top of page

سورة الأنفال: صفحة 177

السورة

مدنية ماعدا الآيات من 30: 36 مكية

السورة

من سور السبع الطوال

عدد آياتها

75 آية

ترتيبها

الثامنة في ترتيب المصحف

موضوعها الرئيس

نزلت بعد سورة البقرة، تبدأ السورة بفعل مضارع، اهتمت السورة بأحكام الأسرى والغنائم ونزلت بعد غزوة بدر

سبب التسمية

سميت سورة الأنفال بهذا الأسم لذكر حكم الأنفال فيها، والأنفال: هي الغنائم.

سبب النزول
عن ابن عباس قال

لما شاور النبي محمد ﷺ في لقاء العدو وقال له سعد بن عبادة ما قال وذلك يوم بدر أمر الناس فتعبوا للقتال وأمرهم بالشوكة فكره ذلك أهل الإيمان فأنزل الله كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ

عنِ ابن عباس رضي الله عنه قال

لما نزَلَتْ: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾. شَقَّ ذلك على المُسلِمينَ، حين فرَض عليهم أن لا يَفِرَّ واحدٌ من عشَرَةٍ، فجاء التَّخفيفُ، فقال: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾. قال: فلما خفَّف اللهُ عنهم منِ العِدَّةِ، نقَص منَ الصبرِ بقَدرِ ما خفَّف عنهم.

يَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَنفَالِۖ قُلِ ٱلۡأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصۡلِحُواْ ذَاتَ بَيۡنِكُمۡۖ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (1)
الأنفال هي الغنائم التي ينفلها اللّه لهذه الأمة من أموال الكفار

وكانت هذه الآيات في هذه السورة قد نـزلت في قصة بدر أول غنيمة كبيرة غنمها المسلمون من المشركين، .فحصل بين بعض المسلمين فيها نـزاع، فسألوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عنها، فأنـزل اللّه يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأنْفَال كيف تقسم وعلى من تقسم؟ قُلْ لهم: الأنفال لله ورسوله يضعانها حيث شاء

فلا اعتراض لكم على حكم اللّه ورسوله

بل عليكم إذا حكم اللّه ورسوله أن ترضوا بحكمهما، وتسلموا الأمر لهما، وذلك داخل في قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.. وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ أي: أصلحوا ما بينكم من التشاحن والتقاطع والتدابر، بالتوادد والتحاب والتواصل..فبذلك تجتمع كلمتكم، ويزول ما يحصل - بسبب التقاطع -من التخاصم، والتشاجر والتنازع

ويدخل في إصلاح ذات البين

تحسين الخلق لهم والعفو عن المسيئين منهم فإنه بذلك يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء والتدابر،.والأمر الجامع لذلك كله قوله: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الإيمان يدعو إلى طاعة اللّه ورسوله،.كما أن من لم يطع اللّه ورسوله فليس بمؤمن

إطلالة حول الآية

1 - بدأت بشائر الخير علي المسلمين ومعها نقصان في الإيمان ، فقد كان المسلمين قبل غزوة بدر، يشعرون بعدم الأمان والقلة والضغط والتوتر مما يفعله المشركون بهم وبأموالهم وأولادهم ، وفجأة بدأت أنواع الخير تلمسهم مرة أخري ، فمنهم من ترك ماله كله خلف ظهره في مكة ومنهم من ترك أولاده لله ، والآن الخير أتي .

2 - بعد الغزوة والغنائم من الغزوة مرماة علي الأرض ، سأل المسلمون الرسول - صلي الله عليه وسلم عن الغنائم، فكان الرد من الله مباشرة وليس من الرسول ( الأنفال: لله وللرسول ) أي لا تتحدثوا عن هذا ، الذي تتحدثون عنه هو ( تقوي الله + إصلاح ذات البين) ,اطيعوا الله ورسوله في احكامه والغريب ( إن كنتم مؤمنين) هذا تشكيك ي إيمانهم وهم صحابة رسول الله - صلي الله عليه وسلم - إن لم ينزلوا علي حكم الله وقت الغنائم، فما بالنا نحن؟ إننا نعيش في بحبوحة من العيش وبعض البلدان بفضل من الله ليست تحت طائلة الحرب ، قيتبقي شيء واحد ألا وهو التشاجر بين المؤمنين ، وهي الخطوة السابعة والأخيرة من خطوات الشيطان، ولا عجب فقد جرب مع المؤمنين الشرك والكفر وغير ذلك فلم يجدي معهم ( لأنهم مؤمنين ) فكانت التي لم يستطع حتي الأنبياء التفلت منها ( التحريش بين المؤمنين) .

