السورة
مكية
عدد آياتها 30
آية
الترتيب في المصحف
التاسعة والثمانون
ترتيب النزول
العاشرة نزلت بعد سورة “الليل”
محتويات السورة
تشير إلى أنها نزلت في المرحلة التي بدأ يحصل فيها اضطهاد المسلمين الجدد في مكة. لهذا تحذر السورة أهل مكة من أن يصيبهم العذاب الأليم كما حصل من قبل لأقوام عاد وثمود وفرعون.
وَٱلۡفَجۡرِ (1)
فأقسم تعالى بالفجر، الذي هو آخر الليل ومقدمة النهار، لما في إدبار الليل وإقبال النهار، من الآيات الدالة على كمال قدرة الله تعالى، وأنه وحده المدبر لجميع الأمور، الذي لا تنبغي العبادة إلا له، ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.
إطلالة حول الآية
الناس عادة لا يقسمون إلا بعزيز عليهم - سواء كانوا صادقين أو كاذيسن ليعطوا لكلامهم نوع من المصداقية ، الله - تعالي - لا يحتاج إلي ذلك ، ومع ذلك هو يقسم في القرآن كثيرا ، مما يدعو للدهشة ، يبدو أن الأمر يريد منه الله - تعالي - الإنتباه لما يقسم به ، هنا في هذه الآية ، الله - تعالي - يقسم بالفجر ، لذا لابد من جود فوائد لهذه الساعات القليلة من اليوم ، فالفجر حتي طلوع الشمس سويعات قليلة ، تكاد لا تحسب من 24 ساعة اليومية ، بعد قليل: ستجد بين يديك قيمة الفجر علي الجسد البشري وتعرض الإنسان لهذه السويعات وفائدتها
فوائد الأوزون
الأوزون هو غاز مكون من ثلاث ذرات أكسجين (O3). يحدث بشكل طبيعي بكميات صغيرة (ضئيلة) في الغلاف الجوي العلوي (الستراتوسفير). يحمي الأوزون الحياة على الأرض من أشعة الشمس فوق البنفسجية. في الغلاف الجوي السفلي (التروبوسفير) بالقرب من سطح الأرض ، يتكون الأوزون من التفاعلات الكيميائية بين ملوثات الهواء من عادم المركبات وأبخرة البنزين والانبعاثات الأخرى. عند مستوى سطح الأرض ، تعتبر التركيزات العالية من الأوزون سامة للإنسان والنباتات.
تكون أعلى نسبة لغاز الأوزون (O³) في الجو
عند الفجر وتقل تدريجياً حتى تضمحل عند طلوع الشمس حيث ثبت حديثاً أن غاز الأوزون – وهو أحد نظائر الأكسجين الموجود في طبقات الجو العليا لحماية الأرض من بعض الإشعاعات الضارة – ينزل إلى الطبقات الدنيا الملامسة لسطح الأرض عند الفجر ثم يرتفع مع شروق الشمس . وقد دهش الاطباء لآثاره العلاجية العجيبة . فهو يشفي من كثير من الأمراض النفسية والجسدية و ليس له أية آثار جانبية.
ولهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي ومنشط للعمل الفكري و العضلي بحيث يجعل ذروة نشاط الإنسان الفكرية والعضلية تكون في الصباح الباكر وقد ثبت أن حقن الأوزون يمكن أن تعطي الجسم نشاطاً هائلاً وتشعره بسعادة كبيرة ولهذا يستشعر الإنسان عندما يستنشق نسيم الفجر المسمي بريح الصبا لذة ونشوة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل..
أهمية ضوء الشمس من الفجر إلي ساعات النهار الأولي من اليوم
القليل من ضوء النهار يقطع شوطًا طويلاً. ولكن ماذا يفعل ضوء الشمس لنا ، وماذا نفتقد عندما نكون عالقين في الداخل؟
تسترشد أجسامنا بالإيقاعات اليومية ، ودورات 24 ساعة في بيولوجيتنا وسلوكنا الذي يجعلنا نشعر باليقظة أثناء النهار والنعاس في الليل.
