top of page

الأنفال: صفحة 181

وَمَا لَهُمۡ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمۡ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَمَا كَانُوٓاْ أَوۡلِيَآءَهُۥٓۚ إِنۡ أَوۡلِيَآؤُهُۥٓ إِلَّا ٱلۡمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ (34)

فهذا مانع يمنع من وقوع العذاب بهم، بعد ما انعقدت أسبابه ثم قال‏:‏ ‏{‏وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ‏}‏ أي‏:‏ أي شيء يمنعهم من عذاب اللّه، وقد فعلوا ما يوجب ذلك، وهو صد الناس عن المسجد الحرام، خصوصا صدهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه، الذين هم أولى به منهم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانُوا‏}‏ أي‏:‏ المشركون ‏{‏أَوْلِيَاءَهُ‏}‏ يحتمل أن الضمير يعود إلى اللّه، أي‏:‏ أولياء اللّه‏.‏ ويحتمل أن يعود إلى المسجد الحرام، أي‏:‏ وما كانوا أولى به من غيرهم‏.‏ ‏{‏إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ‏}‏ وهم الذين آمنوا باللّه ورسوله، وأفردوا اللّه بالتوحيد والعبادة، وأخلصوا له الدين‏.‏ ‏{‏وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ‏}‏ فلذلك ادَّعَوْا لأنفسهم أمرا غيرهم أولى به‏.‏

وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءٗ وَتَصۡدِيَةٗۚ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ (35)

يعني أن اللّه تعالى إنما جعل بيته الحرام ليقام فيه دينه، وتخلص له فيه العبادة، فالمؤمنون هم الذين قاموا بهذا الأمر،وأما هؤلاء المشركون الذين يصدون عنه، فما كان صلاتهم فيه التي هي أكبر أنواع العبادات ‏{‏إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً‏}‏ أي‏:‏ صفيرا وتصفيقا، فعل الجهلة الأغبياء، الذين ليس في قلوبهم تعظيم لربهم، ولا معرفة بحقوقه، ولا احترام لأفضل البقاع وأشرفها، فإذا كانت هذه صلاتهم فيه، فكيف ببقية العبادات‏؟‏‏"‏‏.‏ فبأي‏:‏ شيء كانوا أولى بهذا البيت من المؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، إلى آخر ما وصفهم اللّه به من الصفات الحميدة، والأفعال السديدة‏.‏ لا جرم أورثهم اللّه بيته الحرام، ومكنهم منه،وقال لهم بعد ما مكن لهم فيه ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا‏}‏ وقال هنا ‏{‏فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ‏}‏

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ (36)

يقول تعالى مبينا لعداوة المشركين وكيدهم ومكرهم، ومبارزتهم للّه ولرسوله، وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته، وأن وبال مكرهم سيعود عليهم، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏ أي‏:‏ ليبطلوا الحق وينصروا الباطل، ويبطل توحيد الرحمن، ويقوم دين عبادة الأوثان‏.‏ ‏{‏َسَيُنْفِقُونَهَا‏}‏ أي‏:‏ فسيصدرون هذه النفقة، وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل، وشدة بغضهم للحق، ولكنها ستكون عليهم حسرة، أي‏:‏ ندامة وخزيا وذلا ويغلبون فتذهب أموالهم وما أملوا، ويعذبون في الآخرة أشد العذاب‏.‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ‏}‏ أي‏:‏ يجمعون إليها، ليذوقوا عذابها، وذلك لأنها دار الخبث والخبثاء

لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ (37)

واللّه تعالى يريد أن يميز الخبيث من الطيب، ويجعل كل واحدة على حدة، وفي دار تخصه،فيجعل الخبيث بعضه على بعض، من الأعمال والأموال والأشخاص‏.‏ ‏{‏فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ‏}‏ الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين‏.‏

