الوصف العام للسورة الكريمة
من السور التي اختلف في مكان نزولها إلى عدة أقوال
البعض
( مكية )
البعض
( مدنية ) ما عدا الآيات الثمانية الأخيرة منها
وآخرون
إلى أنها نزلت بين مكة والمدينة
عدد آياتها
36
وترتيبها في المصحف
83
التفسير
وَيۡلٞ لِّلۡمُطَفِّفِينَ (1)
قال الإمام مالك: "يُقال: لكل شيء وفاءٌ وتطفيفٌ"
التَّطفيف ليس خاصًّا بالكيْل والوزْن والزرع، بل هو عامٌّ يدخُل فيه كلُّ بخس، سواء كان بخسًا حسيًّا أو معنويًّا، وإعطاء المرء أقلَّ من حقِّه تطفيف.
المطففين هم الذين ينقصون الناس، ويبخسونهم حقوقهم في مكاييلهم إذا كالوهم، أو موازينهم إذا وزنوا لهم عن الواجب لهم من الوفاء، وأصل ذلك من الشيء الطفيف، وهو القليل النـزر
والمطفِّف
المقلِّل حقّ صاحب الحقّ عما له من الوفاء والتمام في كيل أو وزن؛ ومنه قيل للقوم الذي يكونون سواء في حسبة أو عدد: هم سواء كطَفّ الصاع، يعني بذلك: كقرب الممتلئ منه ناقص عن الملء.
عقاب المطففين
الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم في أسفلها للذين يُطَففون
عن عكرمة، عن ابن عباس قال
" لما قَدِم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة، كانوا من أخبث الناس كيلا فأنـزل الله: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) فأحسنوا الكيل "
عن عكرمة قال
أشهد أن كلّ كيال ووزّان في النار، فقيل له في ذلك، فقال: إنه ليس منهم أحد يزن كما يتزن ولا يكيل كما يكتال، وقد قال الله: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) .
أنواع المطففين
1 - تطْفيف المعلِّم والمعلِّمة في حقوق العمل
ومن ذلك التأخُّر في دخول الحصَّة والخروج في أثنائِها من غير حاجة، أو الانشِغال بأشياء خارجة عن الدَّرس كالاتِّصال بالهاتف، أو الانشغال بأعمال مكتبيَّة تُنجز خارج الحصَّة، فوقت المعلِّم والمعلِّمة أثناء الحصَّة خاصٌّ بالطلاب والطَّالبات، فالواجب أن يصرف الوقت في ما فيه مصلحتُهم.
ومِن تطْفيف المعلِّم والمعلِّمة
عدم الاستِعْداد الذِّهْني للدَّرس، ويظْهر هذا في المراحِل المتقدِّمة من التَّعليم.
ومن تَطْفيف المعلِّم والمعلِّمة
عدم متابعة أعمال الطُّلاب من تصْحيح وتصْويب أخطاء، وغير ذلك.
2 - تطفيف الموظَّف في عملِه
سواءٌ كان حكوميًّا أو خاصًّا، فيتأخَّر في الحضور ويخرج مبكِّرًا، يجعل ذلك عادة له.
ومن التَّطفيف تأخير العمل والتَّسويف، خصوصًا ما يتعلَّق بالمراجعين ممَّا يشق عليهِم بتكرار المراجعة أو بالبحث عن شفاعة لينجز له عمله.
ومن التَّطفيف أن يطالب الموظَّف بكلِّ ما له
ولا يرضى أن يُنْتَقص شيء من حقوقه، مع إخلاله بواجبه الوظيفي.
3 - تطفيف الرؤساء
ومن التطفيف في حقوق الموظَّفين ما يصدر من بعض الرُّؤساء، حينما يتعامل مع مرؤوسيه وفق العلاقات الشخصيَّة بعيدًا عن الكفاءة، فيرفع مَن حقُّه أن يُخفض، ويَخفض من حقُّه أن يرفع، تقاريره لها دور في حجْب مكافأة عن مستحقِّها، أو تعطى مَن لا يستحقها، ربَّما نُقِل موظف وحقُّه أن لا ينقل، أو بَقِي مَن حقُّه أن ينقل؛ بسبب التَّطفيف في كتابة التَّقارير.
4 - استئجار العامل
ومن التطفيف ما يقوم به البعض مِن استئجار عامل يعمل عنده، ثمَّ يبخَسُه حقَّه كلَّه أو بعضه، فخاب وخسِر مَن هذا فعلُه؛ فعن أبي هُريرة - رضِي الله عنه - مرفوعًا: ((قال الله تعالى: ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثمَّ غدَر، ورجل باع حرًّا فأكلَ ثمنَه، ورجلٌ استأجر أجيرًا فاستوْفى منْه ولم يعْطِه أجْرَه))؛ رواه البخاري (2270).