يساعد التعرض لأشعة الشمس في الصباح على إبقاء إيقاعاتك اليومية تعمل بشكل صحيح ، وقد ارتبطت بتحسين نوعية النوم وانخفاض درجات الاكتئاب. كما أن نفس الـ ipRGCs التي تغذي الساعة الرئيسية للدماغ تتصل أيضًا بالمهاد ، وهي منطقة دماغية مرتبطة بالحالة المزاجية.
وهناك سبب مهم آخر للحصول على الكثير من أشعة الشمس: فيتامين د. عندما يضرب ضوء الشمس بشرتك ، فإنه يحول الكوليسترول إلى فيتامين د ، مما يساعد على بناء عظام قوية ، ويلعب دورًا مفيدًا في نظام المناعة لدينا.
ثبت أن مرضى المستشفى يتعافون بشكل أسرع عندما يكون لديهم وصول أكبر إلى ضوء النهار ، ويعتقد الباحثون أنه قد يزيد عدد الخلايا المناعية التي تتجمع للشفاء من الإصابة.
هناك أيضًا بعض الأدلة على وجود صلة بين مستويات فيتامين (د) وبعض أنواع العدوى الفيروسية ، بما في ذلك الإنفلونزا و Covid-19. لكن هذا ليس قطعًا واضحًا.
فيتامين د مهم لعظامنا والكثير منا ببساطة لا يحصلون على ما يكفي. يظهر هذا بشكل خاص في أشهر الشتاء ، عندما لا يكون هناك ما يكفي من ضوء الشمس لإنتاج الفيتامين في بشرتنا ، خاصة للأشخاص في خطوط العرض العليا وذوي البشرة الداكنة.
أهمية الفجر والشفق علي بعض الحيوانات
تكون العديد من الحيوانات المفترسة أكثر نشاطًا في ساعات الذروة من ضوء النهار والظلام ، لذلك فإن الحيوانات مثل الأرانب التي تعد فريسة لعدد لا يحصى من الحيوانات آكلة اللحوم ، تنشط خلال ساعات الشفق عندما تكون الحيوانات المفترسة متعبة بالفعل من ليلة الصيد أو تستيقظ للتو. بالإضافة إلى ذلك ، من الصعب أن نرى خلال هذه الساعات ، حقيقة تمنح أنواع الفرائس ميزة إضافية في الاختباء من الحيوانات المفترسة أو الهروب منها.
الشاهد من كل ما سبق
إن الله - عزوجل - عندما يقسم بشيء ، لا تقرأها تعبداً وتقف ، بل ابحث لماذا أقسم بها ، فهو لا يقسم إلا بعزيز، وهنئياً لمصلي الفجر لإستنشاقهم هذا الغاز الغالي الثمن وعالي الجودة ليس لتنظيف الرئة وحسب بل يستخدمونه في المستشفيات لعلاج حالات جسدية شبه ميئوس منها .
وَلَيَالٍ عَشۡرٖ (2)
وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام.وفي أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعرفة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة لأن يقسم الله بها.
إطلالة حول الآية
كما أن هناك ليلة قدر ، ففي حياتنا العادية ليال مضيئة منيرة لنا دروب الحياة ، وهناك ليال مظلمة ولو كنا في الصيف ، ظلمة المشاكل وتحديات الحياة ، ونحن نفهم هذا ونحن بشر ، فما بال الله - تعالي - يقسم الدهر إلي أيام شريفة وأيام غير ذلك وأيام بين بين ، من الليال الشريفة هذه الليال التي اختلف فيها العلماء - أي من كان منهما ( ليال 10 الأخيرة من رمضان أو الأخري كأقوال العلماء ) إلا أن الأرجح أنها ليال رمضان ، لأن فضل 10 ذي الحجة فضلها في نهارها أكثر من ليلها والله بالطبع أعلي وأعلم . ، والله - تعالي - يقدر من يقدر محارمه وأفضاله في الزمن .
وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ (3)
وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ
فضل صلاة الوتر
وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرْآنِ»
قال النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِرَكْعَةٍ»،
كيف تصلى صلاة الشفع والوتر؟
يجوز للشخص أن يُصلي ركعات الشفع والوتر متصلة كهيئة صلاة المغرب، أي بأداء ركعتين ثم تشهد أوسط ثم ركعة وبعدها التشهد الأخير ثم التسليم، ويمكن أداء صلاة الشفع والوتر بثلاث ركعات متصلين دون تشهد أوسط ، وتكون صلاته صحيحة، والأفضل أن يؤدي المُصلي ركعتين ويسلم، ثم يُصلي ركعة مفردة، لكن الثلاث هيئات لصلاة الشفع والوتر هي صحيحة شرعًا.