3 - إن لم نتق الله ( أي نجعل بيننا وبين عذابه وقاية بالأعمال الخالصة له الموافقة للسنة ) + بيننا تشاجر + لا نطيع الله في حكمه : فهو تشكيك في إيماننا برب الأرض والسماء لا محالة .

إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ يَتَوَكَّلُونَ (2)
ومن نقصت طاعته للّه ورسوله، فذلك لنقص إيمانه

ولما كان الإيمان قسمين: إيمانا كاملا يترتب عليه المدح والثناء، والفوز التام، وإيمانا دون ذلك ذكر الإيمان الكامل فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الألف واللام للاستغراق لشرائع الإيمان. الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب.

وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا

ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،.لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم،أو وجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان. وَعَلَى رَبِّهِمْ وحده لا شريك له يَتَوَكَّلُونَ أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك. والتوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد ولا تكمل إلا به.

" وَعَلَى رَبِّهِمْ " وحده, لا شريك له " يَتَوَكَّلُونَ "

أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم, في جلب مصالحهم, ودفع مضارهم الدينية, والدنيوية, ويثقون بأن اللّه تعالى, سيفعل ذلك.والتوكل, هو, الحامل للأعمال كلها, فلا توجد ولا تكمل, إلا به.

إطلالة حول الآية

للمؤمنين صفات كثيرة في القرآن من إيمان بالله ورسله وإيمان بالكتب السماوية وإيمان باليوم الآخر ، نعم هذا في أول الإيمان بالله، أب إيمان إن صح التعبير ، أما الآن فالمسلمون يجاهدون من أجل الله، يبذلون ما في وسعهم لإرضاء الله، إذن هناك رُتبة إيمانية أعلي ، وهي ما بين أيدينا

( الوجل ) الفزع- شدة الخوف ، وقد يتساءل إنسان ، لماذا أخاف الله تعالي وأفزع منه وإليه أرجع إليه، وأنا عرفته بالحب لا بالفزع ، الفكرة هنا تكمن في مؤمنين سيفقدون إيمانهم بالكلية ، لمجرد لعاع من الدنيا ( مجرد أشياء سيملأون بها الجدران الفارغة عندهم) وهي أشياء - ماديات - والإيمان قائم علي الروحانيات لا الماديات .

2 - وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ( وهاهي آية من ضمن الآيات التي تتلي عليهم ) اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فماذا هم فاعلين ، للإيمان كما اتفقنا مستويات ولكل مستوي إيماني الإختبار الخاص به ، فلن تدعي بالأقوال أنك مؤمن ولن تختبر ، والإختبارات القاسية لا يمر منها بسلام إلا الذي استذكر جيدا ، وهنا كبار الصحابة كانوا في بدر ، نحن لا نتكلم عن من أسلم حديثا ، بل عن أبي بكر وعمر وعلي وطلحة والزبير وغيرهم - رضوان الله عليهم جميعا ، أتتخيل أن يتركهم الله في حالهم . مستحيل أليس كذلك ، إنهم السواعد التي ستبني هذا الدين لأجيال وأجيال.

3 - وأنت، وأنا ونحن ألسنا جيل يأتي من بعدنا أجيال؟ لو سلمناهم الدين من بين أيدينا ونحن تعلو أصواتنا بالشجار والسباب والدعاء علي بعضنا البعض ماذا تتخيل أن يكون مصصير المؤمنين بعد 10 أعوام؟ الحقيقة أن الله - تعالي - أخبرنا بأحداث عِظام أنهكت الأمة من كل جانب بسبب ما نحن عليه ( التشاحن بين المؤمنين وما أظهر من سوء أخلاقنا وقلة تسامحنا وقلة صبرنا علي ما بتلينا به ) وكلها علي غنائم - ماديات نملأ بها الجدران الخاوية .