5 - التطفيف في الصلاة
ومن التَّطفيف التطفيف في الصلاة، فمن ذلك أن لا يتمَّ شروطَها أو أركانها أو واجباتها، فلا تصحُّ منْه ولا تبرأ ذمَّته؛ فعن أبي هريرة - رضِي الله عنْه - أنَّ رجلاً دخل المسجِد ورسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - جالس في ناحية المسجد، فصلَّى ثمَّ جاء فسلم عليْه، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((وعليْك السلام، ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصلِّ... إلي آخر الحديث .
ومن التطفيف في الصَّلاة، الصلاة في البيوت ممَّن تجب عليه الجماعة من غير عذر
ومن التَّطفيف في الصلاة تأخير الصَّلاة عن وقتها متعمّدًا
6 - تطفيف المُسْتَشَار
فمَن استشارَه غيرُه وسأله عن شيء في بيعٍ أو شراءٍ أو نكاحٍ، أو توليةِ عمَلٍ أو غير ذلك، وجبَ عليْه أن يبيِّن ما يعرفه وما يعتقدُه، ويَحرُم عليْه أن يكتم مستشيرَه مواطنَ العيْب والخلَل، أو يُظْهِر المحاسنَ فقط، أو يثني بما ليس فيه، وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((المستشار مؤتمن))، ومن لم ينصح لمَنِ استشاره فقد خان الأمانة، وخيانتُها من صفات النِّفاق العملي، فلا تمنعْك أخي خشْية عتب النَّاس وذمّهم مِن بذل النُّصح والصِّدْق مع منِ استشارك؛ فاللَّه أحقُّ أن تخشاه.
7 - تطفيفُ الأب مع أولادِه - ذكورًا وإناثًا -
فيجِب على الأب أن يعدِل بين أولادِه في كلِّ ما يستطيعه من مأكلٍ ومشْرب، وملبس ومسكن ومركب، ويحرم أن يفضِّل بعضَهم على بعض من غير سبب.
ومِن تطفيف الأب هجْر الأولاد وعدَم زيارتِهم والجلوس معهم
حينما يكون بيْنَه وبين أمِّهم خلاف، فربَّما جلس عند أوْلادِه من زوجةٍ أُخرى، وهجَر أولادَه من الزَّوجة الثَّانية من غير جناية اقْترفوها
8 - تطْفيف الولد مع أبيه وأمه
فتجِده يبخس أبويْه حقَّهما، فلا يقومُ بما افترضَه الله عليْه من برِّهما وطاعتهما بالمعروف، يدْخِل عليهما الهمَّ والغم ونقْد النَّاس لهما بسبب سوء صنيعِه، ويكون الأمر أشدَّ حينما يكون هذه العقوق بسبب تفْريط الولد في طاعة الله من صلاةٍ وغيرِها، فقد جمع بين معصِيَتين.، فاتَّق الله أخي الولد ولا تقُل: إنَّهما قد قصَّرا في حقِّي، فلو ثبت هذا حقًّا، فعليْهِما ما حمِّلا وعليك ما حمِّلتَ، وكلٌّ سيُحاسب على تقْصيره، فليس تقْصير الأبويْن في حقوق الأوْلاد مسوغًا لتقْصير الأولاد في حقوق آبائِهم وأمَّهاتهم.
9 - تطفيف الزَّوج مع زوجتِه
فتجِد البعضَ يُطالب زوجتَه بِحُقوقه كلِّها، ويذكِّرها بالنصوص الشرعيَّة الواردة في ذلك، لكنَّه يتناسى الحقوقَ الَّتي افترضها الله عليْه لزوجته، من عدْلٍ إن كان معه غيرُها، ومِن معاشرةٍ بالمعروف في القوْل والفعل، ومن القِيام بحوائجِها داخلَ البيت وخارجه؛
10 - تطفيف الزَّوجة في نُكْران جميل زوجِها
حين الاختلاف بسبب موقف لا يُرضيها، أو لم يحقق لها كلَّ ما تريده، وهذا كفران نعمة متوعَّد عليه المرأة؛ فعن ابن عبَّاس قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((أُريتُ النَّار، فإذا أكثر أهلها النِّساء، يكفُرْنَ))، قيل: أيكْفُرن بالله؟ قال: ((يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهر ثمَّ رأَتْ منكَ شيئًا قالت: ما رأيتُ منك خيرًا قط))؛ رواه البخاري (29) ومسلم (907).
ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكۡتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسۡتَوۡفُونَ (2)
الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونا يوفون لأنفسهم، إذا اكتالوا من الناس ما لهم قبلهم من حقّ، يستوفون لأنفسهم فيكتالونه منهم وافيا، و " على " و " مِن " في هذا الموضع يتعاقبان غير أنه إذا قيل: اكتلت منك، يراد: استوفيت منك.
وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ (3)
وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونا ينقصون في المكيال والميزان, فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما, ويبخس الناس أشيائهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان.
أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ (4)
ألا يعتقد أولئك المطففين أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعملهم، من لغة أهل الحجاز أن يقولوا
وزنتك حقك، وكلتك طعامك، بمعنى: وزنت لك وكلت لك.
وقوله: ( يُخْسِرُونَ )
ينقصونهم.
لِيَوۡمٍ عظِيمٖ (5)
في يوم عظيم الهول، يقول تعالى ذكره: ألا يظنّ هؤلاء المطففون الناس في مكاييلهم وموازينهم أنهم مبعوثون من قبورهم بعد مماتهم.
يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (6)
يوم يقوم الناس بين يدي الله, فيحاسبهم على القليل والكثير, وهم فيه خاضعين لله رب العالمين، يوم عظيم شأنه: هائل أمره، فظيع هوله
وذُكر أن الناس يقومون لربّ العالمين يوم القيامة حتى يلجمهم العرق
فبعض يقول
مقدار ثلثمائة عام، وبعض يقول: مقدار أربعين عاما.
عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، في قوله: ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )
قال: يقوم أحدكم في رشحه إلى أنصاف أذنيه.
عن ابن عمر، في قوله: ( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )
قال: يقومون مئة سنة.
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغفاري
" كَيْفَ أنْتَ صَانِعٌ فِي: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِربّ الْعَالمِين مِقْدَارَ ثَلثِمائَةِ سَنَةٍ مِنْ أيَّامِ الدُّنْيا، لا يأتِيُهْم خَبرٌ مِنَ السَّماءِ، وَلا يُؤْمَرُ فِيهِمْ بأمْر " ، قال بشير: المستعان الله يا رسول الله، قال: " إذَا أنْتَ أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فَتَعَوَّذْ بالله مِنْ كُرَب يَوْمِ القِيامَة، وَسُوءِ الْحِساب ".
قال: قتادة: وحدثنا العلاء بن زياد العدويّ، قال
بلغني أن يوم القيامة يقصر على المومن حتى يكون كإحدى صلاته المكتوبة.
كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٖ (7)
ليس الحق فيما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان, فليرتدعوا عن ذلك. إن مصير الفجار ومأواهم لفي ضيق، أي ليس الأمر كما يظنّ هؤلاء الكفار، أنهم غير مبعوثين ولا معذّبين، إن كتابهم الذي كتب فيه أعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا( لَفِي سِجِّينٍ ) وهي الأرض السابعة السفلى، وهو " فعيل " من السجن، كما قيل: رجل سِكِّير من السكر، وفِسيق من الفسق.
قال: في الأرض السابعة.
قال: الأرض السفلى، قال: إبليس مُوثَق بالحديد والسلاسل في الأرض السفلى.
عن هلال بن يساف، قال
كنا جلوسا إلى كعب أنا وربيع بن خيثم وخالد بن عُرْعرة، ورهط من أصحابنا، فأقبل ابن عباس، فجلس إلى جنب كعب، فقال: يا كعب أخبرني عن سِجِّين، فقال كعب: أما سجِّين: فإنها الأرض السابعة السفلى، وفيها أرواح الكفار تحت حدّ إبليس.
قال: عملهم في الأرض السابعة لا يصعد.
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
" الفَلَقُ جُبّ فِي جَهَنَّمَ مُغَطًّى، وأما سِجِّينٌ فمَفْتُوحٌ".
عن البراء، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال
وذكر نفس الفاجر، وأنَّهُ يُصعَدُ بها إلى السَّماء، قال: " فَيَصْعَدُون بها فَلا يمُرُّونَ بِها عَلى مَلإ مِنَ المَلائِكَة إلا قالُوا: ما هَذَا الرُّوحُ الخَبِيثُ؟ قال: فَيَقُولُونَ: فُلانٌ بأقْبَحِ أسمَائِهِ التي كان يُسَمَّى بها في الدنيا حتى يَنْتَهوا بِهَا إلى السَّماء الدُّنْيا، فيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ. فَلا يُفْتَحُ لَهُ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ فَيَقُولُ اللهُ: اكْتُبُوا كِتَابَهُ فِي أسْفَلِ الأرْضِ فِي سجِّينٍ فِي الأرْضِ السُّفْلَى ".