أما لماذا الله يقسم بهما ؟
الله يعلم مراده من عباده ، ولكن : لكل شيء نهاية وختام - عكذا تعلمنا من الحياة ، فاليوم الذي بدء بالصلاة ينتهي بصلاة خفيفة تغلق اليوم بكلمات الله بالتسبيح في ركعتي الشفع وتختم بالحفظ بسورة الإخلاص والمعوذات ، بالطبع الله أعلي وأعلم .
وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَسۡرِ (4)
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } أي: وقت سريانه وإرخائه ظلامه على العباد، فيسكنون ويستريحون ويطمئنون، رحمة منه تعالى وحكمة.
إطلالة حول الآية
أهمية دورة الليل / النهار في الحياة
فوجئ باحثو جامعة جنوب كاليفورنيا مؤخرًا باكتشاف مدى تأثير شروق الشمس وغروبها على الحياة على الأرض - حتى في الأماكن غير المتوقعة
"كل شيء مرتبط بتناوب الكوكب ،"
في جميع الكائنات الحية ، يكون قدرًا معينًا من التعبير الجيني (العملية التي يتم من خلالها تكوين المنتجات من المخطط الموجود في الجينات) إيقاعيًا. في الكائنات التي تعيش على الأرض ، ليس من المستغرب أن يكون هذا الإيقاع مرتبطًا باليوم المكون من 24 ساعة ، والمعروف باسم الدورة اليومية.
بلح البحر - الذي اختارت Gracey دراسته -
يقضي بدلاً من ذلك حياته بأكملها في أصداف داكنة في منطقة بين الأرض والبحر ، مغمورة أو مكشوفة اعتمادًا على المد والجزر. يعتمد معظم نشاطهم البدني على دورة المد والجزر. عندما يتعرض بلح البحر للهواء ، فإنه يغلق أصدافه ويتحول إلى التمثيل الغذائي اللاهوائي ، ويتضور جوعا للأكسجين ، وعندما يغطس في الماء ، يتنفس ويتغذى.
للمزيد: يمكنك تتبعه في الرابط أدني
والشاهد
كما تعودنا من الحياة: أن لكل شيء ختام وإلا أصبح لا أمل في الحياة ، فالنهار لابد له من ليل لينقضي الزمن ونتوقع مع بزوغ كل فجر جديد الرحمة والفضل والنعمة ، والليل ليس إحساس معنوي فحسب بل هو مما نحتاج إليه ليس كإنسان فقط ، بل الكائنات جميعاً حتي الكائنات البحرية التي تتأذي كثيراً بالأنوار الإصطناعية القريبة من البحر عند الفييل والشاليهات وإنارة الطريق وغيرها ، فالليل نعمة من نعم الله ، ودخوله بيسر رحمة لأن التشقلب من حال إلي حال ( إضاءة شديدة إلي ظلمة شديدة ) مفاجأة قد لا تتحملها بعض الحالات المريضة ، بالإضافة إلي أن بعض البلدان تختبر 6 شهور ليل و6 شهور أخري نهار وهو يعتبر عذاب إلي حد ما إلا أن الجميع يتأقلم مع ظروفه ، فقد ينخفض فيتامين د إلي حد بعيد في هذه الشهور بسبب عدم التعرض للشمس .، وهناك بلدان أخر لا تغيب فيها الشمس مطلقا كالدول الفنلندية بعض الوقت من السنة .