إطلالة حول الآية

أخبر الله - تعالي - المؤمنين بجملة أخبار أمثال: أن يستغفروا وأن يعمروا المسجد الحرام، ,انه - سبحانه وتعالي - لن يعذبهم والرسول بينهم ( في حياته وربما من أحيا سنته بعد مماته) وهذه من صفات المؤمنين ، ولذا هذا ما ينبغي ان يكون ، وليس أن تتشاجروا حول أنفال ، بعدها من عادة القرآن أن يريك الفريقان ، فريق الخير وفريق الشر وعليك الإختيار ، وقد أخبرك بالإنفاق في سبيله وجملة أعمال خير ثم يوضح لك صورة ربما تكون غائبة عن ذهنك أن الكفار ينفقون أيضاً ولكن لسبب غير السبب الذي تنفق انت من أجله ألا وهو ( الصد عن سبيل الله ) عزيزي القاريء: ماذا تعلم عن عدد الأديان الأرضية في كوكب الأرض الآن، لقد وصلت إلي ما يقارب 4000 ديانة أرضية ، كلهم ينفقون الغالي والرخيص علي دياناتهم، فقد بنوا معبد من الذهب الخالص وكل ما فيه ذهب للفئران المعبودة ، حتي الأطباق التي يطعمون الفئران بها من الذهب الخالص ..وفي هذا تفصيل شديد ، الأهم: أنهم ينفقون مثل هذا ، وأنت تنفق وكأننا في مباراة وآخرها النتيجة وهي ( أن يميز الله الخبيث من الطيب ) ويجعل الخبيث بعضه فوق بعض فيركمه ككومة من التراب لا يعبأ بها مطلقا وهذه الكومة من الكفار الأشرار الخبثاء وأموالهم تتطاير حولهم في مشهد من مشاهد يوم القيامة التي أوردها الله في كتابه لتتخيل ما تستطيع تخيله . الأهم: أن يعافينا الله من هذا المشهد.

قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَنتَهُواْ يُغۡفَرۡ لَهُم مَّا قَدۡ سَلَفَ وَإِن يَعُودُواْ فَقَدۡ مَضَتۡ سُنَّتُ ٱلۡأَوَّلِينَ (38)

هذا من لطفه تعالى بعباده لا يمنعه كفر العباد ولا استمرارهم في العناد، من أن يدعوهم إلى طريق الرشاد والهدى، وينهاهم عما يهلكهم من أسباب الغي والردى، فقال‏:‏ ‏{‏قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا‏}‏ عن كفرهم وذلك بالإسلام للّه وحده لا شريك له‏.‏ ‏{‏يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏ منهم من الجرائم ‏{‏وَإِنْ يَعُودُوا‏}‏ إلى كفرهم وعنادهم ‏{‏فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأوَّلِينَ‏}‏ بإهلاك الأمم المكذبة، فلينتظروا ما حل بالمعاندين، فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون، فهذا خطابه للمكذبين ، وأما خطابه للمؤمنين عندما أمرهم بمعاملة الكافرين، فقال‏:‏ ‏{‏وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ‏}‏.

إطلالة حول الآية

قل يا محمد، قل يا أتباع محمد إلي يوم القيامة لمن ؟ لأي كافر تواجه منه شدة علي هذا الدين ، كراهية وصد عن سبيل الإسلام، إن تنتهوا عما تفعلون يغفر لكم ما قد سلف ، أبهذه البساطة؟ عداوة وكراهية وصد عن سبيل الله وربما فتنة المؤمنين في دينهم وشبهات ووو، نعم يغفر لهم ما قد سلف ، ومن عاد: من عاد إلي الكفر وإضلال الناس عن دين الإسلام فقد عرفوا أن الأمم السابقة استئصلت بعذاب من عند الله بمنتهي السهولة ، وقد رأينا في حياتنا المعاصرة من تسونامي جاء علي صفوة البشر وهم يتمتعون وقد جاء العذاب بغتة ، وعذاب الله - تعالي - عندما يجييء لا يفرق بين غني أو فقير أو صاحب مكانة من غيره - كل ما نريد أن نقول: الله لا تجعلنا ممن استئصلتهم بعذابك.




وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ فَإِنِ ٱنتَهَوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ (39)

‏{‏وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ‏}‏ أي‏:‏ شرك وصد عن سبيل اللّه، ويذعنوا لأحكام الإسلام، ‏{‏وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ‏}‏ فهذا المقصود من القتال والجهاد لأعداء الدين، أن يدفع شرهم عن الدين، وأن يذب عن دين اللّه الذي خلق الخلق له، حتى يكون هو العالي على سائر الأديان‏.‏ ‏{‏فَإِنِ انْتَهَوْا‏}‏ عن ما هم عليه من الظلم ‏{‏فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ‏}‏ لا تخفى عليه منهم خافية‏.‏