4 - إنك خبير أن لكل شيء ختم يختم به كما الأوراق الرسمية ، وختم الآية إن صح التعبير هنا ( وعلي ربهم يتوكلون) ماذا تعني؟ الآن هناك مشكلة صاخبة ألمت بين المؤمنين لا بينهم وبين الكفار بل بينهم وبين أنفسهم، من سيأخذ هذا ومن له الحق في هذا؟ فالله - تعالي - يريدك كمؤمن أن تثق فيه ، أن تعلم أنك لست كاملاً، والكمال يكمن في الأخلاق الواسعة التي تتسع أن يأخذ اخيك مثل ما تأخذ أنت أو أقل تقدير تسمح له بالتنفس والعطاء مثلك أنت وهذا ( إسلام ) وليس إيمان، أما أن تتشاجر معه علي ان لا يأخذ معك شيء هذا شيء في غاية الإنكار وكأنك تقول لله - تعالي - أنا لا أثق في عدلك، أنا لا أثق في إنك ستحفظ لي ما بين يدي وستأخذه مني وتعطيه لمؤمن آخر ، وهذا غاية في سوء الأدب مع الله - تعالي - لأنه لن تموت نفس حتي تستوفي رزقها كما علمنا من الحديث الشريف ولن يأخذ أحد قطرة ماء هابطة من السماء مكتوبة باسمك واخرجت لك ثمرتك أنت ، إنه التوكل أيها المؤمن الذي اصبحت في مستوي اعلي الآن .

ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ (3)

" الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ " من فرائض, ونوافل, بأعمالها الظاهرة والباطنة, كحضور القلب فيها, الذي هو روح الصلاة ولبها.

" وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ "

النفقات الواجبة, كالزكوات, والكفارات, والنفقة على الزوجات والأقارب, وما ملكت أيمانهم.

والمستحبة كالصدقة في جميع طرق الخير

إطلالة حول الآية

من صفات هؤلاء المؤمنين الذين علوا درجة إيمانية أنهم يقيمون الصلاة ، لا يؤدونها لحركات وشعائر وأركان محفوظة في الصدور وهي من الإسلام بمكان ، لكن الأصل في الصلاة أنها صلة بين العبد وربه كما جاء في الحديث ، هل أحببت يوما ما صديق لك، هل تواصلت معه، أم مجرد ما تصادقتم كل واحد ذهب في إتجاه؟ الصلة والتواصل ولغة الحوار والشكوي منه إليه هذه هي إقامة الصلاة ، فالمناجاة صلاة ، واستحضار التواصل مع رسول الله صلاة ، واستخضار التسليم علي الملائكة يمنة ويسري صلاة وبعد ذلك هي حاجات نقضيها علي يد من بيده الأمر إن شاء أنفذها لنا وإن شاء منع ... اللهم اجعل قرة أعيننا في الصلاة فهي كبيرة إلا علي الخاشعين .، ومما رزقناهم ينفقون: يقال الدينار سُمي كذلك لأنه ( دين + نار) إن أنفقت منه في الحلال علي نفسك وأهلك والمحتاجين فهو دينك، وإن كانت الأخري فهو نار ، وسميت الصدقة برهان كما جاء في الحديث الشريف لأن الصدقة برهان الإيمان ، والله أعلي وأعلم .

أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَمَغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ (4)

" أُولَئِكَ " الذين اتصفوا بتلك الصفات " هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا " لأنهم جمعوا بين الإسلام والإيمان, بين الأعمال الباطنة, والأعمال الظاهرة, بين العلم والعمل, بين أداء حقوق اللّه, وحقوق عباده وقدم تعالى أعمال القلوب, لأنها أصل لأعمال الجوارح, وأفضل منها وفيها دليل على أن الإيمان, يزيد وينقص, فيزيد بفعل الطاعة, وينقص بضدها.

