top of page

سورة الليل

السورة

مكيّة

عدد آياتها

إحدى وعشرون آية

وقد سميّت بسورة الليل

لافتتاحها القسم بالليل أذا غطى الكون بظلامه وعتمته

ومحورها الأساسي

عمل الإنسان وسعيه في الحياة الدنيا، وما يترتب له من ثواب بناء على سعيه في الحياة الأولىوقد جاءت سورة الليل مفصّلة لما قد أُجمل في سورة الشمس.


وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ 1


يقول تعالى ذكره مقسما بالليل إذا غشَّى النهار بظلمته، فأذهب ضوءه، وجاءت ظُلمته: ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ) النهار.

إطلالة حول الآية

لعدة قرون ، اعتقد الناس أن الأرض مسطحة دون أي فكرة عن أن الأرض كروية. لكن القرآن الكريم حدثنا عن هذا الواقع الكوني عندما وصف الله هذه الظاهرة باستخدام كلمة (لفة) بسبب استمرار حركة الأرض ، وإذا لم تكن الشمس موجودة لتضمن الضوء اللازم لليوم أيضًا بدون الشكل الكروي. من الأرض ، "ظاهرة دوران الليل والنهار" لن تحدث.

يندمج الليل بالنهار

يتداخل الليل والنهار على طول دائرة تحيط بالأرض في منطقة يحدث فيها غروب الشمس على جانب واحد ويحدث شروق الشمس على الجانب الآخر.

اختلافات كثيرة بين الليل والنهار

يؤكد العلماء أن هناك اختلافات كثيرة بين منطقة النهار ومنطقة الليل في: درجة الحرارة ، وكمية الأشعة الكونية المتساقطة على كليهما ، وتأثير القمر (المد والجزر) ، وطريقة عيش الكائنات والنباتات… .. هذه فروق شديدة. مهم لاستمرار الحياة على الأرض. على سبيل المثال ، لن تتمكن النباتات من النمو بدون تناوب الليل والنهار.

الشاهد

في جزء من اليوم علي كوكب الأرض ( 24 ساعة ) يحدث أن الليل يغطي النهار كاملاً علي شكل دائري والله - تعالي - يقول ( يغشي: تَغَشَّتْ بِثَوْبِهَا : تَغَطَّتْ بِهِ، وكأن الليل يغطي النهار كاملاً حتي لا يبان منه شيء ، حتي يخرج النهار.

وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ 2

وهذا أيضا قسم، أقسم بالنهار إذا هو أضاء فأنار، وظهر للأبصار. ما كانت ظلمة الليل قد حالت بينها وبين رؤيته وإتيانه إياها عِيانا، وكان قتادة يذهب فيما أقسم الله به من الأشياء أنه إنما أقسم به لعِظَم شأنه عنده.

عن قتادة، قوله (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)

آيتان عظيمتان يكوّرهما الله على الخلائق

إطلالة حول الآية
لعدة قرون

تَجَلِّي الحَقِيقَةِ : ظُهُورُهَا وَانْكِشَافُهَا، ما جاء أعلي في الليل يكفي هنا عن الإعادة .


وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَىٰ 3
عن إبراهيم بن يزيد بن أبي عمران، عن علقمة بن قيس أبي شبل

أنه أتى الشام، فدخل المسجد فصَّلى فيه، ثم قام إلى حَلْقة فجلس فيها؛ قال: فجاء رجل إليّ، فعرفت فيه تحوّش، القوم وهيبتهم له، فجلس إلى جنبي، فقلت: الحمد لله إني لأرجو أن يكون الله قد استجاب دعوتي، فإذا ذلك الرجل أبو الدرداء، قال: وما ذاك ؟ فقال علقمة: دعوت الله أن يرزقني جليسا صالحا، فأرجو أن يكون أنت، قال: مِنْ أين أنت ؟ قلت: من الكوفة، أو من أهل العراق من الكوفة. قال أبو الدرداء: ألم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمِطْهَرة، يعني ابن مسعود، أو لم يكن فيكم من أُجير على لسان النبيّ صلى الله عليه وسلم من الشيطان الرجيم، يعني عَمَّار بن ياسر، أو لم يكن فيكم صاحب السرّ الذي لا يعلمه غيره، أو أحد غيره، يعني حُذَيفة بن اليمان، ثم قال: أيكم يحفظ كما كان عبد الله يقرأ ؟ قال: فقلت: أنا، قال: اقرأ: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) قال علقمة: فقرأت: ( الذكر والأنثى )، فقال أبو الدرداء: والذي لا إله إلا هو، كذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فوه إلى فيّ، فما زال هؤلاء حتى كادوا يردّونني عنها.