هَلۡ فِي ذَٰلِكَ قَسَمٞ لِّذِي حِجۡرٍ (5)
{ هَلْ فِي ذَلِكَ } المذكور { قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } أي: [لذي] عقل؟ نعم، بعض ذلك يكفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
إطلالة حول الآية
أصحاب العقول الذين يعرفون الله - عزوجل - بمكانة عند الله ، ليس شرط أن يكونوا علماء ، بل يشترط أن يكونوا عقلاء ، فليس كل الناس علماء ، لكن النسبة الأكبر تكمن فيمن يملك العقل ويستخدمه حق الإستخدام ولا يركنه إلي حين ميسرة ، هذا الجزء من القرآن ( الجزء الثلاثون ) من القرآن المكي الذي جاء في فترة الشدة والتعب عند المسلمين ، حيث الإضطهاد وعدم المنعة والنصب، وفقدان المال والأهل والولد في سبيل الله وغيرها من الشدائد ، والله - تعالي - لا يتحدث عن شدائدهم إلا قليل ، ويرتفع بخيالهم وعقولهم لأوسع من مشاكلهم القصيرة الأجل مهما طال عمرها بالنسبة لعمر الزمان ، لماذا؟ ليعلموا أن هذه الحياة الدنيا قصيرة بالمقارنة بالآخرة ، ليعلموا أن من يضحون من أجله بالأهل والمال والولد أحيانا ، يستحق هذه العبادة ، ويستحق التقدير - سبحانه وتعالي - .والله أعلي وأعلم .
أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ (7) ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ (8)
بقلبك وبصيرتك كيف فعل بهذه الأمم الطاغية، { إِرَمَ } القبيلة المعروفة في اليمن { ذَاتِ الْعِمَادِ } أي: القوة الشديدة، والعتو والتجبر، أي: مثل عاد { فِي الْبِلَادِ } أي: في جميع البلدان [في القوة والشدة]، كما قال لهم نبيهم هود عليه السلام: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
إطلالة حول الآية
قلنا ونقول دائما إلي ما شاء الله : أن لفظ ( ألم تر) لابد من الإنتباه إليه لماذا؟ نضرب لذلك مثال: لو أنت تسير في حالك جاداً في طريقك ، ثم أوقفك أحدهم وقال لك: انظر ماذا يأتي من بعيد ؟ ورأيته جاداً في كلامه، ألأا تنظر إلي ما يوجه نظرك إليه ؟ بالطبع تفعل ربما يحذرك من شر، الله - تعالي - يوجه بصرنا لشيء لم نراه ولن نراه إلا ربما في الآخرة عندما نطلب من الله - تعالي - أن يرينا مصائر الأقوام التي كانت من قبلنا في الجنة كنوع من التسلية والحمد علي نعمة الجنة - جعلنا الله من أهلها - لا لشيء إلا للإتعاظ والرؤية برؤيا الله ، لا بأعيننا القاصرة عن الحكمة وعن أبعد مما تراه من الأحداث ، هؤلاء قوم كانوا معروفين بالأبنية الشاهقة ، لا نقول ناطحات سحاب - كما اليوم - ولكن نقول هذا بإمكانات زمانهم - لم تكن قليلة علي الإطلاق، ثم يعقب الله - تعالي - أنها مما لم يخلق الله مثلها في البلاد ، وقتذاك ، فعندما تقرأ هذا اسرح بخيالك لما يحدث الآن ، فالصين اليوم تبني بناية شاهقة في 3 أيام فقط ، لا تستعجب من ذلك فهم فعلوها، وهم زرعوا السحاب، هم وغيرهم، حتي أن الإمارات بدأت في استجلاب الأمكطار الإصطناعية ، وغيرها من عجائب الأمور ، فلماذا تستعجب أن هذه الأبنية العادية بالنسبة لنا الآن، لم تكن عجيبة من عجائب الدنيا وقتها .
وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ (9)
{ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ } أي: وادي القرى، نحتوا بقوتهم الصخور، فاتخذوها مساكن.
إطلالة حول الآية
وهذه الآية عطف علي الآية السابقة أي لازلنا في رحاب ( ألم تر ) قوم آخرين فعلوا الأعاجيب في زمانهم ، وقوم صالح - عليه السلام - كان يحدثهم في المكيال والميزان وأن يتقوا الله في إنفاق المال، وهم أخذتهم النشوة بأفعالهم من نحت الصخر حتي يعيشوا فيها في قصور وأبنية فخمة ضخمة ، واليوم المصريين بنوا الجبال وأقاموا فيها ليس الأبنية الضخمة وحسب بل مجمعات سكنية عالية الجودة والمستوي المعيشي، فما حدث أمس يحدث اليوم بمستحدثات العصر ، لذا لا تقرأ آيات الله - تعالي - علي انه يحدثك عن شيء حدث وانتهي في غابر الزمان، وتقول لنفسك لماذا يحدثنا الله عن مثل هذه الأشياء؟؟ بل انظر حولك الآن لتعلم أنه إذا أردت أن تعرف ما هو آت فلتنظر إلي ما فات فإن الأمور متشابهات .