وأنه ينبغي للعبد, أن يتعاهد إيمانه وينميه

وأن أولى ما يحصل به ذلك, تدبر كتاب اللّه تعالى, والتأمل لمعانيه ثم ذكر ثواب المؤمنين حقا فقال: " لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ " أي: عالية بحسب علو أعمالهم.

" وَمَغْفِرَةٌ " لذنوبهم " وَرِزْقٌ كَرِيمٌ "

وهو ما أعد اللّه لهم في دار كرامته, مما لا عين رأت: ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر.

ودل هذا, على أن من يصل إلى درجتهم في الإيمان - وإن دخل الجنة - فلن ينال ما نالوا, من كرامة اللّه التامة.

إطلالة حول الآية

للإختصار صفات المؤمنين في هذا المستوي الإيماني بعد غزوة في سبيل الله كان من الممكن أن يموتوا فيها

1 - تفزع قلوبهم عند ذكر الله .

2 - وإذا سمعوا القرآن من أحدهم يتلوه عليهم - في مجلس ذكر - أو حتي سماع قرآن بأي وسيلة يزداد الإيمان في قلوبهم

3 - علي ربهم يتوكلون ، وللأسف التوكل أيضاً له اختبارات كما اختبارات الإيمان بل أشد، يبعد أحباءك عنك ، يجعل الجميع ينقلب ضدك ، هل لازلت تتوكل عليه ؟ هل لازلت تحبه وتعلم أنه يريد بك الخير .

4 - يقيمون الصلاة

5 - من رزقهم ينفقون سواء مال وهو الأعز، أو علم أو وقت أو صحة يقوم بها بحوائج الناس وغيرها بالطبع .

كَمَآ أَخۡرَجَكَ رَبُّكَ مِنۢ بَيۡتِكَ بِٱلۡحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لَكَٰرِهُونَ (5)

قدم تعالى - أمام هذه الغزوة الكبرى المباركة - الصفات التي على المؤمنين أن يقوموا بها، لأن من قام بها استقامت أحواله وصلحت أعماله، التي من أكبرها الجهاد في سبيله.

فكما أن إيمانهم هو الإيمان الحقيقي، وجزاءهم هو الحق الذي وعدهم اللّه به،.كذلك أخرج اللّه رسوله صلى الله عليه وسلم من بيته إلى لقاء المشركين في بدر بالحق الذي يحبه اللّه تعالى وقد قدره وقضاه

وإن كان المؤمنون لم يخطر ببالهم في ذلك الخروج أنه يكون بينهم وبين عدوهم قتال. فحين تبين لهم أن ذلك واقع، جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويكرهون لقاء عدوهم، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. والحال أن هذا لا ينبغي منهم، خصوصا بعد ما تبين لهم أن خروجهم بالحق، ومما أمر اللّه به ورضيه،

. فبهذه الحال ليس للجدال محل [فيها] لأن الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الأمر

فأما إذا وضح وبان، فليس إلا الانقياد والإذعان. هذا وكثير من المؤمنين لم يجر منهم من هذه المجادلة شيء، ولا كرهوا لقاء عدوهم،.وكذلك الذين عاتبهم اللّه، انقادوا للجهاد أشد الانقياد، وثبتهم اللّه، وقيض لهم من الأسباب ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها. وكان أصل خروجهم يتعرضون لعير خرجت مع أبي سفيان بن حرب لقريش إلى الشام، قافلة كبيرة،.فلما سمعوا برجوعها من الشام

ندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس،.فخرج معه ثلاثمائة، وبضعة عشر رجلا معهم سبعون بعيرا، يعتقبون عليها، ويحملون عليها متاعهم

فسمعت بخبرهم قريش، فخرجوا لمنع عيرهم، في عَدَدٍ كثير وعُدَّةٍ وافرة من السلاح والخيل والرجال، يبلغ عددهم قريبا من الألف. فوعد اللّه المؤمنين إحدى الطائفتين، إما أن يظفروا بالعير، أو بالنفير،.فأحبوا العير لقلة ذات يد المسلمين، ولأنها غير ذات شوكة،.ولكن اللّه تعالى أحب لهم وأراد أمرا أعلى مما أحبوا. أراد أن يظفروا بالنفير الذي خرج فيه كبراء المشركين وصناديدهم،. وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ فينصر أهله وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ أي: يستأصل أهل الباطل، ويُرِيَ عباده من نصره للحق أمرا لم يكن يخطر ببالهم. لِيُحِقَّ الْحَقَّ بما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه،. وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ بما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ فلا يبالي اللّه بهم.