إطلالة حول الآية
سوف نتحدث هنا علي 3 محاور

1 - المتحولين جنسياً

2 - التهجين بين الإنسان والحيوان، وبين الوحوش والطير وغيرهم

3 - الزواج بين الربوتات والإنسان

1 - أما المتحولين جنسياً

فقط نحب التوضيح: أنهم يختارونهم في الغرب في سن مبكرة جداً من الحياة قبل 12 عام تقريباً، حيث لا يمكن أن يتحملوا مثل هذا القرار المصيري بمسؤولية كاملة ، فإذا قرروا بعد التحدث مع مسؤول طبي عن الموضوع يبدأون رحلة التحول ابتداء بالدواء الهرموني الذي يستغرق حوالي 3 سنوات، ثم العملية الجراحية ثم الإجراء النفسي ، ماذا أقصد من هذا ؟ أن الرجوع شبه مستحيل ، وللعلم منهم كثيرين عندموا يبلغوا سن الرشد ( 4 0 عام) يشعرون بالندم الشديد حيث لا ينفع الندم .

2- التهجين بين الإنسان والحيوان

كما رأيت في الصور أعلي فإنهم في الغرب هجنوا بين الإنسان والقرد وبين الإنسان والخنزير، وبين العصفور الرقيق وبين الوحوش ، ملحوظة: هذا في حدود علمنا الضئيل جداً عما يفعلونه بالهندسة الوراثية هذا غير تكبير العضلات للكلاب وغيرهم بحيث يظهروا بصورة أكبر بكثير من حجمهم الأصلي .

3 - أما الزواج بين الإنسان والروبوت

فهو موجود بكثرة في الغرب وخاصة في الصين بين المصنعين للروبوت يحبونهم ثم يتزوجونهم

الشاهد من كل ما جاء أعلي

قال تعالي ( وما خلق الذكر والأنثي ) هذا خلق الله ، لقد رأينا يارب ما خلق الذين من دونك - وإنه لخلق فيه تشويه للفطرة البشرية الأصيلة ، ولا يتخيل أحد من البشر سوي الفطرة أن هذا اللنوع من التخليق = الفطرة السليمة ، إلا ما ندر من هندستهم الجينية أو الوراثية في تحسين النسل أو في اأطفال المصممين كما يحلم الآباء .

إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ 4
عن قتادة، قوله

( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ) يقول: لمختلف.

وقوله: ( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى )

جواب القسم، والكلام: والليل إذا يغشى إن سعيكم لشتى، وكذا قال أهل العلم.

عن قتادة، قال

وقع القسم ها هنا( إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى )

إطلالة حول الآية

هناك جملة أصيلة في الفقه العام للناس المثقفة تقول ( كلما زاد علمك قل إنكارك ) ونضيف كلما سرت في الحياة حتي لو عبر الشبكة العنكبوتية ورأيت العجب ، يبدأ إنكارك في التقادم ، ارجع ببصرك للآية التي بين يديك ( إن سعيكم لشتي ) ما معني السعي؟ السعي هو الهرولة أي ما هو أكثر من المشي وأقل من الجري ، وهي حركة دؤوبة في الغالب بعض من العرب فقط يمشيها ، والغرب جمعاء لهو هذه المشية ، وهي مِشية من عنده هدف ووراءه ميعاد محدد ، وله فكرة عن معني الوقت ، الآن: هل فهمت قصدي: إن سعيكم لشتي ، صدقت ربي وبلغت ونشاهد عملياً ما قرءناه نظرياً في كتابك .

فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ 5

فأما من أعطى واتقى منكم أيها الناس في سبيل الله، ومن أمَرَه الله بإعطائه من ماله، وما وهب له من فضله، واتقى الله واجتنب محارمه

عن ابن عباس، في قوله: ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى )

قال: أعطى ما عنده واتقى، قال: اتقى ربه.

عن عكرمة، عن ابن عباس ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى )

من الفضل ( وَاتَّقَى ) : اتقى ربه.