وَفِرۡعَوۡنَ ذِي ٱلۡأَوۡتَادِ (10)
الجنود الذين ثبتوا ملكه، كما تثبت الأوتاد ما يراد إمساكه بها
إطلالة حول الآية
الوتد هو الشيء الذي ينزرع في الصخر أو في الطين أو غيره مما تحت سطح الأرض ليثبت هذا الشيء ، ففرعون وقومه كانوا يثبتون تماثيلهم في الأرض ، وقد عُرفوا بذلك، لذا إلي يومنا هذا بعد مرور 7000 سنة علي بداية الحضارة المصرية لازالت تماثيلهم موجودة محفوظة حتي التي تتعرض لعوامل التعرية في الهواء الطلق .
ٱلَّذِينَ طَغَوۡاْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ (11)
هذا الوصف عائد إلى عاد وثمود وفرعون ومن تبعهم، فإنهم طغوا في بلاد الله، وآذوا عباد الله، في دينهم ودنياهم
إطلالة حول الآية
إن الله يعاقب علي الظلم والبغي أكثر ما يعاقب علي الكفر، فقد يؤجل كفرك به المؤقت أو الدائم ، المؤقت: إذا ألمت بك مشكلة فكفرت بالله - عياذاً به - ، والدائم: الكراهية والعدوان والتعدي علي كل مؤمن ليرجع عن إيمانه ، الإثنين ممكن يؤجلهما لك الله لحسابك في الآخرة ، لكن الظلم - البغي - التعدي علي الآخرين وحقوقهم في الحياة لابد أن تذوق ثمرة ظلمك في الدنيا قبل أن تغادرها ، والله أعلي وأعلم .
فَأَكۡثَرُواْ فِيهَا ٱلۡفَسَادَ (12)
{ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ } وهو العمل بالكفر وشعبه، من جميع أجناس المعاصي، وسعوا في محاربة الرسل وصد الناس عن سبيل الله.
إطلالة حول الآية
كثيرا ما يتحدث الله - تعالي - عن الفساد في القرآن ، وكلمة فساد توحي انها للآخرين ، فما أحد يحب ان يفسد حياته ابدا ، بل لا يهمه ربما إفساد حياة الآخرين ، لذا لا يعلق ذهنك بالفساد أنه المعاصي وحسب بل المعاصي التي تتعداك إلي غيرك ، مثل إستيراد دم فاسد ووضعه في المستشفيات العامة ، أو استيراد شحنة لحوم أو فراخ أو جبن أو غيرها انتهت صلحيتها لأنها رخيصة الثمن ، أو فساد بييئي أو فساد سياسي أو فساد اجتماعي أو غيرها مما يفسد حال الناس من حال جيدة إلي أخري سيئة سيحاسيبك الله عليها أشد الحساب في الدنيا قبل الآخرة ، لذا إذا مررت علي هذه الآيات ثم لم تعتبر مما يحدث اليوم وليس أمس فأنت غير معتبر بالقرآن ، والله أعلي وأعلم .
فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ (13)
فلما بلغوا من العتو ما هو موجب لهلاكهم، أرسل الله عليهم من عذابه ذنوبًا وسوط عذاب.
إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ (14)
{ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ } لمن عصاه يمهله قليلًا، ثم يأخذه أخذ عزيز مقتدر.