قدم تعالى - أمام هذه الغزوة الكبرى المباركة - الصفات التي على المؤمنين أن يقوموا بها, لأن من قام بها, استقامت أحواله, وصلحت أعماله, التي من أكبرها, الجهاد في سبيله.

إطلالة حول الآية

أخرج الله - تعالي - حبيبه محمد - صلي الله عليه وسلم - من بيته في المدينة ليغزو في سبيل الله بعد أن أنهكه المشركين وأنك قوي المؤمنين ، وقد أخرجه من قبل من بيته المحبوب في مكة ، وهو فوق الأربعين، أتعلم أن قوتك النفسية بعد أن تعيش 40 عام في نفس المكان ( منطقة الراحة ) وفجأة يقال لك اخرج ، نعم اخرج وربما لن ترجع لهذا المسكن مرة أخري ، لإن احتمالية الموت قائمة لا محالة في الغزو، ,غن فريقاً من المؤمنين لكارهون ، لماذا كارهون ؟ تعودوا علي النعمة ، الأمان والمال والصحبة الجيدة من الأنصار - رضوان الله عليهم جميعا، لذا يريدون أن يبقوا هنيهة في مكان الراحة ، ولكن الإيمان كله حركة وعمل، وإن سكنت يوماً إلي ما عندك أفزعك الله في بعض ما تحب لتركض يمنة ويسري لإرضاء الله كما هو سعي هاجر - عليها السلام - أتتخيل أيها المؤمن: أن لك اليوم مشكلة أقل من خروجك من منطقة الراحة ؟ إنها مجرد ظنون والحياة تثبت لنا كل يوم إننا نتنفس فقط بفضل من الله وغير ذلك هي شكليات الحياة التي نظنها وردية وهي سراب في سراب عندما نقترب منها .

لماذا يصعب الخروج من منطقة الراحة الخاصة بك؟

يمكن أن تدوم المحاولات المعتادة لتجنب المشاعر المزعجة مدى الحياة ، مما يضمن أنك لن تدرك أبدًا أسمى آمالك وأحلامك تشرح دفاعات الطفل البدائية عن الانفصال والتشريد والإنكار والقمع كيف ندير المشاعر التي لا يمكننا تحملها.بمجرد إنشائها ، تستمر آليات الدفاع إلى أجل غير مسمى لأنه ، بغض النظر عن اللاوعي ، يتم تعزيزها باستمرار. لديك دفاعات يمكنها تخريبك بجعلك لست متيقظًا ولكن شديد اليقظة ، لست حذرًا ولكن شديد الحذر.

لقد كتبت سابقًا عن كيفية تخليص نفسك من هذا الفخ الانهزامي - الذي فرضته على نفسك ، وخادعًا ، وفي النهاية غير مريح بشكل خاص. إنه فخ يتنكر في شكل الحل ولكنه في الواقع يفاقم المشكلة الأصلية.


النقطة التي لا يمكن المبالغة فيها هي أنه بمجرد إنشائها ، تستمر آليات الدفاع إلى أجل غير مسمى. عندما "تتطوع" أجزاء من العقل الباطن من كيانك لحمايتك من مشاعر القلق أو اليأس التي لست قوياً بما يكفي لتحملها عقلياً ، فإن التقليل الفوري لهذه المشاعر السلبية يعتبر بمثابة تعزيز. وهذا ، للأسف ، يتيح لهم "السيطرة" عليك.