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا سِجِّينٞ (8)
وما أدراك ما هذا الضيق
كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ (9)
كتاب مكتوب كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى
عن قتادة
قال: رقم لهم بشرٍّ
قال ابن زيد، في قوله
( كِتَابٌ مَرْقُومٌ ) قال: المرقوم: المكتوب
وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ (10) ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوۡمِ ٱلدِّينِ (11)
الذين يكذبون بيوم الحساب والمجازاة
وَمَا يُكَذِّبُ بِهِۦٓ إِلَّا كُلُّ مُعۡتَدٍ أَثِيمٍ (12)
أهل الشرك يكذّبون بالدين
وما يكذب به إلا كل ظالم كثير الإثم
المعتد: المهاجم - الظالم
أثيم: كثير الوقوع في المعصية
إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا قَالَ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ (13)
قال: هذا ما سطَّره الأوّلون فكتبوه، من الأحاديث والأخبار
إذا تتلى عليه آيات القرآن قال: هذه أباطيل الأولين
كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ (14)
ليس الأمر كما زعمها, بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه, وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب.
غلب على قلوبهم وغَمَرها وأحاطت بها الذنوب فغطتها
يقال
رانت الخمر على عقله ، وذلك إذا سكر، فغلبت على عقله
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاء الأثَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن أبي هُرَيرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذَا أذنَبَ العَبْدُ نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَة سَوْدَاءُ، فإنْ تابَ صُقِلَ مِنْها، فإنْ عادَ عادَتْ حتى تَعْظُمَ فِي قَلْبِهِ، فذلكَ الرَّانُ الَّذي قَالَ الله: ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )".
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إنَّ المُؤْمَنَ إذَا أذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فإن تابَ وَنـزعَ وَاسْتَغْفَرَ صَقَلَتْ قَلْبَهُ، فإنْ زَادَ زَادَتْ حتى تَعْلُو قَلْبَهُ، فَذَلكَ الرَّانُ الَّذي قال الله: ( كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )".
عن الحسن قال
الذنب على الذنب حتى يَعمى القلب فيموت.
عن مجاهد قال
العبد يعمل بالذنوب فتحيط بالقلب، ثم ترتفع، حتى تغشى القلب.
عن عطاء قال
غشيت على قلوبهم فهوت بها، فلا يفزعون، ولا يتحاشون.
عن مجاهد قال
الران: الطبع يطبع القلب مثل الراحة، فيذنب الذنب فيصير هكذا، وعقد سفيان الخنصر، ثم يذنب الذنب فيصير هكذا، وقَبض سفيان كفه، فيطبع عليه.
عن قتادة
أعمال السوء، أي والله ذنب على ذنب، وذنب على ذنب حتى مات قلبه واسودّ.
قال ابن زيد
غلب على قلوبهم ذُنُوبهم، فَلا يخْلُص إليها معها خير.
كَلَّآ إِنَّهُمۡ عَن رَّبِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ لَّمَحۡجُوبُونَ (15)
يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذّبون بيوم الدين، من أن لهم عند الله زُلْفة، إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون، فلا يرونه، ولا يرون شيئا من كرامته يصل إليهم.
وقد اختلف أهل التأويل
فقال بعضهم
معنى ذلك: إنهم محجوبون عن كرامته.
عن قتادة
هو لا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك
إنهم محجوبون عن رؤية ربهم.
عن الحسن
: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كلّ يوم غُدْوة وعشية، أو كلاما هذا معناه.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم أنهم عن رؤيته محجوبون. ويُحتمل أن يكون مرادًا به الحجاب عن كرامته، وأن يكون مرادًا به الحجاب عن ذلك كله، ولا دلالة في الآية تدلّ على أنه مراد بذلك الحجاب عن معنى منه دون معنى، ولا خبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قامت حجته. فالصواب أن يقال: هم محجوبون عن رؤيته، وعن كرامته إذ كان الخبر عاما، لا دلالة على خصو
ثُمَّ إِنَّهُمۡ لَصَالُواْ ٱلۡجَحِيمِ (16)
ثم إنهم لوَارِدُو الجحيم، فمشويُّون فيها، ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها
ثُمَّ يُقَالُ هَٰذَا ٱلَّذِي كُنتُم بِهِۦ تُكَذِّبُونَ (17)
و العذاب الذي كنتم في الدنيا تخبرون أنكم ذائقوه، فتكذّبون به، وتنكرونه، فذوقوه الآن، فقد صَلَيْتُم به، ثم يقال لهم: هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون.
كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18)
كلا, ليس القرآن أساطير الأولين إن كتاب الأبرار لفي المراتب العالية في الجنة
والأبرار: جمع برّ، وهم الذين برّوا الله بأداء فرائضه، واجتناب محارمه.
عن الحسن سُئل عن الأبرار، قال
الذين لا يؤذون الذرّ.
اختلف أهل التأويل في معنى عليين
قال بعضهم
هي السماء السابعة
قال كعب
هي السماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين
وقال آخرون
بل العِليُّون: قائمة العرش اليمنى.
جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فسأله، فقال
حدثْنِي عن قول الله: ( إِنَّ كِتَابَ الأبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ... ) الآية، فقال كعب: إن الروح المؤمنة إذا قُبِضت، صُعد بها، فَفُتحت لها أبواب السماء، وتلقَّتها الملائكة بالبُشرَى، ثم عَرَجُوا معها حتى ينتهوا إلى العرش، فيخرج لها من عند العرش فيُرقَم رَقّ، ثم يختم بمعرفتها النجاة بحساب يوم القيامة، وتشهد الملائكة المقرّبون.
وقال آخرون
الجَنَّة.
وقال آخرون
عند سِدْرَةِ المنتهى
وقال آخرون
في السماء عند الله.
وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ (19)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، مُعَجِّبه من عليين: وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما عليون، وما أدراك- يا محمد- ما هذه المراتب العالية؟
كِتَٰبٞ مَّرۡقُومٞ (20)
أي مكتوب بأمان من الله إياه من النار يوم القيامة، والفوز بالجنة، كما قد ذكرناه قبل عن كعب الأحبار والضحاك بن مُزَاحم.
عن قتادة ( كِتَابٌ مَرْقُومٌ ) رقم
كتاب الأبرار مكتوب كالرقم في الثوب لا ينسى ولا يمحى
دلالة حول الآية الكريمة
اليوم علماء الإحصاء يعلمون جيداً أهمية إحصاء الأعداد عند دخول أي مكان جديد ، ولهم عقود ، وكأن هذا الرقم الذي يأخذه الأبرار هو بمثابة رقم منزلهم في الجنة أو رقمهم كمواطنين لهذه المواطنة الدائمة التي لا تتغير ولا تتبدل بمشيئة الله - تعالي - وهي أيضاً نوع من التنظيم عال المستوي ، فالأعداد غفيرة من كل الأمم السابقة علي المسلمين، وبالطبع أكثرهم مسلمين... وبالطبع الله أعلي وأعلم .
يَشۡهَدُهُ ٱلۡمُقَرَّبُونَ (21)
يطلع عليه المقربون من ملائكة كل سماء، يقول: يشهد ذلك الكتاب المكتوب بأمان الله للبَرّ من عباده من النار، وفوزه بالجنة، المقرّبون من ملائكته من كلّ سماء من السموات السبع.
عن ابن عباس
كلّ أهل السماء
عن قتادة، قوله
من ملائكة الله.
قال: يشهده مقرّبو أهل كلّ سماء
الملائكة
إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22)
إن أهل الصدق والطاعة لفي الجنة يتنعمون، إن الأبرار الذين بَرّوا باتقاء الله وأداء فرائضه، لفي نعيم دائم، لا يزول يوم القيامة، وذلك نعيمهم في الجنان.
أورد ابن القيم ضمن أسماء الجنة «جنات النعيم» كاسم مستقل وقال: هذا أيضاً اسم جامع لجميع الجنات لما تضمنته من الأنواع التي يتنعم بها من المأكول والمشروب والملبوس والصور والرائحة الطيبة والمنظر البهيج والمساكن الواسعة، وغير ذلك من النعيم الظاهر والباطن.
