قال تعالي
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)
المعني العام للآية الكريمة
قال أبو جعفر: وهذا تنبيه من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم على حجته على مشركي قومه من عبدة الأوثان. يقول له تعالى ذكره: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثانَ والأنداد، والآمرين لك باتباع دينهم وعبادة الأصنام معهم: أندعو من دون الله حجرًا أو خشبًا لا يقدر على نفعنا أو ضرنا, فنخصه بالعبادة دون الله, وندع عبادة الذي بيده الضر والنفع والحياة والموت, إن كنتم تعقلون فتميزون بين الخير والشر؟ فلا شك أنكم تعلمون أن خدمة ما يرتجى نفعه ويرهب ضره، أحق وأولى من خدمة من لا يرجى نفعه ولا يخشى ضره!
نظرات حول الآية الكريمة
1 - قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا
إن الأرض اليوم تعج بالأيدلوجيات الفكرية التي ترنو إلي ان تكون دين أرضي وليس سماوي، ويقال في المثل العربي ( من تخصب تخير أو تحير) والمعني إذا أصبت يوما ما بأشياء كثيرة كلها تعجبك لا يمكنك أن تلتصق بهذا إلي الأبد، ولابد من اختيار شيء واحد مما يعجبك وتنتمي إليه وتتغير حياتك إذا كان لابد من التغيير لكي تتوافق مع هذا الشيء ، هنا يقول تعالي في هذه الآية لفئة من الناس هذه هي طبيعتها ( قل أندعو من دون الله، وكل شيء في هذه الحياة دون الله تعالي أي أقل منه ويحتاج اليه، تدعو هذه الفئة من الناس هذا الشيء وليكن صنم أو حجر أو خشب أو أي شيء يعبد من دون الله ، فيقول تعالي تصحيح مفاهيم: قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا . وهو سؤال ليس استفهامي بل استنكاري.
2 - وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ
ما هو العقب؟ هو عظم مؤَخَّر القدم، وهو أَكبر عظامها
الله تعالي يصف هذه الفئة من الناس بأنها تغيرت من حال إلي حال كانت عليه، وهو حال الضلال بعد حال الهداية التي وصلوا اليها، فيشبههم بالأعقاب وهي مؤخرة القدم، والطبيعي أن الإنسان لو وقع لا قدر الله علي ظهره لا يقع علي مؤخرة القدم، بل يقع علي الظهر ، فماذا يقصد رب العالمين بهذا ؟ هو تشبيه بأن الإنسان يتغير حاله للدرجة ألتي يقع فيها رأساً علي عقب وليس العقب في ظاهر القدم فيري الأمور بوضوح كما كانت، لا بل هي في الخلف فيقع ولا يري الهداية للطريق المستقيم مرة أخري، عياذا بالله، والله أعلي واعلم .
3 - كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ
أي أن الشياطين أتت لهتست من هوي نفسه، فك منا له هوي نفس وعليه أن يخالف هواه هذا ، لماذا؟ لأن الجنة حفت بالمكاره وحفت النار بالشهوات، فكلما جاءك امر يخالف هواك فلتغ=علم أنه أقرب لمحبة الله تعالي ، ويقال في علم النفس: إذا أردت أن تؤثر علي انسان فعليك باحتياجاته، وقتها ووقتها فقط تغير خططه وتسيطر عليه، فكلما رأي الشيطان فيك هوي نفس اخذك من احتياجاتك بالمثل ، وايضا الله أعلي واعلم. والسبب الأساسي الذي استهوتك الشياطين من أجله (انك حيران - متردد - لا تقف علي نتيجة حتمية تستطيع نفاذها).
4 - لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ
تخيل المشهد: هو الشياطين تنهشه بالوسوسة بسبب هوي نفسه، وأصحاب حقيقين حاضرين في المشهد يدعون ان يأتيهم ويتبع معهم الهدي ، ولو تخيلت المشهد لعلمت إن كنت من الشخصيات المترددة في الحياة أنه فاتك خير عظيم ، وقيل في دنيا الناس: إذا وجدت صديقاً مخلصاً صاحب ود حقيقي، فلا تُفرط فيه، فالتفريط فيه إفراط .
