top of page

الروم: صفحة 408

وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرّٞ دَعَوۡاْ رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُم مِّنۡهُ رَحۡمَةً إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُم بِرَبِّهِمۡ يُشۡرِكُونَ (33)

يقول تعالى ذكره: وإذا مسّ هؤلاء المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ضرّ، فأصابتهم شدة وجدوب وقحوط (دَعَوْا رَبَّهُمْ) يقول: أخلصوا لربهم التوحيد، وأفردوه بالدعاء والتضرّع إليه، واستغاثوا به (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ)، تائبين إليه من شركهم وكفرهم (ثُمَّ إِذَا أذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) يقول: ثم إذا كشف ربهم تعالى ذكره عنهم ذلك الضرّ، وفرّجه عنهم، وأصابهم برخاء وخصب وسعة، (إذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يقول: إذا جماعة منهم (بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) يقول: يعبدون معه الآلهة والأوثان.

إطلالة حول الآية

1 - المس شيء لطيف طفيف ، والضر في الحياة مؤلم حقاً ، فهناك ألم فقد الأحبة ، وهناك فقد المكانة أو البيت أو العمل أو كلاهما معاً في الزلازل والطوفان وغيرها ، فماذا يقصد الله - تعالي - بمس الضر، ربما بالنسبة لعذاب الآخرة هذا كله وإن اجتمع مجرد مس .

2 - المنيب في اللغة: المطر الكثير ، وكأن المعني أن رجوع الإنسان الذي أصابه الضر إلي الله - تعالي - رجوع بالكلية ، ويدعوه كثير ففي موضع آخر يسميه الله ( دعاء عريض ) أي نفس الدعوة مراراً وتكرارا.

3 - ثم إذا أذاقهم: ذوق ، مجرد تذوق الخير مرة اخري في حياته .

4 - فريق من الناس بريهم الذي أنابوا إليه يشركون به ، إما النعمة التي أخذوها فيكبروها في أعينهم حتي يحبوها أكثر من الله ، والله يقول في غير موضع من القرآن ( والذين آمنوا أشد حباً لله ) والله أعلي وأعلم .

5 - الحمد لله أنه - سبحانه وتعالي - لا يعمم ( فريق بربهم يشركون ) فاستثني حتي لا تكون هذه الآية وما بعدها تهديد للناس جميعا.

لِيَكۡفُرُواْ بِمَآ ءَاتَيۡنَٰهُمۡۚ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ (34)

يقول تعالى ذكره متوعدا لهؤلاء المشركين الذين أخبر عنهم أنه إذا كشف الضرّ عنهم كفروا به: ليكفروا بما أعطيناهم، يقول: إذا هم بربهم يشركون، كي يكفروا: أي يجحدوا النعمة التي أنعمتها عليهم، بكشفي عنهم الضرّ الذي كانوا فيه، وإبدالي ذلك لهم بالرخاء والخصب والعافية، وذلك الرخاء والسعة هو الذي آتاهم تعالى ذكره: الذي قال: (بِمَا آتَيْنَاهُمْ) وقوله: (فَتَمَتَّعُوا) يقول: فتمتعوا أيها القوم، بالذي آتيناكم من الرخاء والسعة في هذه الدنيا(فَسَوْف تَعْلَمُونَ) إذا وردتم على ربكم ما تلقون من عذابه، وعظيم عقابه على كفركم به في الدنيا.

إطلالة حول الآية

لماذا يشركون بالله : أباً أو أخاً أو بيت واسع جميل أو تجارة يخافون كسادها أو مال يتفقدونه ليل نهار أو غير ذلك، ( ليكفروا) بما أعطاهم الله ، وكيف الكفر بعطية الله ؟ إذا أعطاك أولاد بعد حرمان ربيتهم علي غير الإسلام ، أو رزقك بزوجة فساعدنها علي معصية الله بأن لا تأمرها بما أراد الله أو تنهاها عن ذلك ...الخ

فتمتعوا

التمتع: التَّلَذُّذُ والانْتِفاعُ بالشيء ، وهو في الغالب مؤقت ، والكلمة في القرآن لا تأتي إلا بين يديها تهديد ووعيد

فسوف تعلمون
أَمۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٗا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِۦ يُشۡرِكُونَ (35)

قول تعالى ذكره: أم أنـزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الآلهة والأوثان كتابا بتصديق ما يقولون، وبحقيقة ما يفعلون

(فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ)

فذلك الكتاب ينطق بصحة شركهم، وإنما يعني جلّ ثناؤه بذلك: أنه لم ينـزل بما يقولون ويفعلون كتابا، ولا أرسل به رسولا وإنما هو شيء افتعلوه واختلقوه؛ اتباعا منهم لأهوائهم.

