top of page

دستور يهود بني عوف

وفاء رسول الله بالعهد

عقد رسول الله r المعاهدات بينه وبين كل الطوائف غير المسلمة في عصره، فكان وفيًّا بكل ما عاهدهم عليه امتثالاً

لقوله تعالى:

{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلاَ تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91].

على هذه المبادئ سارت حياة رسول الله r، بل وربَّى أصحابه عليها، فقال رسول الله r: مُعَلِّمًا إياهم قيمة الوفاء بالعهد: "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلاَ يَشُدُّ عُقْدَةً، وَلا يَحُلُّهَا، حَتَّى يَنْقَضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ"

والوفاء بالعهد والمعاهدات واجب ديني يُحَاسَب عليه المسلم أمام ربه؛ وحول هذا المعنى

يقول الشيخ محمود شلتوت

مُبَيِّنًا قيمة المعاهدات عند المسلمين: "الوفاء بالمعاهدة واجب ديني، يُسأل عنه المسلم فيما بينه وبين الله، ويكون الإخلال بها غدرًا وخيانة"

معاهدة رسول الله مع يهود المدينة

عقد رسول الله r المعاهدة مع يهود المدينة بعد هجرته إليها مباشرة وفي أوائل أيامه بها؛ مما يدل دلالة قاطعة على فكره التعايش ورغبة رسول الله r في مسالمة غير المسلمين، وقد جاء في نصوص المعاهدة ما يلي:

1- أن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم
بني عوف

كان بني عوف قبيلة عربية أرادت الاستقرار في تيماء التي كان يحكمها اليهود. أصر سكانها اليهود عليهم تبني اليهودية كشرط للاستقرار في تيماء. بعد قيامهم بذلك انتقلوا إلى يثرب

أمة

جَمَاعَةٌ مِنَ النَّاسِ تَجْمَعُهُمْ رَوَابِطُ تَارِيخِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ، قَدْ يَكُونُ فِيهَا مَا هُوَ لُغَوِيٌّ أوْ دِينِيٌّ أوِ اقْتِصَادِيٌّ وَلَهُمْ أهْدَافٌ مُشْتَرَكَةٌ فِي العَقِيدَةِ أَوِ السِّيَاسَةِ أَوِ الاقْتِصَادِ

الموالي

الموالي" ومفردها "مولى" على الخدم في الذين يعملون عند المسلمين العرب، ويفترض أن يكون المولى مسلماً أو غير مسلم، كما أن المولى غير المسلم أو المسلم يعتبر حراً إلا أنه يفترض به أن يكون موالياً مطيعاً لمن كان سيده وأعتقه بعد الإسلام، لأن العبد بعد إعتاقه في الغالب لا يكون لديه مكان يلجأ إليه فيطلب العمل لدى سيده كمساعد له ويطلق عليه "مولى" بدلا من كلمة "خادم" لأنه ليس خادما بل مساعد أو نصير.

انظر

يهود بني عوف أمة: جماعة كبيرة لها هدف أو أهداف مشتركة مع من ؟ مع المؤمنين ( درجة أعلي من الإسلام) ، لليهود دينهم ، وللمسلبمين دينهم، مواليهم: العبيد المحررين وأنفسهم ، أي أن اليهود ومواليهم وأنفسهم والمسلمين ومواليهم وأنفسهم أمة ضد من أي أحد يعادي كل هؤلاء ومن يقدر؟ هي علاقة قوية مع من ؟ مع يهود بني عوف ... أذكرك بقوله تعالي ( ليسوا سواءا)

2- وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم‏

اليهود لهم نفقتهم والمسلمين لهم نفقتهم ماذا يعني هذا؟ أنت خبير أن لكل دين طريقة في إنفاق الأموال سواء علي النفس أو علي الآخرين ، فالإسلام له خطة محكمة لإنفاق الأموال علي النفس وعلي الزوجة والصدقة والزكاة ، المسيحين لهم إنفاق العشر وغير ذلك ، ولذا إعطاء كل أمة منهم ( أمة الإسلامية ) و ( الأمة اليهودية) حرية الإنفاق علي طريقتهم الخاصة هو نوع من الإنصاف والعدل وحسن المعاشرة بل و ترك خصوصيات الناس لحكمهم الخاص معرفة لفقه الحياة وأن أخذ الأموال عنوة يولد الشر في النفوس .

3- وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة‏

هل هذا البند مكرر مع البند الأول؟ لا بالطبع، ففكر الأمة ممكن يكون إتحاد سياسي أو اقتصادي أو رزاعي او تجاري - ارجع ببصرك للمعني اللغوي لأمة، هنا بدأت حرب ضد المسلمين واليهود ولا يسموا هكذا وقتها بل يُسموا أهل المدينة فمن يحاربهم لن يحارب محمد - صلي الله عليه وسلم - وصحبه وفقط بل سيحارب معهم يهود بني عوف ... من الذي ممكن يحارب إذن ؟ ممكن يكون مسيحين - مشركين - صابئين أو مجوس كل هؤلاء كانوا يعيشون في المدينة وإتحاد رسول الله مع مجموعة من اليهود ( بني عوف ) وغيرهم هي إتحادات معروفة الآن كما اتحاد مصر وسوريا في السابق أو مصر والسودان أو حتي الإتحاد الأوربي ولكن هذا مع كيانات أضخم وأكبر ولكن سبقهم رسول الله ب 1440 عام فقط.

4- وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم‏
ما الفرق بين النصيحة والبلاغ؟

البلاغ: أنت تخاطب عقل من أمامك وأنت تذكره بالعواقب

النصيحة: أنت تخرج شيء من قلبك لتوصله لقلب من أمامك

النصح: نَصَحَ الشيءُ نَصْحاً، ونُصُوحًا، ونَصَاحةً: خَلَصَ

البر: ير واتساع في الإحسان، فَضْل، صدق، طاعة، صلاح، عطاء، كلمة جامعة لكلِّ صفات الخير كالتَّقوى والطَّاعة والصِّلة والصِّدق- كل أنواع الخير

الإثم: ما حاك في صدرك وكرهت أن يضطلع عليه الناس

ارجع مرة أخري لبند رسول الله مع بني عوف: بينهم النصح والنصيحة والبردون الإثم: هل هذا بند سياسي!!!أم أخلاقي؟ إن كان كذلك فهل سمعت في المعاهدات الدولية بمثله!!! إنه حقاً رسول الله - صلي الله عليه وسلم

5- وأنه لا يأثم امرؤُ بحليفه‏

الإثم: ما حاك في صدرك وكرهت أن يضطلع عليه الناس

الحَلِيفُ : المتعاهدُ على التناصر

عهد علي التناصر: أي علاقة هذه؟ أي سلام وتعايش لا ذوبان في المجتمع الإسلامي الأول ؟ أي سلام مجتمعي تري بعقلك هذا النوع من السلام المجتمعي .

اليوم: في نهاية القرن الواحد وعشرون: هل تعرف يهود ؟ هل تستطيع أن تقول علناً أن لك علاقة بيهود؟ هل لو لم يعادوك في دينك ممكن أن تكون حليف لهم؟ وتنصحهم وتقدم لهم أنواع البر الشتي كما جاء في البند السابق؟ هذه سنة رسول الله إن كنت تريد أن تقتدي به حقاً .

6- وأن النصر للمظلوم‏

أتعلم معني stereotypes هي الأفكار النمطية: .. التفكير النمطي هو التفكير الذي يتبعه الشخص أو الأشخاص اعتمادا على الأفكار الجاهزة (يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية)

هل عندي وعندك كمسلمين أفكار نمطية عن اليهود مثل ( قتلة الأنبياء - ناقض المواثيق وغيرها) أليس كذلك؟ أتتذكر قوله تعالي ( ليسوا سواءا) وانظر علي ما عاهدهم رسول الله - صلي الله عليه وسلم هنا في هذه المعاهدة: النصر للمظلوم: هؤلاء قتلة أطفالنا وأخواتنا ووو ، انصر يهودي إن رأيته في وضع مظلوم!!!! هذا غريب إلا أن يكون بينك وبينه تحالف.

7- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‏
انظر

الإنفاق جاء مرتين: مرة أن لكم أموالكم وللمسلمين أموالهم في البند الثاني، وهنا إنفاق ولكن من نوع آخر وقت الحرب ووقت تجهيز الجيوش، والسؤال هل ممكن أن يكون هناك يهود ليسوا بنو عوف هم من يهاجمون المسلمين: هل وقتها بنو عوف يحاربون إخوانهم اليهود من أجل التحالف؟ أو العكس: هل يحارب بعض المسلمين بنو عوف فيحارب المسلمين: مسلمين مثلهم؟ بالطبع هذا مجرد افتراض لكن تساؤل للتفكير؟

في البند الثاني ترك لهم أموالهم، لكن في هذا البند أموالك كيهودي معي كمسلم مالاً أمامه مالاً منك ولا تنصل من هذا البند لأنه حلف من الأحلاف الكبيرة بل أول حلف يقدمه المسلمين في وقت عزهم ومجدهم .

8- وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة‏.

الجَوْفُ من كل شَيءٍ: باطنه الذي يقبل الشَّغْل والفراغ

والحرم هو ما لا يحل انتهاكه، فلا يقطع شجره ولا يقتل صيدها، فهذا البند يحدد حرم المدينة، ويضمن الأمن فيها، ويضع حداً للاضطرابات والمشاكل التي تهدد السلم والأمان

9- وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن مردَّه إلى الله U، وإلى محمد رسول الله r‏.

إذن هناك معيار عند الخصومة ، وبما أنها سياسة فنستطيع تسميتها المحكمة الدستورية العليا ، أي لا أحد يحكم بعدها وحكمها نافذ

10- وأنه لا تُجَارُ قريشٌ ولا مَن نَصَرَهَا‏

يختص بالتعامل بين اليهود والمشركين، وعدم السماح لهم بمخالفة قريش وغيرها من القبائل المعادية للإسلام.

11- وأن بينهم النصر على من دَهَم يثرب‏.‏‏.‏ على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبَلَهُمْ‏

لا يجوز حماية قريش وكفارها وأموالها ولا من ناصرهم وأيدهم ضد المسلمين.

12- وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم‏‏

أي أن هذا الكتاب المقصود به الدستور الجديد لا يدافع عن ظالم أو آثم حتي لو كان من أهل هذا الحلف سواء يهود بنو عوف أو المسلمين. والله أعلم.

الروابط

https://www.islamstory.com/ar/artical/275/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF

https://e3arabi.com/%D8%A7%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A3%D9%88-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%83%D8%A7%D9%86%D8%AA/

https://ar.islamway.net/article/29163/-4-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%86%D9%88_%D8%B9%D9%88%D9%81

http://site.eastlaws.com/Dostor/DostorElmadina/Dostor_Elmadian_Show


1 view0 comments

Recent Posts

See All

حُمي المدينة

مرض المهاجرين بحمى المدينة حاول رؤساء قريش منع المسلمين من الهجرة إلى المدينة لكنهم استطاعوا الهجرة بعد بضعة أسابيع وقد اعتاد المهاجرون...

أول خُطبة جمعة في المدينة

خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة هذا نص الخطبة التي خطبها رسول الله ﷺ في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page