5 - قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ
تذكر دائماً وابدا، أن الأصحاب الحقيقين يدعونك إلي الخير، يدعونك إلي هدي الله، ولذا عقب الله تعالي علي الأصدقاء الغير مزيفين بأن الهدي هدي الله وهم يأتونك بهذا الهدي ، والله أعلي واعلم
6 - وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
نسلم: أي نستسلم، متي تستسلم لمن أمامك؟ وتغير وجهة نظرك من اجله هو؟ عندما يكون شخص أقوي منك، أو شخصية اعتبارية مثقفة عنك، أو أنت منبهر بها أو غير ذلك، هذا في دنيا الناس ، وليس كل الإستسلام نوع من انواع الهزيمة، بل هناك فضيلة تسمي الإستسلام وخاصة إذا أردت أن تكون لك علاقة دائمة مع أحدهم ، الحديث هنا لله عزوجل، واستسلامك لأوامره وهنا في الآية أن لا تكون متردد، أن تحسم أمرك، أن تقترب من الأصحاب الحقيقين الذين يدعونك إلي الهدي، وتذكر أمرنا لنسلم لرب العالمين ، ليس لهذا الصنم أو ذاك.
دراسات ذات صلة
علم النفس وراء التردد
في علم النفس، يشير التردد إلى
التأخير أو عدم اليقين في اتخاذ خيار أو اتخاذ إجراء. إنها ظاهرة نموذجية يمكن أن تحدث في مجموعة من السياقات، بما في ذلك حل المشكلات واتخاذ القرار والتفاعلات الاجتماعية. على سبيل المثال؛ يمكن أن يحدث التردد عند اتخاذ قرار بشأن مسار وظيفي أو ترك علاقة مسيئة بسبب عدم اليقين بشأن النتيجة.
قد يكون للتردد عواقب سلبية مثل
القلق والضغط والتسويف. وقد يؤدي أيضًا إلى إهدار الفرص أو حتى اتخاذ قرارات سيئة. في علم النفس، يتم التحقيق في التردد على نطاق واسع كجزء من عملية اتخاذ القرار والدافع وقانون الذات والقانون العاطفي. يمكن أن تساعد دراسة التردد وأسبابه الكامنة الأكاديميين والممارسين في تطوير حلول لمساعدة الناس على التغلب على الشك وإصدار أحكام أكثر قوة.
تلعب عدة أجزاء أساسية من الدماغ دورًا مهمًا في اتخاذ القرار.
اللوزة الدماغية مسؤولة عن ردود الفعل العاطفية، وخاصة الخوف. ويمكن أن يؤثر هذا على نفورنا من التهديد في مواجهة الغموض.
القشرة الجبهية: ترتبط هذه المنطقة بالتخطيط والتحليل واتخاذ القرار. فهي تزن الخيارات والنتائج العديدة قبل اتخاذ القرار.
الجسم المخطط: مسؤول عن المكافآت والرضا. ويمكن أن يؤثر على دافعنا لاتخاذ إجراءات معينة بناءً على الفوائد المتوقعة فقط.
بالانتقال إلى عمق علم النفس
فإن الأنا والأنا العليا لهما تأثير على لحظة التردد. تحاول الأنا تلبية رغباتنا استجابة للمحفزات الخارجية، بينما تعمل الأنا العليا كرقيب داخلي، تحمينا من الرياضات التي تعتبر غير مناسبة أو ضارة. يمكن أن تؤثر هاتان الآليتان على صراعاتنا الداخلية أثناء اتخاذ القرارات.
المغزي
1 - كن حقيقياً، كن نفسك الحاسمة ، لا تكن كالكرسي الهزاز لا تستقر في مكان مطلقا.
2 - لا تكن حيران في كل الأوقات، بل لابد من حسم أمرك واعلم أن هذا الحسم عليه عواقب لابد من تحملها لأنك لست طفل بعد، أنت ناضج بقراراتك، أنت صاحب رؤية وهدف .
Allah says
قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71)
Say, "Shall we call upon besides God that which neither benefits us nor harms us, and should we be turned back on our heels after God has guided us, like one whom the devils have led astray upon the earth? Confused, he has companions who invite him to the guidance, saying, “Come to us.” Say, “Indeed, the guidance of God - that is the [only] guidance, and we have been commanded to submit to the Lord of the worlds.” (71)
The general meaning of the noble verse
Abu Jaafar said: This is a warning from Allah the Almighty to His Prophet, may Allah bless him and grant him peace, regarding His argument against the polytheists of his people who worship idols. Allah the Almighty says to him: Say, O Muhammad, to these people who equate idols and rivals with their Lord, and who command you to follow their religion and worship idols with them: Should we call upon a stone or a piece of wood instead of Allah that has no power to benefit or harm us, so that we dedicate worship to it instead of Allah, and abandon the worship of the One in whose hand is harm and benefit, life and death, if you are rational and can distinguish between good and evil? There is no doubt that you know that serving that which is hoped for and whose harm is feared is more deserving and more appropriate than serving that which is not hoped for and whose harm is not feared!
Views on the Noble Verse
1 - Say: Should we call upon other than God that which neither benefits us nor harms us?