عن قتادة ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى )

حق الله ( وَاتَّقَى ) محارم الله التي نهى عنها.

قال: سمعت الضحاك يقول قي قوله

( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ) يقول: من ذكر الله، واتقى الله.

إطلالة حول الآية

أساس حياته العطاء ، والأخذ عابر في حياته ، ومع هذا العطاء تغطيه التقوي : اي يتقي محارم الله ، أو يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية ، مثل مظلة المطر تضعها بينك وبين المطر ، لذا يقال الصدقة تطفيء غضب الرب، وكأنه دخان نازل من السماء أو صاعقة - نسأل الله العافية - فتكون الصدقة هي المظلة التي تحمينا إلي حين التصدق بأخري ، والله أعلي وأعلم .

وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ 6

وصدّق بالخلَف من الله على إعطائه ما أعطى من ماله فيما أعْطَى فيه مما أمره الله بإعطائه فيه.

عن عكرِمة، عن ابن عباس

( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) قال: وصدّق بالخَلَف من الله.

عن ابن عباس: ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى )

وصدّق بالخلَف من الله.

عن ابن عباس ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) بالخلف.

عن ابن عباس ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) قال

أيقن بالخلف.

( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى )

بلا إله إلا الله.

عن ابن عباس ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ) : يقول: صدّقَ بلا إله إلا الله.

وصدّق بالجنة.

ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك، لأن الله ذكر قبله مُنفقا أنفق طالبا بنفقته الخلف منها، فكان أولى المعاني به أن يكون الذي عقيبه الخبر عن تصديقه بوعد الله إياه بالخلف إذ كانت نفقته على الوجه الذي يرضاه، مع أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال: كان أبو بكر الصدّيق يُعتق على الإسلام بمكة

فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه: أي بنيّ، أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك أعتقت رجالا جَلْدا يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك، فقال: أي أبت، إنما أريد " أظنه قال ": ما عند الله، قال: فحدثني بعض أهل بيتي، أن هذه الآية أنـزلت فيه: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى) .

إطلالة حول الآية

الحسني فعل تفضيل من الحسن ، والحسني هنا: معناها : الجنة، أو رجوع ماله له من ناحية أخري أو قول لا إله إلا الله أو غير ذلك ، أي ما كان تفسيرها ، كل شيء في الحياة اعتبره دائرة ، سيلف من مكان ما تبدأ أنت أول نقطة وسرعان ما يرجع لك من نفس الإتجاه ، تصدقك اليوم ببعض المال، ربما يتصدق عليك أحدهم بصحة أو جاه أو غير ذلك - إن احتجت - أعاننا الله علي حاجاتنا ولا أحوجنا لأحد

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ 7

وقوله: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) يقول: فسنهيئه للخلة اليسرى، وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا، ليوجب له به في الآخرة الجنة.

وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ 8 وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ 9

وأما من بخل بالنفقة في سبيل الله، ومنع ما وهب الله له من فضله، من صرفه في الوجوه التي أمر الله بصرفه فيها، واستغنى عن ربه، فلم يرغب إليه بالعمل له بطاعته بالزيادة فيما خوّله من ذلك.

عن ابن عباس، في قوله: ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى )

بخل بما عنده، واستغنى في نفسه

عن عكرِمة عن ابن عباس ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى )

وأما من بخل بالفضل، واستغنى عن ربه.

عن ابن عباس ( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى )

من أغناه الله، فبخل بالزكاة

( وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى )

وأما من بخل بحقّ الله عليه، واستغنى في نفسه عن ربه

إطلالة حول الآية

هناك فرق بين البخيل والشحيح، البخيل: ما يبخل بما في يده علي الناس من حوله وفي الغالب لا يكون بخيل علي نفسه ، أما الشحيح: فهو أسوء حالاً: فهو يبخل بما يعطيه الناس للناس، فعندما تقول له: أن أخرج مالاً لأحد الفقراء - علي سبيل المثال - أو أن أحدهم الثري ينفق علي فلان ، فيقولله: لا تفعل ويظل وراءه بكل طريقة حتي يقطع نفقته ، هذا الشحيح والرسول - صلي الله عليه وسلم - حذرنا من الشح ولم يحذرنا من البخل ، ففي الحديث: ( ...واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ. الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم... لو لاحظت أنه داء موجود في الأمم السابقة وفد أهلكهم كما جاء في الحديث الشريف .

فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ 10
فسنهيئه في الدنيا للخلة العُسرى

قد يسرت غنم فلان: إذا ولدت وتهيأت للولادة، وكما قال الشاعر:

( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )

ولا تيسر في العُسرى للذي تقدّم في أول الكلام من قوله: ( فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ) واذا جمع بين كلامين أحدهما ذكر الخير والآخر ذكر الشرّ، جاز ذلك بالتيسير فيهما جميعا؛ والعُسرى التي أخبر الله جلّ ثناؤه أنه ييسره لها: العمل بما يكرهه ولا يرضاه.

عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ، عن عليّ، قال كُنَّا جلوسا عند النبيّ صلى الله عليه وسلم، فنكَت الأرض، ثم رفع رأسه فقال: " ما مِنكُمْ مِن أحَدٍ إلا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنِّةِ وَمَقَعَدُهُ مِنَ النَّارِ". قلنا: يا رسول الله أفلا نتكل ؟ قال: " لا اعْمَلُوا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ "، ثم قرأ: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى) .

عن بشير بن كعب، قال

سأل غلامان شابان النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالا يا رسول الله، أنعمل فيما جفَّت به الأقلام، وجرَت به المقادير، أو في شيء يستأنف ؟ فقال: " بَلْ فِيما جَفَّتْ بِهِ الأقْلامُ وَجَرَتْ به المقادِيُر " قالا ففيم العمل إذن ؟ قال: " اعمَلُوا، فَكُلُّ عامِلٍ مُيَسَّرٌ لَعَمَلِهِ الَّذِي خلِقَ لَهُ"، قالا فالآن نجدّ ونعمل

وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ 11
( وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ )

أي شيء يدفع عن هذا الذي بخل بماله، واستغنى عن ربه، ماله يوم القيامة ( إِذًا ) هو ( تَرَدَّى ) .

( إِذَا تَرَدَّى )

إذا تردّى في جهنم: أي سقط فيها فَهَوى.

إذا مات.

إطلالة حول الآية

البخيل: هو المريد لماله أن يحتفظ به ولا يقرب منه أحد غيره، غير أن البخيل الذي بخل علي من حوله الاقربون من زوج ، زوجة ، أولاد أو أب أو أم أو غيرهم من المحيطين بهم لينتفع هو به، في الغالب يموت من غير انتفاع وينتفع ورثته وهو يذهب للقبر وحده ، لا هو انتفع ولا أنفع أحد غيره ، نسأل الله السلامة .

إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ 12

إن علينا لبيانَ الحقّ من الباطل، والطاعة من المعصية.

وكان بعض أهل العربية يتأوّله بمعنى: أنه من سلك الهدى فعلى الله سبيله، ويقول وهو مثل قوله: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ويقول: معنى ذلك: من أراد الله فهو على السبيل القاصد، وقال: يقال معناه: إن علينا للهدى والإضلال، كما قال: سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وهي تقي الحرّ والبرد

إطلالة حول الآية

ربما تساءل أحد إذا كان علي الله وبنفسه الهدي، فلماذا تكون هناك عاقبة للكفر بدخول النار؟ لابد للإجابة التفريق بين نوعي الهداية ، هداية الدلالة: والتي يستدل عليها كل إنسان مؤمن وكافر من كتاب الله المنظور ( الكون بما يحويه من أسرار كل يوم تظهر عياناً أنه موجود ، لا نقول كوارث طبيعية بل نقول بداية الكون ونهايته وغيرها من الآات التي لا تعد ولا تحصي حقاً وصدقاً لا يحب الله حب جماً إلا العلماء في أي مجال يستدلوا به علي وجود الله .

النوع الثاني ( هداية المعونة ) يقال في قانون الجذب ما تبحث عنه يبحث عنك ، وأنت لن تبحث عن الإله الذي يستحق العبادة وهو لا يبحث عنك، بل يعرفك وسيختبر بحثك وسيعلمك بوجوده لك وحدك بطريقة فريدة لن أقول لك علهيا لأنها خاصة بك أنت ، وإن آمنت به فاعلم إنها الهداية الهدية : هداية المعونة .

وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَىٰ 13

وإن لنا ملك ما في الدنيا والآخرة، نعطي منهما من أردنا من خلقنا، ونحرمه من شئنا.وإنما عَنَى بذلك جلّ ثناؤه أنه يوفق لطاعته من أحبّ من خلقه، فيكرمه بها في الدنيا، ويهيئ له الكرامة والثواب في الآخرة، ويخذُل من يشاء خذلانه من خلقه عن طاعته، فيهينه بمعصيته في الدنيا، ويخزيه بعقوبته عليها في الآخرة

إطلالة حول الآية

قلنا في سور سابقة أن هذا إعلان ملكية ، وأنت تشاهد التلفاز تجد إعلانات ممولة من شركات ، هل تتخيل إعلان مميز ليس له شركة ممولة ؟ ولو حدث أن أحد سرق هذا الإعلان تقوم القضايا في المحاكم ولا أحد يجرؤ من الأساس إلا أن يسرق فكرة وليس إعلان، وهذا مجرد إعلان ، أما الحياة الدنيا فالكثير ادعي أشياء أن أمنا الطبيعة هي التي خلقت، وما خلقتنا الطبيعة ولا هي أمنا ، وما خلقت شيء بل هي مخلوقة ، ولا شيء هنالك اسمه غضب الطبيعة - أو كوارث طبيعية هي بفعل فاعل، والفاعل لابد أن يكون أقوي من الفعل ، فلابد من مسبب أول ، وهو الله في عقيدة المسلمين ، وهو الراجح عند العقلاء ، فلا أحد يعتبر أن هذا الكون نشأ من الخيال

وأعط لك مثال

تخيل نفسك - لا قدر الله عليك كنت في غيبوبة وأهلك تركوك في شقة انفرادية ويتناوبون عليك وأنت استيقظت من هذه الغيبوبة ولا أحد ، ولا تتذكر أي شيء وكل ما حولك أبيض اللون لا سجاد أو نوافذ أو باب أو أي شيء ، فقط تخيل: وانتظرت فترة من الوقت أنت لا تعرف التوقيت وتنادي وتنادي ولا مجيب ، هل لو مر عليك يومان ولا أنت قادر علي الخروج من هذه الشقة ولا أنت تدري لما أنت هنا ، بل ومن أنت؟ من الأساس هل ستصاب بالجنون؟ هل ستصرخ ؟ هل ستكسر الباب ؟ وبداية الحياة لو لم يرسل الله - تعالي - مبلغين برسالته للعالمين: لأصاب الإنسان الأول ما قد يصيبك في هذه الشقة المنفردة ، فالحمد لله علي وجوده .

أما الآخرة

فلا أحد - في حدود علمي - جرأ علي إعلان ملكية الآخرة إلي يومنا هذا ولا أحد يملك سوي جزء من هذا الكون space ومن الذي سيحكم الفضاء ؟ هل تعلمه؟ هل رئيس من رؤساء الدول الغربية الذين تنحوا عن السياسة ؟ أم إن هناك رجل غريب هو من سيحكم لا نعرفه ؟ ولو عرفناه ، هل سيحكم الفضاء وحده ؟ وهل لن تقام حروب لحكمه الأوحد للفضاء ؟ تذكر قوله تعالي ( ...لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)

قف أيها العقل عند منتهاك: الله له ملكية الحياة الدنيا ( كوكب الأرض - كوكب المريخ ...ما ينتجون من حياة علي أي كواكب أخر ) والآخرة أيضاً .

فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّىٰ 14 لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى 15 الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ 16

ارا تتوهَّج، وهي نار جهنم، يقول: احذروا أن تعصوا ربكم في الدنيا، وتكفروا به، فَتصْلَونها في الآخرة. وقيل: تلظَّى، وإنما هي تتلظَّى، وهي في موضع رفع، لأنه فعل مستقبل، ولو كان فعلا ماضيا لقيل: فأنذرتكم نارًا تلظَّت، ( لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى ) يقول جلّ ثناؤه: لا يدخلها فيصلى بسعيرها إلا الأشقى، عن مكحول، عن أبي هريرة، قال: لتدخلن الجنة إلا من يأبى، قالوا: يا أبا هريرة: ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ قال: فقرأ: ( الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ) .

