الدعوة السرية - الفردية -

بعد أن نزل قوله تعالى

يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ)

بدأ رسول الله يدعو سرا كل من وثق فيه إلى عبادة الله

وقد أخذت الدعوة في الثلاث السنوات الأولى طابع السرية حفاظًا عليها وكان أول من أسلم من النساء: زوجته خديجة التي وقفت بجانبه تصدقه و تأمن روعه وتهون عليه أمر الناس وكان أول من أسلم من الصبيان: على بن أبي طالب ومن الموالى :زيد بن حارثة ومن الرجال: أبو بكر الصديق : الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم (ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه كبوة إلا أبى بكر) دعوة أبي بكر الفردية بدأ أبو بكر يدعو من وثق به إلى الإسلام فأسلم على يديه الكثير من الأحرار والعبيد منهم عثمان بن عفان و الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله

هل كل من دخل الإسلام في البداية من العبيد والفقراء ؟

وبدأ المسلمون يدخلون أفرادا في دين الله ويحلو لكثير من المؤرخين القول بأن الإسلام في بدايته لم يجذب إليه إلا العبيد والفقراء ومن لا شأن لهم فى قريش أما عن أنهم عبيد فقائمة ابن هشام التى جاءت في عشر صفحات والمتضمنة لأسماء المسلمين في الدعوة السرية لا تجد فيها غير عشرة من الموالى والحلفاء من بين ثلاثة وخمسين شخصا, اما عن أنهم من الفقراء ومن لا شأن لهم في قريش فدونك بعض أسماء السابقين فى الإسلام, والحكم لك على مقدار ما كان لهم من نفوذ وثروة :

خديجة بنت خويلد رضى الله

عنها أول من أسلم على الإطلاق كان لها من المال والتجارة ما يجعلها تنافس أكبر تجارة قريش ويكفى ذكر اسمها ليدل على عظم ثروتها أما

أبو بكر الصديق

فكان أول الرجال إسلاما وكان صاحب تجارة واسعة ومال كثير وكان من رؤساء قريش فى الجاهلية وأهل مشورتهم وكان إليه أمر الديات والغرم فى الجاهلية وما يقضى به فى ذلك الشأن كانت قريش تعمل به وتنفذه, وبلغ رأس ماله فى الجاهلية أربعين ألف درهم أنفقها كلها في عتق رقاب العبيد المسلمين

عثمان بن عفان

فكان أكثر قريش مالا وأوسعهم تجارة وكانت تجارته إلي الشام تحمل فوق ما يزيد عن مائة بعير وكان إليه ولاية أيتام أهل بيته وإعانة فقيرهم وبارك الله له في ماله فجهز في الإسلام جيشا كاملا على نفقته الخاصة هو جيش العسرة

طلحة بن عبيد الله

فكان في تجارة رابحة ومال كثير وكانت تجارته تخرج إلى أسواق الشام والعراق ومن السابقين إلى الإسلام

الزبير بن العوام

وسعد بن أبى وقاص

أبو عبيده بن الجراح

أبو سلمة المخزومى

والأرقم بن أبى الأرقم

وصهيب الرومي

وخالد بن سعيد

وسليط بن عمر

وعمير أبى وقاص

وكثير غيرهم كانوا في ثروة واسعة أو على الأقل كانوا يحيون حياة كريمة في مجتمعهم وفات هؤلاء المؤرخين أن يفهموا طبيعة الدعوة الإسلامية التي إذا مست شغاف القلب تعلق بها صاحبه لا فرق بين غنى وفقير أو حر وعبد وكان السابقون يتلقون تعاليم دينهم سرا من نبيهم وِإذا أرادوا ممارسة شعائرهم خرجوا إلى شعاب مكة بعيداً عن أعين قريش ولما زاد عددهم اختار لهم رسول الله دار الأرقم ابن الأرقم ليجتمعوا بها وظلت الدعوة السرية حوالي ثلاث سنوات أسلم فيها حسب رواية ابن هشام ثلاثة وخمسين شخصا بينهم عشر نساء ومن حسن طالع المسلمين في هذه الفترة أن أسلم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أعز فتى في قريش وأشدهم شكيمة ولقب بأسد قريش

سبب تسمية حمزة بن عبد المطلب – رضي الله عنه - بأسد قريش

رجع يوما من صيده فعلم أن أبا جهل أعترض محمد ابن أخيه وآذاه وشتمه وسب دينه فغضب وذهب إلى أبى جهل فضربه بقوسه ضربة شديدة شجت رآسه وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول, فرد ذلك على إن استطعت, فقام رجال من قريش لينصروا أبا جهل فقال لهم: دعوا أبا عمارة (يعنى حمزة) فأنى والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا, وأسرع حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: اشهد أنك الصادق, فاظهر يا ابن أخي دينك فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأنى على ديني الأول, وكان إسلام حمزة فاتحة خير لرسول الله صلى الله عليه و سلم إذ عرفت قريش أن محمد قد عز وامتنع بإسلام حمزة فكفوا عن سبه, وكان حمزة ممن أعز الله بهم الإسلام