فَأَمَّا ٱلۡإِنسَٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَكۡرَمَنِ (15)
يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنه جاهل ظالم، لا علم له بالعواقب، يظن الحالة التي تقع فيه تستمر ولا تزول، ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه يدل على كرامته عنده وقربه منه
إطلالة حول الآية
هذا استخفاف عقل، هذه طفولة شريدة ، مثل أن تعطي قطعة حلوي أنا أحبك يا أبي، فإذا منعها منك أنا لا أحبك يا أبي ، بل هي الحياة بصعوباتها وتحدياتها ،فلم يبعد عن هذه التحديات كافر بل هو مأخوذ بما يؤخذ به أصحاب المشاكل ـ ولا يغررك فلان الثري الذي يشتري الشركات الكبري ويسير في طائات خاصة من بلد إلي بلد يتمتع بما وهبه الله مؤقتا، فلابد من الإيذاء ولو حتي النفسي ، فما سلمت الحياة لأحد أبداـ ولكننا وقت المشاكل الطويلة علي وجه الخصوص يستأثر بنا اليأس والإحباط وكراهية الأشياء من حولنا
وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ (16)
وأنه إذا { قدر عَلَيْهِ رِزْقُهُ } أي: ضيقه، فصار يقدر قوته لا يفضل منه، أن هذا إهانة من الله له.
كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡيَتِيمَ (17)
أي: ليس كل من نعمته في الدنيا فهو كريم علي، ولا كل من قدرت عليه رزقه فهو مهان لدي، وإنما الغنى والفقر، والسعة والضيق، ابتلاء من الله، وامتحان يمتحن به العباد، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل. وأيضًا، فإن وقوف همة العبد عند مراد نفسه فقط، من ضعف الهمة، ولهذا لامهم الله على عدم اهتمامهم بأحوال الخلق المحتاجين، فقال: { كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ } الذي فقد أباه وكاسبه، واحتاج إلى جبر خاطره والإحسان إليه.فأنتم لا تكرمونه بل تهينونه، وهذا يدل على عدم الرحمة في قلوبكم، وعدم الرغبة في الخير.
إطلالة حول الآية
للإنفاق علي التيتيم كما يحب الله ويرضي - انظر: وإذا وجدت تقصيرفي الملف: فرممه
وَلَا تَحَٰٓضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِينِ (18)
{ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين } أي: لا يحض بعضكم بعضًا على إطعام المحاويج من المساكين والفقراء، وذلك لأجل الشح على الدنيا ومحبتها الشديدة المتمكنة من القلوب.
وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلٗا لَّمّٗا (19)
{ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ } أي: المال المخلف { أَكْلًا لَمًّا } أي: ذريعًا، لا تبقون على شيء منه.
وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا (20)
{ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا } أي: كثيرًا شديدًا، وهذا كقوله تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى } { كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ } .
كَلَّآۖ إِذَا دُكَّتِ ٱلۡأَرۡضُ دَكّٗا دَكّٗا (21)
{ كَلَّا } أي: ليس [كل] ما أحببتم من الأموال، وتنافستم فيه من اللذات، بباق لكم، بل أمامكم يوم عظيم، وهول جسيم، تدك فيه الأرض والجبال وما عليها حتى تجعل قاعًا صفصفًا لا عوج فيه ولا أمت.
وَجَآءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفّٗا صَفّٗا (22)
ويجيء الله تعالى لفصل القضاء بين عباده في ظلل من الغمام، وتجيء الملائكة الكرام، أهل السماوات كلهم، صفًا صفا أي: صفًا بعد صف، كل سماء يجيء ملائكتها صفا، يحيطون بمن دونهم من الخلق، وهذه الصفوف صفوف خضوع وذل للملك الجبار.
إطلالة حول الآية
في الحياة الدنيا رأينا عروضاً تاريخية - لا تنسي - من تنظيمها وروعتها في الآداء والتنظيم وغيرها ، ألا تري معنا هذا المشهد: الناس يوم القيامة أصناف ، منهم من يغرق في عرقه إلي سحمة أذنيه ، ومنهم من يغرق في عرقه إلي ركبتيه ومنهم ومنهم، كل علي حسب عمله ، ويأتي الله - عزوجل - للحساب في هذه الأبهة والعظمة ، موكب عظيم ليعلم كل متجبر ومن كان يسير في مواكب في الدنيا ، أن هذا هو الفضل العظيم وهذا هو العرض الرباني الذي كنت به تستهزأ ولا تتخيل ، يا الله نسأل دخول الجنة بلا سابقة حساب ... آمين .
