلَّمهم

فرجعوا ودخلوا الكوفة ولكنهم فهِموا من هذا أن أمير المؤمنين قد رجع عن التحكيم، فلما علِم بذلك علي رضي الله عنه وأنه قد أشيع بين الناس أنه قد رجع لهم عن الكفر، خطب عليٌّ رضي الله عنه يوم الجمعة وبيَّن لهم، وحدث هرج ومرج في نواحي المسجد، وقاموا وتحدثوا بألاَّ حكم إلا لله، ورد عليهم أمير المؤمنين، ومن ثَمَّ قد أعلن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه موقفه تجاه هذه المجموعة، التي كان حريصًا رضي الله عنه على إرجاعهم إلى جماعة المسلمين

فقال لهم

إن لكم عندنا ثلاثة

لا نمنعكم صلاة في هذا المسجد

ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا

ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا

وقد بعث إليهم أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أكثر من مرَّة لإرجاعهم إلى الجماعة، خصوصًا بعد تفرُّق الحكمين

فأبوا أن يرجعوا حتى يشهد عليٌّ رضي الله عنه على نفسِه بالكفر ويتوب

هل استجاب الخوارج لشروط - علي - رضي الله عنه - ؟

لا فالخوارج ارتكبوا كل المخالفات ولم يفوا بالعهد الذي أخذه عليهم أمير المؤمنين، بل كفَّروا مَن خالفهم، واستباحوا الدماء، ونقضوا العهود، وارتكبوا المحظورات، فذبحوا عبدالله بن خبَّاب بن الأرتِّ، ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشقوا بطن سُرِّيته

وعندئذٍ بعث أمير المؤمنين إليهم أن يسلموا القتلة لإقامة الحدِّ عليهم

فأجابوه: "كلنا قتله"، فلم يتركوا بابًا إلا باب القتال، فذهب إليهم علي رضي الله عنه بجيش قد أعده لقتال أهل الشام، وعسكر على الضفة الغربية من نهر النهروان .

تكوُّن فكر الخوارج

بعد أن فشلت محاولات ثنيه عن قراره ( علي ابن أبي طالب) عقَدَ الحرورية اجتماعاتٍ مكثَّفةً في منازل عبد الله بن وهب الراسي وشريح بن أوفى العبسي وزيد بن حصين الطائي، وقرَّروا الخروج من الكوفة، وظهرت أفكارٌ جديدةٌ عبَّرت عنها هذه الجماعة، فقد شبَّهت الخروج من الكوفة بهجرة الرسول من مكَّة إلى المدينة وابتعاده عن كفار قريش، من هنا تسمية الخوارج أنفسهم ( بالمهاجرين) وتسمية الكوفة ( بالقرية الظالم أهلها) كما كفَّروا المخالفين لهم وتبرَّأوا منهم. وهكذا، فبعد أن شمل التكفير في حروراء( مكان بن مكة والمدينة ) معاوية وأنصاره، أضحى -بعد قرار إجراء التحكيم- يشمل الخليفة وأتباعه ، الواقع أنَّ ربط الحرورية مواقفهم السياسية بالدين سيدفعهم إلى تبنِّي فكرة الخطأ الديني وتكفير من يخالفهم ومحاربتهم، وسيعدُّون ذلك واجبًا مقدَّسًا؛ لأنَّهم "أهل الحق"، ولعلَّ أوضح الأمثلة على ذلك هو إعدامهم الصحابي عبد الله بن خباب وامرأته بعد محاكمةٍ سريعة.


صفاتهم
1 - إنكارهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وردُّهم ما يفعله

وعدم الرضا بما قسم النبي صلى الله عليه وسلم.وهذا كان ظاهرًا في حديث ذي الخُوَيْصِرة لَمَّا أنكر على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اعدل يا محمد، وما كان هذا ليكون من مؤمن أبدًا رضي بالله ربًّا ومحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.