عن الحسن في قوله: ( لا يَصْلاهَا إِلا الأشْقَى )

الذي كذّب وتولى، ولم يقله الحسن، قال: المشرك.

إطلالة حول الآية

لكل شيء في هذه الحياة عاقبة - رب اجعل عاقبة امرنا رشدا - لكل شيء يوم خاتم ، لكل جلسة غلق ، هكذا تعلمنا من هذه الحياة ، وانت تعيش في حياة - أي ما كانت - حياة عظيمة ترتو إليها العظمة من كل إتجاه - حياة تصارع فيها من أجل البقاء فقط - أنت إنسان مؤلل - أنت أنت إنسان مصمم ، أنت من أنت ، أي ما تكون أنت: ستموت ، نعم ستموت بشكل أو بآخر ، لا تظن العيش للأبد ، فليس هنالك في هذه الحياة ( أبد ) ولا علي المريخ ، مهما عشت ستموت ، حتي لو نمت بالنوم الكريوجيني ( ستحاسب ) ولو صحوت - إن صحوت ستموت مرة أخري أبدية لتلقي الله في الآخرة ... أسمعك تقول وما دليلك ؟

سأحدثك بالقرآن يقول تعالي في سورة يونس

( ...حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24)

تخيل توسنامي فضائي، تخيل حكام الفضاء قرروا يفجرونه بأدوات بيولوجية أو غيرها ، إنها الحروب التي لا تبقي علي اخضر ولا يابس حتي تملك الأكثر والأكثر ، ارجع مرة أخري لما جئت لك به ( حتي إذا أخذت الأرض زخرفها ( كل شيء في مكانه المحدد الذي ترضاه أنت ) وازينت( انت سعيد بها ) وظن أهلها أنهم قادرون عليها ( أنت مؤلل وكل شيء بقيضة يدك ) أتاها أمرنا ليلا أو نهارا ، وماذا بعد ؟ ( جعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس ) أتعرف ما هو الحصيد؟ أسافل الزرع التي لا يصل إليها المنجل فتبقى، تخيل الأثاث الوفير ، الملابس الفخمة ، مجوهرات زوجتك ، أولادك الذين يملأون الحياة مرح ، كل هذا في غمضة عين يبقي مثل هذا الزرع المتبقي بعد الحصاد ، أي لا شيء مطلقا ، لن أتحدث عن مشاعرك أنك لن تجعل شيء يهزمك مثل مسلسل أوشين الصيني وما فعلت بعد قنبلتي هروشيما ونجازاكي ، بل أقول لك هل ستنجو ؟ ختي لو كنت مؤلل؟ إنها النهاية أخي في الإنسانية الحتمية لكل موجود لا وأنت وحسب بل للحيوانات والطيور والأسماك والوحوش والنبات وكل ما علي الأرض كله لا شيء سيبقي سوي الدائم وهو ( الله ) وتبقي نار تلظي لا يدخلها ويلتهب بنيرانها إلا الأشقي؟ ومن هو هذا الأشقي؟ هناك إنسان شقي لا يسعد لا يستمتع لا يشعر بالسعادة مطلقا ، ولكن هناك دائماً من هو أشقي منه ، الله تعالي - يخبرنا أن من يدخل النار هو الأشقي المطلق ... لا يمكن أخي أن تدخلها إلا ,انت لا تريد السعادة مطلقا .


وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى 17 الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ 18 وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَىٰ 19 إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ 20 وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ 21

وسيوقَّى صِلِيَّ النار التي تلظَّى التقيُّ، الذي يعطي ماله في الدنيا في حقوق الله التي ألزمه إياها، ( يَتَزَكَّى ) : يعني: يتطهر بإعطائه ذلك من ذنوبه، كان بعض أهل العربية يوجه تأويل ذلك إلى: وما لأحد من خلق الله عند هذا الذي يؤتي ماله في سبيل الله يتزكى ( مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى ) يعني: من يد يكافئه عليها، يقول: ليس ينفق ما ينفق من ذلك، ويعطي ما يعطي، مجازاة إنسان يجازيه على يد له عنده، ولا مكافأة له على نعمة سلفت منه إليه، أنعمها عليه، ولكن يؤتيه في حقوق الله ابتغاء وجه الله. قال: وإلا في هذا الموضع بمعنى لكن، وقال: يجوز أن يكون يفعل في المكافأة مستقبلا فيكون معناه: ولم يرد بما أنفق مكافأة من أحد، ويكون موقع اللام التي في أحد في الهاء التي خفضتها عنده، فكأنك قلت: وما له عند أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها،