( أَمْ أَنـزلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ )

أم أنـزلنا عليهم كتابا فهو ينطق بشركهم.

وَإِذَآ أَذَقۡنَا ٱلنَّاسَ رَحۡمَةٗ فَرِحُواْ بِهَاۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةُۢ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيهِمۡ إِذَا هُمۡ يَقۡنَطُونَ (36)

يقول تعالى ذكره: إذا أصاب الناس منا خصب ورخاء وعافية في الأبدان والأموال، فرحوا بذلك، وإن تصبهم منا شدّة من جدب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان (بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهمْ) يقول: بما أسلفوا من سيئ الأعمال بينهم وبين الله، وركبوا من المعاصي (إذَا هُمْ يَقْنطُونَ) يقول: إذا هم ييأسون من الفرج، والقنوط: هو الإياس.

إطلالة حول الآية

وإذا أذقنا الناس، مجموع الناس بمؤمنهم بكافرهم ( رحمة ) فرحوا بها ،، ولفظ فرح في القرآن جاءت بالمعني المحمود والمعني المذموم علي السواء ، هنا جاءت بمعني سلبي ، بمعني إن في حد ذاته غير مكروه ، فليفرح من يفرح ، لكن المشكلة تكمن إن أصابتهم سيئة بما قدمت أيديهم يشعرون بالقنوط: وأشد اليأس .

وانظر للفظ ( تصبهم ) تأتي من إصابه هدف ، ومن الذي يرمي؟ الله تعالي - ألأم تسمع قوله تعالي ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي ) المصيبة التي تصيبك مستهدفة شيء يوجعك أنت تحديدا ، ممكن من بجانبك لا تؤثر فيه هذه النوعية من المصائب ، لذا هي إصابة هدف .

في النهاية - لا ينبغي هذا ولا ذاك ، لا فرح شديد أو قنوط شديد والإثنين تطرف عن الوسطية المعتدلة ، لذا نحن أمة وسطا ليس في الأقوال بل في الأفعال أيضا ، فتوسط حين تصاب بيأس ، واعتدل حيت ترزق بفرح .

أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ (37)

يقول تعالى ذكره: أولم ير هؤلاء الذين يفرحون عند الرخاء يصيبهم والخصب، وييأسون من الفرج عند شدّة تنالهم، بعيون قلوبهم، فيعلموا أن الشدّة والرخاء بيد الله، وأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده فيوسعه عليه، ويقدر على من أراد فيضيقه عليه (إنَّ فِي ذلكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤمِنُونَ) يقول: إن في بسطه ذلك على من بسطه عليه، وقدره على من قدره عليه، ومخالفته بين من خالف بينه من عباده في الغنى والفقر، لدلالة واضحة لمن صدّق حجج الله وأقرّ بها إذا عاينها ورآها.

إطلالة حول الآية

من ضمن آيات الله تعالي - المرئية حولك: أن فلان كان غني وأفقره الله ، وهذا فقير فأغناه الله، وهذا لم ينجب لسنوات طوال فرزقه الله، وهذا فقد ابنه بعد وصوله سن الرشد ، هي حياة تتداول أحداثها بين الناس بطريقة غريبة لا يفهمها أفضل الحكماء ، غير النظر ومنا من يعتبر ومنا من يأخذها علي سبيل التهكم والسخرية لإصابات الناس وكأن المصائب لن تزورنا يوما - عافاك وعافانا الله من كل بلاء ومكروه وسوء

فَـَٔاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ وَٱلۡمِسۡكِينَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِيلِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ (38)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فأعط يا محمد ذا القرابة منك حقه عليك من الصلة والبرّ، والمسكين وابن السبيل، ما فرض الله لهما في ذلك.

عن الحسن (فآت ذَا القُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسكينَ وَابْنَ السَّبِيلِ)

هو أن توفيهم حقهم إن كان عند يسر، وإن لم يكن عندك؛ فقل لهم قولا ميسورا، قل لهم الخير. وقوله: ( ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ) يقول تعالى ذكره: إيتاء هؤلاء حقوقهم التي ألزمها الله عباده، خير للذين يريدون الله بإتيانهم ذلك (وأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ) يقول: ومن يفعل ذلك مبتغيا وجه الله به، فأولئك هم المنجحون، المدركون طلباتهم عند الله، الفائزون بما ابتغوا والتمسوا بإيتائهم إياهم ما آتوا.