2 - تأويلهم القرآن بغير علم ولا ورود نص صريح يدل على تأويلهم الخاطئ

3 - تكفيرهم لصاحب الكبيرة؛ فإنهم يُكفِّرون مرتكب الكبيرة، ويحكمون بخلوده في النار، وهذا مخالف للأدلة والنصوص الصريحة الصحيحة
4 - ترويعهم للمسلمين فقد عُرِف الخوارج بالشدة والغلظة

وهذا مخالف لقوله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29].

5 - استحلالهم لدماء المسلمين بغير حق

وقد ظهر هذا جليًّا في قتلهم "عبدالله بن خباب بن الأرتِّ"، ابن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بغير ذنب ولا جريرة، واستحلالهم دماء غيره لمجرد عدم موافقتهم في منهجهم، أو مخالفتهم في فكرهم.


6 - ترويعهم الناس وقتالهم حتى للنساء

قال ابن كثير: "فجعلوا يقتلون النساء والولدان، ويبقُرونَ بطون الحبالى، ويفعلون أفعالاً لم يفعلها غيرهم"[40].

7 - تكفيرهم لبعض كبار الصحابة؛ مثل عثمان وعلي رضي الله عنهما.

8 - قولهم: إن الإمامة جائزةٌ في غير قريش، وبهذا القول قد خالفوا أحاديث رسول الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحدٌ إلا أكبَّه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال هذا الأمر في قريشٍ ما بقي منهم اثنان).

9- إنكارهم التحكيم.

وهو ما حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما من تحكيم.

10 - التبروء من الخليفتين الراشدين عثمان وعلي رضي الله عنهما.
11 - إسقاط حد الرجم عن الزاني، وإسقاط حد القذف عمن قذف المحصنين من الرجال دون من قذف المحصنات من النساء .
11 - إنكار بعضهم سورة يوسف، وهو من أقبح أقوالهم وأشنعها، وهذا القول ينسب إلى العجاردة منهم، حيث قالوا لا يجوز أن تكون قصة العشق من القرآن
12 - الخروج على الحكام إذا خالفوا منهجهم وفهمهم للدين
13 - تكفير أصحاب الكبائر
14 - القول بوجوب قضاء الصلاة على الحائض، فخالفوا النص والإجماع
ومن أوصافهم التحليق

كما ثبت في صحيح "البخاري" مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصفهم :( سيماهم التحليق ) والمراد به : حلق رؤسهم على صفة خاصة، أو حلقها بالكلية، حيث لم يكن ذلك من عادة المسلمين ولا من هديهم في غير النسك .


ومما سبق نستنتج الآتي

1 - أخي الكريم علي الله - بإذن الله - اعرض نفسك علي صفاتهم واعرض نفسي ، فنحن من ورثنا الإسلام بالبطاقة الشخصية ، لم نختره ديناً بل ورثناه ، وهذا من نعمة الله علينا ، ولكن الأمر يقتضي أن نفهم أنهم كما قال عنهم رسول الله ( كلاب أهل النار ) فهل عندي أو عندك أي صفات من صفاتهم ؟


2 - الرسول - صلي الله عليه وسلم - عندما وصفه الله تعالي - قال عنه من ضمن ما قال في مدحة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) وانظر رحمة للعالمين ( الإنس والجن) دخلوا في رحمة رسول الله ، والخوارج في كل زمان ومكان لم يدخلوا أهل الكبائر في رحمتهم ) كفروا وذبحوا وقتلوا في سبيل أفكارهم وعقيدتهم .

3 - وانظر لدقة قول الله تعالي ( إلا رحمة ) تعني أنه الإستثناء الوحيد المحتمل و ( إلا) آداة حصر وقصر أي لم يرسل الله تعالي نبيه إلا بالرحمة ، فما بال أقوام نزعت من قلوبهم الرحمة كما وأنهم هم من يملكون خزائن الجنة ، ويقذفون من يشاءون في نار الدنيا قبل نار الآخرة .