ليس به مثابة الناس ولا مجازاتهم، إنما عطيته لله.
عن قتادة، في قوله ( وَمَا لأحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى )

قال: نـزلت في أبي بكرأعتق ناسا لم يلتمس منهم جزاء ولا شكورا، ستة أو سبعة، منهم بلال، وعامر بن فُهَيرة

ولسوف يرضى هذا المؤتي ماله في حقوق الله عزّ وجلّ، يتزكى بما يثيبه الله في الآخرة عوضًا مما أتى في الدنيا في سبيله، إذا لقي ربه تبارك وتعالى.

إطلالة حول الآية

أتعلم االإجتناب للشيء هو أقوي الأشياء ، فأنت تقترب من الشيء ممكن أن تصاب به بسهولة ، هناك صورة مشهورة جداً أو فيدو ذو مقطع صغير عن فتاة جميلة أرادت أن تأخذ صورة ووراءها مياه محيد - نهر - لا أعلم ، وصديقتها هي من تصورها، وكان أحدهم يصور من وراءهم بالفيديو ، والفتاة وقفت لتلتقط لها صديقتها الصورة ، فإذا بتمساح يلتقمها لقمة واحدة ، لقد رأيناها ، إنها الحياة ، من ستجنب النار هو من تجنب المحرمات في الدنيا - قدر ما يستطيع -


من هذا الذي سيجتنب الوقوع في النار، ما هي صفات؟ أولها: الذي يؤتي ماله يزكيه أي يطهره ، انظر حولك: نحن عالقون أو غارقون بالمحرمات حولنا ونحن لا نشعر ، فقد أكلنا الربا ، وأكلنا الخنزير في العلكي والشيبس ( مشتقات الخنزير ) ليعلق المنكهات علي الأطعمة مثل الشيبس والكاندي وغيره من يدخل في حياتنا جميعا والزبدة الخالية من الدسم ، المال به شبهة حرام إن لم نكن من آكلي الحرام علي الحقيقة - نسأل الله المعافاة - لذا المال يحتاج إخراج شيء منه لينظف .

ولايريد من هذه النعمة المقدمة بديل أو رجوع لهدية أكبر أو أفضل أو مساوية حتي لمثل مبلغ المال المعطي .

هو مجرد ابتغاء وجه ربه الأعلي

وانظر عندما يحدثك الله - تعالي - عنك أنت لا يحدث إلا وجهك ، وعندما يحدثك عن نفسه - سبحانه وتعالي - يقول لك ( إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي ) إن الوجه أغلي ما فينا هو هويتنا ، أنت لست ملابسك، أنت لست أهلك ، أنت لست وظيفتك ، بل أنت قيمتك في وجهك، فعيناك التي تنظر لأعلي أو حتي لأسفل ، ملامح وجهك التي تتغير مع تغير الكلام من أمامك، هي التي تعرف من أنت تحديدا ، فمنا من يخجل ، ومنا من يطيع إلهه فيغض من بصره، ومنا من لا يتكلم إلا بلغة العين ، ومنا ومنا ، لكل منا وجهة نتوجه بوجههنا نحوها ، تتبع لفظة وجه في القرآن وأنت تعلم قيمته الحقيقية في الإسلام ، فنحن بالنسبة لله وجه وقلب فقط ، بعد هذا مجرد شكليات الدنيا لنستطيع العيش بها ، أما هناك في الآخرة سيتغير كل شيء لا تحبه لما تحبه ، وسيتغير معه كل شيء الملابس والجاه والسلطان وغيره وتري العبيد هم الملوك وربما ملوك دخلوا النار ، ولن يبقي منك إلا قلبك ووجهك الذي ستقابل الله به .

والله أعلي وأعلم.

الروابط

2 views0 comments

Recent Posts

See All

سورة الناس

السورة سورة مكية وقيل مدنية عدد آياتها 6 وترتيبها 114 وهي الأخيرة بين سور المصحف في الجزء الثلاثين سُمّيت بأسماء عدة، منها سورة «قلْ أعوذ...

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page