عندما يتحدث المعالجون عن "طفلك الداخلي"

إنهم عادة ما يشيرون إلى الطفل الجريح الذي ترك لك شكوكًا جدية (وغير واعية إلى حد كبير) حول ما إذا كنت - أو يمكن أن تكون - جيدًا بما فيه الكفاية. ومن الواضح ، إذا كان الشخص البالغ - ما زلت يحمل شكوكًا داخل الطفل ، فلن تسمح لنفسك (أو بالأحرى ، لن تسمح لك دفاعاتك) "بالسعي وراء ذلك". ستبتلى بواحدة "نعم ، لكن ..." واحدة تلو الأخرى. ستصبح سيد المماطلة أو المماطلة أو الاستسلام قبل الأوان ، أو ستنتقد سلوكياتك على أنها قاصرة إلى حد ما.

الشاهد من هذه الفقرات المتناثرة النفسية حول منطقة الراحة

أتتذكر معي المقولة: السفينة تنعم بالأمان علي المرسي ولكنها لم تخلق لهذا ؟

نعم إنه خروج للغزو ، نعم إنه خروج لملاقاة العدو، وإحتمالية عدم الرجوع واردة للأهل والأحباب ، أو ربما فقد بعضعم بسبب الغزو، لذا هم كارهون وهم صفوة الخلق - رضوان الله عليهم جميعاً- لذا لا تستكثر علي نفسك أن تخرج خاوي اليدين بعد زلزال مدمر ، ولا تستكثر أن تصاب بلدك الحرب والنوازل التي تنزل علي القلب قبل البدن ، إنه أخرج حبيبه من منطقة الراحة محمد وصحبه، ألا يخرجك انت ، تجلد فها هي الحياة ، نحن فقط من ينظر إليها بمشاعر الطفولة الشريدة.

الفساد اليوم ليس مشركين أمام مؤمنين ، الفساد اليوم مزعج للغاية ، ومنه سرقة الغذاء من أهل المجاعات ( ما يأتيهم من معونة من هنا أو هناك) ألا تستحق الغزو ؟ الفساد في تجارب الحيوانات لأرواح بريئة تأتي علي البئة بأسرها بعواقب وخيمة ألأا تستحق النظر فيما يفعلون؟ الهندسة الوراثية شوهت الخلق وأعادت المسخ إلي الأمة ( تهجين الحيوان بالإنسان ) خاصة الخنزير والبونوبو - نوع من القردة - ألا تستحق النظر إلي أين ذاهبون ؟

لا تحزن علي فقدان ، فمن ترك الشيء وراء ظهره وعيناه تمتلأن بالتوكل علي الله كفاه، واليوم الله لا يردك هنا بل هناك، خذ وقتك في أحزانك ثم استشرف ما يريده الله منك هناك .

يُجَٰدِلُونَكَ فِي ٱلۡحَقِّ بَعۡدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلۡمَوۡتِ وَهُمۡ يَنظُرُونَ (6)

جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ويكرهون لقاء عدوهم، كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون. والحال أن هذا لا ينبغي منهم، خصوصا بعد ما تبين لهم أن خروجهم بالحق، ومما أمر اللّه به ورضيه،. فبهذه الحال ليس للجدال محل [فيها] لأن الجدال محله وفائدته عند اشتباه الحق والتباس الأمر،. فأما إذا وضح وبان، فليس إلا الانقياد والإذعان. هذا وكثير من المؤمنين لم يجر منهم من هذه المجادلة شيء، ولا كرهوا لقاء عدوهم،.وكذلك الذين عاتبهم اللّه، انقادوا للجهاد أشد الانقياد، وثبتهم اللّه، وقيض لهم من الأسباب ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها.

ليقطع دَابِرَ الْكَافِرِينَ أي: يستأصل أهل الباطل

ويُرِيَ عباده من نصره للحق أمرا لم يكن يخطر ببالهم. لِيُحِقَّ الْحَقَّ بما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه،. وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ بما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ فلا يبالي اللّه بهم.