عن مالك بن دينار قال
جنات النعيم بين جنات الفردوس وبين جنات عدن
وفيها جواري خلقن من ورد الجنة. قيل: ومن يسكنها؟ قال: الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني، والذين انثنت أبدانهم من خشيتي، وعزتي إني لأهم بعذاب أهل الأرض فإذا نظرت إلى أهل الجوع والعطش من مخافتي صرفت عنهم العذاب، وجنة النعيم في الآية لا يراد بها مكانة أو درجة معينة في الجنة، وإنما يراد بها الجنة التي يحصل بها كمال التنعم وتمامه بكافة صوره وألوانه، وهذا يكون بنيل أعلى الدرجات وأفضلها. وجنات النعيم - كما ذكر بعضهم - أعلى أو أفضل الجنات، أو هي أخص ما في جنة الفردوس، ولذلك جعلها الله جزاء للسابقين المقربين
عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ (23)
على السرر في الحجال من اللؤلؤ والياقوت ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم، والحَبْرة في الجنان.
عن مجاهد قال
من اللؤلؤ والياقوت.
بعض المفروشات الأخري في الجنَّة
السرر
الأسرّة منسوجة بنسج خاص من اللؤلؤ والياقوت والجواهر أو منسوجة من خيوط الذهب والفضة (أو منسوجة بقضبان الذهب مشبكة الدرر والجواهر) أو لأنّها مرتبة بترتيب خاص، على اختلاف آراء المفسرين، وقد وصفت في آيات اخرى ب «مصفوفة» مثل : {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصفُوفَةٍ} (الطور/ \20 أي (يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض ولا يرى بعضهم قفا بعض).
الزرابي
هو القماش الذي يستعمل في نسيجه الذهب بدلًا من القطن والصوف، وتأتي أحياناً بمعنى القماش الغالي الثمن، أو هي (البسط الفاخرة)
أو أنواع النباتات التي اختلطت فيها الألوان الصفراء والحمراء الخضراء، ولهذا السبب يطلق على الفرش التي تحمل ألواناً زاهية متنوعة.وهي مبسوطة منشورة أو مفرقة في المجالس
نمارق مصفوفة
هي وسائد صغيرة يُتكأ عليها (وقد توضع أثناء الاستراحة والجلوس على الرجلين ويُتكأ عليها).
تَعۡرِفُ فِي وُجُوهِهِمۡ نَضۡرَةَ ٱلنَّعِيمِ (24)
ترى في وجوههم بهجة النعيم، نضرة النعيم
يعني: حُسنه وبريقه وتلألؤه
التفسير العلمي للآية الكريمة
وجد باحثون من جامعتي بريستول وسانت أندروز في المملكة المتحدة أن لون بشرة الشخص يؤثر على مدى صحتها وبالتالي جاذبيتها ، ووجدوا أن النظام الغذائي قد يكون حاسمًا لتحقيق البشرة المرغوبة. سيتم نشر العمل في عدد ديسمبر من مجلة Springer's International Journal of Primatology.
قال الدكتور إيان ستيفن الذي يعمل الآن في جامعة بريستول: "ركزت معظم الأعمال السابقة على الوجوه على شكل الوجه أو ملمس الجلد ، ولكن من أكثر الخصائص المتغيرة للوجه هو لون البشرة". "علمنا من عملنا السابق أن الأشخاص الذين لديهم المزيد من الدم والأكسجين في جلودهم يبدون بصحة جيدة ، ولذا قررنا أن نرى الألوان الأخرى التي تؤثر على التصورات الصحية. وقد أعطانا هذا بعض الأدلة حول ما قد ترتبط به صبغات الجلد الأخرى لمظهر صحي ".
يشير الجلد الذي يتدفق قليلاً من الدم والمليء بالأكسجين إلى وجود قلب ورئتين قويتين ، مما يدعم نتائج الدراسة التي تفيد بأن الجلد الوردي يبدو صحيًا. المدخنون والأشخاص المصابون بداء السكري أو أمراض القلب لديهم أوعية دموية أقل في جلدهم ، وبالتالي تبدو البشرة أقل وردية ، ويمكن تفسير تفضيل المزيد من البشرة الذهبية أو `` ذات اللون الأصفر '' على أنها أكثر صحة من خلال `` الصبغات الكاروتينية '' التي نحصل عليها. من الفاكهة والخضروات في نظامنا الغذائي ، هذه الأصباغ النباتية هي مضادات أكسدة قوية تمتص المركبات الخطرة التي ينتجها الجسم عندما يكافح المرض. كما أنها مهمة للجهاز المناعي والإنجابي وقد تساعد في الوقاية من السرطان ، وهي نفس الأصباغ الغذائية التي تستخدمها الطيور والأسماك ذات الألوان الزاهية لإظهار صحتها وجذب زملائها ، ويعتقد الباحثون أن آليات بيولوجية مماثلة قد تكون فعالة. في البشر.