Today, the earth is teeming with intellectual ideologies that aspire to be an earthly religion, not a heavenly one. It is said in the Arabic proverb (Whoever is fertile, chooses or confused). The meaning is that if you are struck one day with many things that all pleases you, you cannot stick to this forever. You must choose one thing that pleases you and belong to it and change your life if change is necessary to be compatible with this thing. Here, the Almighty says in this verse to a group of people whose nature is (Say: Should we call upon other than God? And everything in this life is less than God Almighty, meaning less than Him and needs Him. This group of people calls upon this thing, let it be an idol, stone, wood, or anything that is worshipped other than God. So, the Almighty says, correcting concepts: Say: Should we call upon other than God that which neither benefits us nor harms us? This is not an interrogative question, but rather a rhetorical one.
2 - And we shall be returned on our heels after Allah has guided us.
What is the heel? It is the bone at the back of the foot, and it is the largest bone.
Allah the Almighty describes this group of people as having changed from one state to another, which is the state of misguidance after the state of guidance they reached, so He likens them to the heels, which are the back of the foot. Naturally, if a person were to fall, God forbid, on his back, he would not fall on the back of the foot, but rather on the back. So what does the Lord of the Worlds mean by this? It is a simile that a person’s state changes to the point where he falls upside down, and the heel is not on the front of the foot, so he sees things clearly as they were, but rather they are in the back, so he falls and does not see guidance to the straight path again, God forbid. And Allah is Most High and All-Knowing.
3 - Like one whom the devils have led him astray on earth, bewildered
That is, the devils came to tempt him with his own desires, so whoever has a desire for himself must oppose this desire of him. Why? Because Paradise is surrounded by hardships and Hell is surrounded by desires. So whenever something comes to you that opposes your desires, then let him know that he is closer to the love of Allah Almighty. And it is said in psychology: If you want to influence a person, then you should address his needs. Then and only then will you change his plans and control him. So whenever the devil sees a desire for himself in you, he will take you from your needs in return. And Allah is Most High and All-Knowing. And the main reason why the devils have tempted you is (that you are bewildered - hesitant - you do not stand on an inevitable result that you can carry out).
4 - He has companions who invite him to guidance. Come to us.
Imagine the scene: The devils are gnawing at him with whispers because of his own desires, and real companions are present in the scene calling for him to come to them and follow the guidance with them. If you imagine the scene, you will know that if you are one of the hesitant people in life, you have missed out on great good. It is said in the world of people: If you find a loyal friend with true affection, do not neglect him, for neglecting him is excess.
5 - Say: Indeed, the guidance of Allah is the guidance.
Always and forever remember that true companions invite you to goodness, invite you to the guidance of Allah. Therefore, Allah Almighty commented on the non-fake friends that the guidance is the guidance of Allah, and they come to you with this guidance. Allah is Most High and All-Knowing.
6 - And we have been commanded to submit to the Lord of the Worlds
Surrender: when do you surrender to the one in front of you? And change your point of view for his sake? When someone is stronger than you, or a prominent figure who is more educated than you, or you are impressed by him or something else, this is in the world of people, and not all surrender is a type of defeat, but there is a virtue called surrender, especially if you want to have a permanent relationship with someone, the talk here is to Allah Almighty, and your surrender to His orders and here in the verse is not to be hesitant, to make up your mind, to get close to the true companions who call you to guidance, and remember our command to surrender to the Lord of the Worlds, not to this idol or that.
Related study
The Psychology behind Hesitation
In psychology, indecision refers to
the delay or uncertainty in making a choice or taking an action. It is a typical phenomenon that can occur in a range of contexts, including problem solving, decision making, and social interactions. For example, indecision can occur when deciding on a career path or leaving an abusive relationship because of uncertainty about the outcome.
Hesitation can have negative consequences
such as worry, pressure, and procrastination. It might also result in missed opportunities or even poor decisions. In psychology, hesitation is extensively investigated as part of decision-making, motivation, self-law, and emotional law. The study of hesitation and its underlying causes can help academics and practitioners develop solutions to help people overcome doubt and make more powerful judgments.
Several key parts of the brain play an important role in decision-making.
The amygdala is responsible for emotional reactions, especially fear. This can influence our aversion to threat in the face of uncertainty.
The prefrontal cortex: This area is associated with planning, analysis, and decision-making. It weighs multiple options and outcomes before making a decision.
Moving deeper into psychology, the ego and superego have an impact on the moment of indecision. The ego tries to satisfy our desires in response to external stimuli, while the superego acts as an internal censor, protecting us from sports that are deemed inappropriate or harmful. These two mechanisms can influence our internal conflicts when making decisions.
The moral
1- Be Authentic, be your decisive self, don't be like a lazy chair that never settles in one place.
2- Don't be confused all the time, but you must make up your mind and know that this decision has consequences that must be borne because you are not a child yet, you are mature in your decisions, you have a vision and a goal.
The link
Comments