إطلالة حول الآية

يقال: لا يستطيع النقاش ( الجدال) إلا أصحاب العقول الكبيرة

نعم يجادل كبار الصحابة نخرج للغزو أم لا؟ ونحن قلة في العدد أم لا ؟ نترك الضياع والأموال مرة أخري أم لا؟ وهم يعلمون علم اليقين أنه الحق وأنه لا ينبغي عليهم أن يجادلونك فيه ، لكنها الطبيعة البشرية التي تغلب عليك مهما كنت تملك مستوي إيماني أعلي من غيرك ، السوق إلي الموت لا أحد يحبه مهما قدم من الصالحات، والمسيء يريد أن يتوب ، فهي مسألة ليست سهلة جادل فيها كبار الصحابة

وأنت: هل تجادل في الحق؟

هل بعد ما تبين لك أنه حق من ربك؟ تجادل لمجرد احتمالية السوق إلي الموت ، بتجارة خاسرة أو زواج فاشل ، أوزلزال أخذ الأبيض والأحمر ، سيدي المؤمن: لا تجادل في الحق ، من أسماء الله تعالي ( الحق ) فاعلم أن الحق لا يخرج منه إلا الحق والذي سيخرج منك أفضل ما فيك أنت ، فأنت مازلت مؤمن لكن الشوائب تحيط بك يمنة ويسرة، إن كانت تقصير عمل أو أخلاق ، فلا تجادل، عندما يريد الله إخراجك ستخرج ستخرج.

وَإِذۡ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّآئِفَتَيۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَٰتِهِۦ وَيَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَٰفِرِينَ (7)

فوعد اللّه المؤمنين, إحدى الطائفتين, إما أن يظفروا بالعير, أو بالنفير. فأحبوا العير لقلة ذات يد المسلمين, ولأنها غير ذات الشوكة ولكن اللّه تعالى, أحب لهم, وأراد أمرا, أعلى مما أحبوا أراد أن يظفروا بالنفير, الذي خرج فيه كبراء المشركين وصناديدهم.

" وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ "

فينصر أهله " وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ " .أي يستأصل أهل الباطل, ويُرِيَ عباده من نصرة للحق أمرا لم يكن يخطر ببالهم.

إطلالة حول الآية

لله تعالي إرادة ولك إرادة، وإرادة الله سابقة علي الجميع ، ويريد إحقاق الحق ووضعه في نصابه الطبيعي لأنه حكيم ، فإذا خرجت الأمور عن نصابها الحقيقي وانقلب الخير أصبح شر، والشر أصبح خير بمسميات جديدة ، هنا الله - تعالي - يريد أن يحق الحق بكلماته - بقراءنه - بمنهجه ويقطع دابر الكافرين ، لأنك لا تتحرك إلا في الإتجاه الخاطيء إخوانك من المؤمنين يرون بأسك ، الله يزيد عليك البلاء حتي تعلم أنك لم تقدم الحياة لفسحة ، إنا جئت لإثبات الحق للحق ( الله ) فإذا لم تحارب فساد ما في حياتك قط فأنت لست تؤمن بهذه الآية التي بين أيدينا ، والله أعلي وأعلم.

لِيُحِقَّ ٱلۡحَقَّ وَيُبۡطِلَ ٱلۡبَٰطِلَ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُجۡرِمُونَ (8)

" لِيُحِقَّ الْحَقَّ "

بما يظهر من الشواهد والبراهين على صحته وصدقه.

" وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ "

بما يقيم من الأدلة والشواهد على بطلانه " وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ " فلا يبالي اللّه بهم

إطلالة حول الآية

ولو كره المجرمون يا عزيزي المؤمن، من هو المجرم؟

المجرم: الَّذِي ارْتَكَبَ جُرْماً يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ العِقَابَ- من يُتَّهم بارتكاب الجرائم

مرة أخري عزيزي المؤمن: أنت توجه مدفعك في الإتجاه الخاطيء ، أنت توجه مدفعك لمن يحمل مصحفه في صدره قبل جيبه ، أنت توجه الضربات للمؤمنين وتترك الكافرين والمجرمين لأنك لست قادر عليهم ، اتق الله ولنتقيه جميعاً في توجيه الضربات لمن يستحقها حقا ، الحياة مليئة بالإجرام فقط انظر حولك.

الروابط
8 views0 comments

Recent Posts

See All

الأنفال: صفحة 184

ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page