وَجِاْيٓءَ يَوۡمَئِذِۭ بِجَهَنَّمَۚ يَوۡمَئِذٖ يَتَذَكَّرُ ٱلۡإِنسَٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكۡرَىٰ (23)
{ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ } تقودها الملائكة بالسلاسل.
إطلالة حول الآية
أخرج الإمام أحمد في المسند عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَأُذُنَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، فَيَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ: بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنِ ادَّعَى مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، وَالْمُصَوِّرِينَ. وهو في المسند برقم: 8430، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين سليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو صالح: هو ذكوان السمان ـ وأخرجه الترمذي 2574، والبيهقي في الشعب6317، وفي البعث والنشور524، من طرق عن عبد العزيز بن مسلم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح، قوله: عنق من النار ـ أي: حزمة منها
الشاهد
هذه العنق - لا تستغرب وجودها - فما نراه اليوم من عجائب الأمور من سحر وغيره يفوق التصورات ، والنار من خلق الله، ولم يحرق بها ابراهيم - عليه السلام - فهذه العنق وظيفتها كما تقدم في الحديث الشريف ، تمسك بكل ( جبار عنيد - من أشرك مع الله - المصوريين " في الغالب النحاتين علي أشكل حقيقية تماماً أو يرجع فيه للفتوي ) وتخيل المشهد ، الجميع في حالة خوف شديد وغارقين في العرق والشدة ، ثم تأتي النار مسلسلة بالسلاسل ليراها الجميع المؤمنين والكافرين ، فإذا رآها الناس خروا علي ركبهم وهو قوله تعالي ( ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثم ينجي الله المؤمنين ((ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)) هكذا العتاة الظالمين يظلوا بداخلها ، لذا ابقي علي ظلمك كما أنت ، ابق علي طغيانك وظلمك ، لا تزاحم بالحسنات مقابل الشيئات تفضلا ، لنري عاقبة ظلمك للناس في الآخرة .
يَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي قَدَّمۡتُ لِحَيَاتِي (24)
يقول متحسرًا على ما فرط في جنب الله: { يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } الدائمة الباقية، عملًا صالحًا، كما قال تعالى: { يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } .وفي الآية دليل على أن الحياة التي ينبغي السعي في أصلها وكمالها ، وفي تتميم لذاتها، هي الحياة في دار القرار، فإنها دار الخلد والبقاء.
إطلالة حول الآية
يقول العامة: كلمة ياريت لا تعمر بيت ، لذا لا جعلنا الله وإياك ممن يقولها يوم القيامة ، فكأن الحياة هناك وليست هنا، وما تفعله هنا هو فقط تحضير العرض التقديمي لتعرضه يوم القيامة وبناء عليه ستم تخرجك من اليأس والإحباط والبلاء إلي العافية والجنة ومجاورة الله والنبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا ، وأما إذا كان عرضك التقديمي ليس محضر جيداً فأنت جربت ذلك في الدنيا .
فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ (25)
{ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ } لمن أهمل ذلك اليوم ونسي العمل له.
وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ (26)
{ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } فإنهم يقرنون بسلاسل من نار، ويسحبون على وجوههم في الحميم، ثم في النار يسجرون، فهذا جزاء المجرمين.
يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ (27)ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ (28) فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي (29) وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي (30)
وأما من اطمأن إلى الله وآمن به وصدق رسله، فيقال له: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ } إلى ذكر الله، الساكنة [إلى] حبه، التي قرت عينها به
إطلالة حول الآية
هل أنت نفس مطمئنة ؟ تطمئن لأقدار الله حتي في أصعب الأوقات، أم أنك من الجازعين؟ إليك عني : عندما ينصحك أحدهم بالصبر عند المصيبة - عافاك وعافانا الله - ربما اطمئنانك مع أقدار الله السيئة اليوم هو سبب لإطمئنانك غداً عند لقاء الله - تعالي - تذهب إليه في هدووء ويسر لا تطلب من أحد المساعدة ليزيل عنك الموت ، ولا تستغيث به سبحانه أن يجعلك تعيش أكثر بل تتقبل فكرة الموت بإطمئنان وهدوء لا يفهمه عقلاء كثيرين من الغرب والشرق علي سواء .
رزقنا الله - النفس المطمئنة في الحياة الدنيا وعند اللقاء .
الروابط
Comments