قال إيان ستيفن: "في الغرب ، غالبًا ما نعتقد أن التسمير بالشمس هو أفضل طريقة لتحسين لون بشرتك" ، لكن بحثنا يشير إلى أن العيش بأسلوب حياة صحي مع اتباع نظام غذائي جيد قد يكون في الواقع أفضل. الصبغة التي تسبب لون السمرة عند تعرض الجلد للشمس تجعل البشرة أغمق وأكثر صفراء ، لكن المشاركين في الدراسة اختاروا جعل البشرة أفتح وأكثر صفراء لجعلها تبدو أكثر صحة. "هذا الاكتشاف مثير للغاية وقد أعطانا قال البروفيسور ديفيد بيريت ، رئيس مختبر التصور في جامعة سانت أندروز ، حيث تم إجراء البحث ، "يقودنا واعدًا إلى إشارات إلى الصحة". يبدو أن ما نأكله وليس فقط مقدار ما نأكله مهم بالنسبة مظهر صحي. الطريقة الطبيعية الوحيدة التي يمكننا من خلالها جعل بشرتنا أفتح وأكثر اصفرارًا هي اتباع نظام غذائي صحي وغني بالفواكه والخضروات ".
نيتنتج التالي من التفسير العلمي:
والله أعلم
1 - التعذية في الجنة تغذية طعمها حلو ومفيدة وصحية في آن واحد .
2 - أهل الجنة علي عمر 33 عام جميعاً ونفس الطول والهيئة وغير ذلك ، مما لا يتفضل أحد علي أحد لا بصحة أو شكل أو لون أو غير ذلك .
3 - اليوم يلجأ الناس لعمل تخليص الجسم من السموم ( detox) عن طرق الحرمان من الأكل أو شرب المياه فقط لمدة 3 أيام أو غير ذلك، قط من أجل لون بشرة جيد ، هذا أقل نعيم في الجنة بلا بوتوكس أو فيلرمما لا قدرة للفقراء عليه إلا بعد العرض علي الله - تعالي - وهي من أقل الاشياء لهم في الجنة .
4 - مما سمعت أن الخلايا الجذعية دهلت الآن في العناية بالبشرة إليم تفصيله:
استخدام الخلايا الجذعية في العناية بالبشرة
تعد الخلايا الجذعية النباتية في العناية بالبشرة من بين أحدث الإنجازات ، مع إمكانية تشجيعية للمساعدة في معالجة المشاكل الشائعة المرتبطة بشيخوخة الجلد. الخلايا الجذعية النباتية هي تطور مثير للغاية في مجال العناية بالبشرة وعلى عكس الخلايا الجذعية البشرية ، لا توجد حجة أخلاقية أو قانونية ضد استخدامها في مستحضرات التجميل.
وبالطبع الله أعلم ما معناه ( نضرة النعيم ) .
يُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِيقٖ مَّخۡتُومٍ (25)
يُسقى هؤلاء الأبرار من خمر صرف لا غشّ فيها.
عن مجاهد، قال
الرحيق: الخمر.
وبقية العلماء : نفس الكلام ( الرحيق هو الخمر )
يسقون من خمر صافية محكم إناؤها
خِتَٰمُهُۥ مِسۡكٞۚ وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ (26)
آخره رائحة مسك, وفي ذلك النعيم المقيم فليتسابق المتسابقون
ممزوج مخلوط، مِزاجه وخِلطه مِسك.
عن عبد الله بن مسعود
قال: ليس بخاتم، ولكن خلط.
عن مسروق، عن عبد الله
قال: ممزوج طعمه وريحه.
عن ابن عباس
الخمر خُتِمَ بالمسك
عن قتادة
عاقبته مسك قوم تُمزَج لهم بالكافور، وتختم بالمسك.
عن أبي الدرداء
فالشراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها، لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها.
وقال آخرون
( مَخْتُومٍ ) مُطَيَّن ( خِتَامُهُ مِسْكٌ ) طينه مسك.
إن ريحها في آخر شربهم يختم لها بريح المسك.
وَمِزَاجُهُۥ مِن تَسۡنِيمٍ (27)
هذا الشراب مزاجه وخلطه من عين في الجنة تعرف لعلوها بـ " تسنيم
مزاج هذا الرحيق من تسنيم
والتسنيم
عين تجري عليهم من فوقهم، ومزاجه من ماء ينـزل عليهم من فوقهم فينحدر عليهم. وقد كان مجاهد والكلبيّ يقولان في ذلك كذلك.