أخي الكريم: أعاذك الله أن تكون أنت أو أنا منهم ، وأن نلقي الله بقلب سليم هذه غاية الرجوع إلي الله ، مثل قوله تعالي ( إلا من أتي الله بقلب سليم ) وأنت خبير أن لكل شيء غاية ، وغاية الخروج من الدنيا ( هي الخروج بقلب سليم لا يحمل الغش أو الخداع أو الظلم أو يلوث بدم امرء مسلم أو حتي غير مسلم بغير حق )

( معركة النهروان)

العام الهجري: 37

الشهر القمري: ربيع الأول

العام الميلادي: 657

تفاصيل الحدث

بعد أن اتَّفَقَ فَريقُ عَلِيِّ بن أبي طالبٍ وفَريقُ مُعاويةَ على التَّحْكيمِ بعدَ القِتالِ الذي دارَ في صِفِّينَ وعاد كلُّ فَريقٍ إلى مَكانِه الأوَّلِ، فسار علِيُّ بن أبي طالبٍ عائِدًا إلى الكوفَةِ، وفي الطَّريقِ انْحازَت جَماعةٌ ممَّن لم يكونوا راضِينَ عن التَّحكيمِ وكانوا يَرَوْن أنَّ التَّحْكيمَ فقط لِكتابِ الله لا للرِّجالِ، فانصرفوا إلى حَرُوراءَ وبدأوا يَبُثُّون هذه الفِكرةَ، خارِجِينَ عن عَلِيٍّ مُنابِذِينَ له، فأرسَل إليهم عَلِيٌّ الرُّسُلَ يُناقِشونَهُم لَعلَّهُم يَثُوبون للحَقِّ، وكان مِن أولئك الرُّسُلِ ابنُ عبَّاسٍ، وعاد على يَديهِ قُرابةَ الألفي رجلٍ، ثمَّ سار عَلِيٌّ بِنَفسِه إليهم وحاجَجَهُم فرَجَعوا إلى الكوفةِ، ولكنَّهم بَقَوْا يَقولون: لا حُكْمَ إلَّا لله. وعَلِيٌّ يقولُ: كَلِمَةُ حَقِّ أُرِيدَ بها باطلٌ. ثمَّ لمَّا أراد عَلِيٌّ الخُروجَ للشَّامِ بعدَ فَشَلِ التَّحْكيم، بدأ الخَوارجُ يَتَسلَّلون مِن جَيشِه إلى النَّهْرَوان، فبدأوا بالفَسادِ فقَتَلوا عبدَ الله بن خَبَّابِ بن الأَرَتِّ مع نِسْوَةٍ آخَرين، فأرسَل عَلِيٌّ إليهم رسولًا فقَتلوهُ، ممَّا اضْطَرَّ عَلِيًّا للعَودةِ إليهم ومُقاتَلتِهم، فطلَب منهم تَسْليمَ قَتَلَةِ عبدِ الله فأَبَوْا وتَمَرَّدوا وبدأوا القِتالَ، فحارَبهُم عَلِيٌّ فأبادَهُم في النَّهْرَوان إلَّا اليَسيرَ الذين بَقوا بعدَ ذلك في الكوفةِ والبَصرَةِ يَنشُرون أفكارَهُم وهُم مُتَسَتِّرون.

الروابط

https://islamstory.com/ar/artical/3408105/%D8%B8%D9%87%D9%88%D8%B1-%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC

https://www.alukah.net/sharia/0/71277/%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D8%9F/

islamweb.net/ar/article/41305/الخوارج-محطات-تاريخية

https://www.islamweb.net/ar/article/66315/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D9%83%D8%A7%D8%B1

https://ar.islamway.net/article/79722/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D9%88%D9%86%D8%B4%D8%A3%D8%A9-%D9%81%D9%83%D8%B1%D9%87%D9%85







21 views0 comments

Recent Posts

See All

أيوب بن حبيب اللخمي

الألقاب أيوب بن حبيب اللخمي، هو خامس الولاة الأمويين في الأندلس، وابن أخت أول ولاتها موسى بن نصير من هو؟ أيوب بن حبيب اللخمي ( 716 – 716...

عبد العزيز بن موسى بن نصير

يعتبر بدايه ولايه عبد العزيز بن موسى بن نصير هي ميلاد عصر الولاه، عبد العزيز بن موسى بن نصير، هو أول ولاة الأندلس، في إسپانيا والپرتغال...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page