إطلالة حول الآية

وقاتلوهم ( من يارب ؟) الذين يصدون عن دين الإسلام، أيها المسلم من هم تحديداً؟ هل هي الحكومات الموالية للغرب، هل هي الجيوش والضباط الذين أكلوا معك في طبق واحد ربما في الأرياف ؟ من هم يا عزيزي المؤمن؟ إنهم من صدوا عن سبيل الله ودفعوا من أموالهم الكثير ليصلوا لدرجة أن يجعلوا الناس غير متدينين بالإسلام ويدخلوا ديانات أخري أو أقل تقدير لا يتدينون من الأساس، انظر حولك في البلدان العربية هل تجد الإسلام نادر الوجود في الصدور أو في الحياة ، إنه موجود بصورة كبيرة ، ويدنا القوية وبأسنا ضد بعض ولذا الزلازل والمشاكل والمصاعب كلها عندنا ، لماذا لا توجه ضرباتك القوية لمن جعل النساء عبيد؟ والأطفال عبيد للجنس أحياناً ، لماذا لا توجه ضرباتك لمن يسرق طعام المجاعات ويحتكر عليهم الأسواق ، أليس هؤلاء ممن يصدون عن الإسلام ؟ إن الرسول - صلي الله عليه وسلم قرن بين الكفر والفقر في حديث واحد ( الله إني أعوذ بك من الكفر والفقر) فالفقر يأتي بالكفر ، الأهم قاتلوهم ( أي من كانت فيه صفات الكفر والصد عن سبيل الله ) حتي لا تكون فتنة، ما هي الفتنة ؟ هل هي فتنة عامة مثل أن يبتلي الناس بالحروب؟ أم فتنة خاصة لكل منا علي حدي ، فقد امتلأت البلدان الإسلامية بكل أنواع المظالم من حروب وطلاق وترمل وتفكك اسري ومناحرة اجتماعية ، وما كان في الغرب أصبح في الشرق ،

ويكون الدين كله لله

هل الدين في الأرض اليوم لله ؟

للأسف كما قلنا سابقا ، لذا فالقتال واجب علي المسلمين دفاعاً عن عقيدة وحماية سياج وأوطان ونساء وأطفال وشيوخ ركع لا مأوي لهم إلا أن يقاتل من أجلهم رجال أكفاء شجعان .


فإن انتهوا فإن الله كان ولايزال وسيبقي بصيرا بهؤلاء وبما أنت أيضاً فاعل أيها المسلم .


وَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوۡلَىٰكُمۡۚ نِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِيرُ (40)

‏{‏وَإِنْ تَوَلَّوْا‏}‏ عن الطاعة وأوضعوا في الإضاعة ‏{‏فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى‏}‏ الذي يتولى عباده المؤمنين، ويوصل إليهم مصالحهم، وييسر لهم منافعهم الدينية والدنيوية‏.‏ ‏{‏وَنِعْمَ النَّصِيرُ‏}‏ الذي ينصرهم، فيدفع عنهم كيد الفجار، وتكالب الأشرار‏.‏ ومن كان اللّه مولاه وناصره فلا خوف عليه، ومن كان اللّه عليه فلا عِزَّ له ولا قائمة له‏.‏

إطلالة حول الآية

إن تولوا جاءت من الولاية: تولوا منصب رفيع المستوي ، تولوا مكانة إجتماعية ومادية ، ولوا ظهرهم إليك وصمموا علي الصد عن الدين الإسلامي ، وأنت قاتلتهم واستنفذت قواك كلها ، فاعلم وقتها فقط أن الله هو الذي يتولاك ويتولي عامة المسلمين وهو نعم النصير - سبحانه وتعالي -

كلمة أخيرة

أيها المؤمن/أيتها المؤمنة الخاضعة تحت حرب أو تشريد أو زلزال أو غيره .

لا تتهموا الله - تعالي - في نصره للمؤمنين ، لن يفوتك رزقك، لن تموت حتي تنصر نصر فردي، وإن مت قبل هذا النصر ومت علي إسلامك فهو نوع من أنواع النصر ، النصر الحقيقي أن تخرج من هذه الدنيا الملعونة الملعون ما فيها بدينك كاملاً غير منقوص ، فهي هدية من الله لما ينتظرك في الآخرة ، ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)


فضائل ومعلومات عامة عن المسجد الحرام، تفضل بزيارة

الروابط

8 views0 comments

Recent Posts

See All

الأنفال: صفحة 184

ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page