عن الكلبيّ، في قوله: ( تَسْنِيمٍ )
قال: تسنيم ينصبّ عليهم من فوقهم، وهو شراب المقرّبين. وأما سائر أهل التأويل، فقالوا: هو عين يمزج بها الرحيق لأصحاب اليمين، وأما المقرّبون، فيشربونها صِرْفًا.
عن مالك بن الحارث
( وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ) قال: في الجنة عين يشرب منها المقرّبون صرفا، وتمزج لسائر أهل الجنة.
عن ابن عباس
عينًا من ماء الجنة تُمزج به الخمر.
عن الحسن
خفايا أخفاها الله لأهل الجنة
عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا ٱلۡمُقَرَّبُونَ (28)
ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك
عين أعدت ; ليشرب منها المقربون, ويتلذذوا بها
شراب اسمه تسنيم وهو من أشرف الشراب. فتأويل الكلام: ومزاج الرحيق من عين تُسَنَّم عليهم من فوقهم، فتنصبّ عليهم ( يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ ) من الله صرفا، وتمزج لأهل الجنة.
إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ (29)
إن الذين اكتسبوا المآثم، فكفروا بالله في الدنيا، كانوا فيها من الذين أقرّوا بوحدانية الله، وصدّقوا به ( يضحكون ) ، استهزاء منهم بهم
إن الذين أجرموا كانوا في الدنيا يستهزئون بالمؤمنين
وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ (30)
وكان هؤلاء الذين أجرموا إذا مرّ الذين آمنوا بهم يتغامزون؛ يقول: كان بعضهم يغمز بعضا بالمؤمن، استهزاء به وسخرية
وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31)
يقول: وكان هؤلاء المجرمون إذا انصرفوا إلى أهلهم من مجالسهم انصرفوا ناعمين معجَبين.
قال: انقلب ناعما، قال: هذا في الدنيا، ثم أعقب النار في الآخرة.
وإذا رجع الذين أجرموا إلى أهلهم وذويهم تفكهوا معهم بالسخرية من المؤمنين.
معنى فاكهين: ناعمين، وفكهين: مَرِحين
وَإِذَا رَأَوۡهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَضَآلُّونَ (32)
وإذا رأى المجرمون المؤمنين قالوا لهم: إن هؤلاء لضالون عن محجة الحقّ، وسبيل القصد ، وإذا رأى هؤلاء الكفار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, وقد اتبعوا الهدى قالوا: إن هؤلاء لتائهون في اتباعهم محمدا صلى الله عليه وسلم,
وَمَآ أُرۡسِلُواْ عَلَيۡهِمۡ حَٰفِظِينَ (33)
وما بعث هؤلاء الكفار القائلون للمؤمنين ( إن هؤلاء لضالون ) حافظين عليهم أعمالهم. يقول: إنما كُلِّفوا الإيمان بالله، والعمل بطاعته، ولم يُجعلوا رُقباء على غيرهم يحفظون عليهم أعمالهم ويتفقدونها،
فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ (34)
فيوم القيامة يسخر الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه من الكفار, كما سخر الكافرون منهم في الدنيا، وذلك يوم القيامة ( الَّذِينَ آمَنُوا ) بالله في الدنيا ( مِنَ الْكُفَّارِ ) فيها ( يَضْحَكُونَ )
عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ (35)
على المجالس الفاخرة ينظر المؤمنون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة والنعيم في الجنة, ومن أعظم ذلك النظر إلى وجه الله الكريم، على سررهم التي في الحجال ينظرون إليهم وهم في الجنة، والكفار في النار يعذّبون.
وكان ابن عباس يقول
إن السور الذي بين الجنة والنار يُفتح لهم فيه أبواب، فينظر المؤمنون إلى أهل النار، والمؤمنون على السرر ينظرون كيف يعذّبون، فيضحكون منهم، فيكون ذلك مما أقرّ الله به أعينهم، كيف ينتقم الله منهم.
هَلۡ ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ (36)
هل جوزي الكفار - إذ فعل بهم ذلك- جزاء وفاق ما كانوا يفعلونه في الدنيا من الشرور والآثام؟ هل أثيب الكفار وجُزُوا ثواب ما كانوا في الدنيا يفعلون بالمؤمنين من سخريتهم منهم، وضحكهم بهم بضحك المؤمنين منهم في الآخرة، والمؤمنون على الأرائك ينظرون، وهم في النار يعذّبون. و ( ثُوِّبَ ) فعل من الثواب والجزاء، يقال منه: ثوّب فلان فلانًا على صنيعه، وأثابه منه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. عن مجاهد
هل جزي؟ عن سفيان
( هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) حين كانوا يسخرون.
الروابط
Comments