نستفيد مما سبق التالي

1 - الرسول – صلي اله عليه وسلم يقول ( بلغوا عني ولو آية) ونحن أعدادنا كمسلمين مليار ونصف تقريباً والعدد في تزايد ، لو كل مسلم عمل بهذا الحديث لكان أعداد المسلمين في تزايد أكثر وأكثر ، والحقيقة أن الله تعالي – لا يعبأ بالكثرة مطلقاً فهو ينظر للقلوب التي في الصدور ولا يهمه أشكالنا أو صورنا أو ما غيرنا في ديننا ونياتنا أو مهما تحولنا إلي مذاهب وشكليات ، يهمه ما نحن عليه حقاً ، والله – تعالي – لا يحابي أحد من خلقه فنحن لسنا أولاد الله ولا أحباؤه بل من يذنب يتحمل أعباء ذنبه مثل أخيه في الإنسانية

. 2 – الدعوة الفردية: بإختصار تقول لك: أنت ومكانتك في المجتمع ، وماذا يعني هذا ؟ هل يحبك الناس ؟ هل يستمعون منك؟ هل يتقبلون ما يسمعونه منك؟ وكلما زادت مكانتك الإجتماعية والقبول في وسط الناس كلما تبعك أكابر القوم وهذا ما يدلنا عليه المقال الذي بين أيدينا ، انظر كم واحد من أثرياء قريش ووجهاءها أسلم فقط علي يد التاجر الثري المسلم حديثاً ( أبو بكر الصديق – رضي الله عنه وأرضاه)

. 3 – اختار رسول الله – صلي الله عليه وسلم لما كثر عدد المسلمين بيت واحد من الوجهاء ( الأرقم ابن أبي الأرقم) وفي هذا إشارة إلي أن الرسول كان أول من بدأ في الجاهلية ما نسميه الآن بالصالون الثقافي – إن صح التعبير – حيث كان العرب في جاهلية مطبقة وأغلبهم لا يعرفون القراءة والكتابة ومن يعرف القراءة والكتابة لا يتعدون عدد أصابع اليد الواحدة فينزل عليهم أول كلام ( اقرأ) والقرآن ليس كلام يدغدغ المشاعر مطلقاً ، وخاصة القرآن المكي كله يخاطب العقل والعقل وفقط ، وانظر لكل من كان يذهب للأرقم في بيته هل يتسم إلا بالعقل والرشد في هذه الآونة باعتراف المجتمع وليس بإعتراف أهل الإسلام

4 – بيت الأرقم: عنوان للصالون الديني الذي يحدث في كثير من بلاد المسلمين بفضل الله – تعالي – ولكن هل تعرف أن في بعض البلدان هذا ممنوع ولو كان العدد 3 أفراد فقط منهم الداعية وليس فقط علي المسلمين بل علي المسيحين وأي نوع من أنواع الديانات ، ومن يفعل ذلك يسيء إلي مواطنته وربما تعرض للتعذيب الشديد ، فإذا كنت ممن أنعم عليه القدر بفتح صالون ديني في بيته مصداقاً لقوله تعالي ( واجعلوا بيوتكم قِبلة) أن تتذكر إخوانك المسلمين في مثل هذه البلدان ولتجعل لهم صدقة لأنهم لا يستطيعون ما تستطيعه أنت

. 5 – هل الإسلام يعتبر أيدلوجي ( منهج فكري) ؟ لا بالطبع هو منهج رباني هودين، لكنك لو فكرت وجدت أن الغرب اليوم يعبد الفكرة ، وكلما كانت الفكرة خلاقة وتأتي إليه بالنفع كان بها أوثق ، وخاصة إذا كانت الفكرة تعطي ولا تأخذ ، أما الإسلام فيأخذ منك أكثر مما يعطيك ، ربما استغرق ذلك عمرك كله ، يعطيك بركة يعطيك ربما توفيق في الحياة ، ربما حياة طيبة ليس أكثر أما العيش في الإسلام الحقيقي عيش الآخرة ، ولذا من يدخل الدين الإسلامي يدخله بعقله قبل قلبه ويدخله طواعية ليس بأمر أو حتي ترجي أحد ، فالحمد لله علي دين لا يذهب بعقولنا بعيداً عنا

دراسات ذات صلة

كيف تنشر "الأفكار البطيئة" - تحدث إلى الناس المحادثات

وليس الوصفات الطبية أو العلاقات العامة ، هي العوامل الحقيقية لتغيير قواعد اللعبة لأن الثورة المفاهيمية تدور حول "الأفكار البطيئة". التنمية البشرية كنشاط اجتماعي "أصبح" مدى الحياة ، أداء ولعب لخلق أنفسنا ، علاج إبداعي غير تشخيصي ، تعليم يعيد التطور والتعلم معًا ، قوة المجموعات و "حكمة الجماهير" - هذه هي أفكار كبيرة ، لكنها غير مرئية لمعظم الناس. إنها تتطلب التضحية بشرعية الممارسات المعينة مؤسسيًا "الأفضل- (تصبح" فقط "في بعض المهن)". لقد تحدثت مع الناس عنهم منذ سنوات. ربما عليك.

من خلال هذه الدراسة التي بين أيدينا نفهم أن قوة المجموعات وثقافة الجماهير تأتي من نقل أفكارك الإبداعية التي تؤمن بها لغيرك مهما كانت بطيئة إلا أنها فعالة

الروابط

http://www.alsiraj.net/sira/html/page13.html https://www.alukah.net/sharia/0/97847/ https://www.psychologytoday.com/intl/blog/conceptual-revolution/201308/how-spread-slow-ideas-talk-people