إطلالة حول الآية

ما علاقة هذه الآية بما قبلها ؟

وكأن الله - تعالي - يريد أن يقول لك بطريق غير مباشر ( كل الناس علي هذه الشاكلة : ما جاء أعلي ) إلا من سيفعل هذه الأشياء يعطي الأقرباء والمساكين وابن السبيل من ماله الخاص ، لماذا؟ حتي تضمن أن لا تنتكس لحال لا يرضيك ، كما يقال ( قصقص النعمة بمقص الشكر ) والمال هو أكبر النعم التي نري فيها الفقد والرزث بطريقة لا غموض بها .

ذلك خير للذين يريدون وجه الله

لكل إنسان وجهة يحاول إرضاءها في الحياة ، فالزوجة تحاول إرضاء زوجها الغير متدين بسفورها ، والأم تتكتم علي اخطاء أولادها من أجل إرضاءهم عليها ، وهناك من لا يهمه إلا رضا الله - تعالي -أي ما كانت الجهة التي تحاول إرضاءها ، هذا هو الطريق .

وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن رِّبٗا لِّيَرۡبُوَاْ فِيٓ أَمۡوَٰلِ ٱلنَّاسِ فَلَا يَرۡبُواْ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَآ ءَاتَيۡتُم مِّن زَكَوٰةٖ تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُضۡعِفُونَ (39)

يقول تعالى ذكره: وما أعطيتم أيها الناس، بعضكم بعضا من عطية؛ لتزداد في أموال الناس برجوع ثوابها إليه، ممن أعطاه ذلك، (فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ)، يقول: فلا يزداد ذلك عند الله، لأن صاحبه لم يعطه من أعطاه مبتغيا به وجهه (وَما آتَيْتمْ مِنْ زَكاةٍ) يقول: وما أعطيتم من صدقة تريدون بها وجه الله، (فَأُوْلَئِكَ) يعني الذين يتصدّقون بأموالهم، ملتمسين بذلك وجه الله (هُمُ المُضْعِفُونَ) يقول: هم الذين لهم الضعف من الأجر والثواب. من قول العرب: أصبح القوم مسمِنين معطِشين، إذا سمنت إبلهم وعطشت.

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِبا لِيَرْبُوَ فِي أمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ)

هو ما يعطي الناس بينهم بعضهم بعضا، يعطي الرجل الرجل العطية، يريد أن يعطى أكثر منها.

هو الرجل يعطي الرجل العطية ليثيبه.

الرجل يعطي ليثاب عليه.

الهدايا.

يعطي ماله يبتغي أفضل منه.

هو الرجل يهدي إلى الرجل الهدية؛ ليثيبه أفضل منها.

هو الرجل يعطي العطية، ويهدي الهدية، ليثاب أفضل من ذلك، ليس فيه أجر ولا وزر.

ما أعطيت من شيء تريد مثابة الدنيا، ومجازاة الناس ذاك الربا الذي لا يقبله الله، ولا يجزي به.

إنما عنى بهذا الرجل: يعطي ماله الرجل ليعينه بنفسه، ويخدمه، ويعود عليه نفعه، لا لطلب أجر من الله.

كان هذا في الجاهلية، يعطي أحدهم ذا القرابة المال يكثر به ماله.

إطلالة حول الآية

هناك نوعية أخري من البشر، لا يتعاملون معك قريب أم بعيد إلا أن ينالوا منك مصلحة ، فإذا لم تأت مصلحة لا يحبون التعامل معك، هنا في هذه الآية الكريمة يخبرنا الله - تعالي - عن هذه النوعية من البشر: لا يعطيك هدية أو مال أو غير ذلك قريب أم بعيد إلا وعينه علي الهدية التي ستهاديها له أكبر وأفضل أو أقل تقدير مساوية لما آتاك به .

وهذا لا يرضي الله

أما إذا أخرجت زكاتك وصدقاتك لوجه الله لا تريد الحصول علي منفعة ترجع إليك مما أعطيت فثوابك مضاعف عند الله - تعالي -

وهنا وقفة

تتخيل لماذا يريد منا الله - تعالي - ذلك ؟ هل لك صديق علي هذه الشاكلة ؟ هل تحب التعامل معه ؟ إن الله - تعالي - يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ، ومن سفاسف الأمور: الأخلاق الدنيئة مثل هذه ، لا نقصد العرف بل نقصد أن النية من الأساس أننا لا نعطي إلا من أجل أن نأخذ مقابل ، وتقدير الذات لا يأتي من الأخذ بل من العطاء .

ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ ثُمَّ رَزَقَكُمۡ ثُمَّ يُمِيتُكُمۡ ثُمَّ يُحۡيِيكُمۡۖ هَلۡ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَفۡعَلُ مِن ذَٰلِكُم مِّن شَيۡءٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ (40)

يقول تعالى ذكره للمشركين به، معرّفهم قبح فعلهم، وخبث صنيعهم: الله أيها القوم الذي لا تصلح العبادة إلا له، ولا ينبغي أن تكون لغيره، هو الذي خلقكم ولم تكونوا شيئا، ثم رزقكم وخوّلكم، ولم تكونوا تملكون قبل ذلك، ثم هو يميتكم من بعد أن خلقكم أحياء، ثم يحييكم من بعد مماتكم لبعث القيامة.

( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ )

للبعث بعد الموت.

(هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ )

هل من آلهتكم وأوثانكم التي تجعلونهم لله في عبادتكم إياه شركاء من يفعل من ذلكم من شيء، فيخلق، أو يرزق، أو يميت، أو ينشر، وهذا من الله تقريع لهؤلاء المشركين. وإنما معنى الكلام أن شركاءهم لا تفعل شيئا من ذلك، فكيف يعبد من دون الله من لا يفعل شيئا من ذلك، ثم برأ نفسه تعالى ذكره عن الفرية التي افتراها هؤلاء المشركون عليه بزعمهم أن آلهتهم له شركاء، فقال جلّ ثناؤه (سبحانه) أي تنـزيها لله وتبرئة (وَتَعالى) يقول: وعلوّا له (عَمَّا يُشْرِكُونَ) يقول: عن شرك هؤلاء المشركين به.


ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ (41)

يقول تعالى ذكره: ظهرت المعاصي في برّ الأرض وبحرها بكسب أيدي الناس ما نهاهم الله عنه.

(ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ)

عنى بالبرّ، الفلوات، وبالبحر: الأمصار والقُرى التي على المياه والأنهار.

حدثنا أبو كُرَيب قال: ثنا عثام، قال: ثنا النضر بن عربي، عن مجاهد وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا ... الآية، قال: إذا وَلي سعى بالتعدّي والظلم، فيحبس الله القطر، فَـ(يُهْلِكَ الحَرْثَ والنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ)

(ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ ...) الآية

قال: ثم قال: أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر.

عن عكرمة (ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرّ والبَحْرِ) قال

أما إني لا أقول بحركم هذا، ولكن كلّ قرية على ماء جار.

إن العرب تسمي الأمصار بحرا.

وقال آخرون

أما البرّ فأهل العمود، وأما البحر فأهل القرى والريف.

( الَّذِي عَمِلُوا لَعلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).

أفسدهم الله بذنوبهم، في بحر الأرض وبرها بأعمالهم الخبيثة.

وقال آخرون: بل عنى بالبرّ: ظهر الأرض، الأمصار وغيرها، والبحر: البحر المعروف.

في البرّ: ابن آدم الذي قتل أخاه، وفي البحر: الذي كان يأخذ كلّ سفينة غصبا.

إذا قلّ المطر، قل الغوص.

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن الله تعالى ذكره، أخبر أن الفساد قد ظهر في البرّ والبحر عند العرب في الأرض القفار، والبحر بحران: بحر ملح، وبحر عذب، فهما جميعا عندهم بحر، ولم يخصص جلّ ثناؤه الخبر عن ظهور ذلك في بحر دون بحر، فذلك على ما وقع عليه اسم بحر عذبا كان أو ملحا. إذا كان ذلك كذلك، دخل القرى التي على الأنهار والبحار.

(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)

يوم بدر لعلهم يتوبون.

قال: ثنا أبو أُسامة، عن زائدة، عن منصور، عن إبراهيم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) قال: إلى الحقّ.

إطلالة حول الآية

أقرأ معي هذا الجزء اليسير جداً عن موضوع الفساد

عرّف البنك الدولي الفساد بأنه

شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد.

يمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة التي تتضمن

الرشوة والاختلاس

ويتضمن أيضًا ممارسات تُعد قانونية في العديد من البلدان

. يحدث الفساد السياسي عندما يتصرف صاحب المنصب أو أي موظف حكومي آخر بصفة رسمية لتحقيق مكاسب شخصية.

الفساد هو الأكثر شيوعًا في الكليبتوقراطيات (حكم اللصوص)،

والأوليغارشية (حكم الأقلية)

ودول المخدرات

ودول المافيا

الشاهد

ارجع ببصرك مرة أخري للآية الكريمة ، ولعلنا نتتبع جزء جزء بها

ظهر الفساد

الله - تعالي - اختار لفظ فساد ولم يختار لفظ إثم أو معاصي أو ما إلي ذلك ، لذا الفساد ليس معاصيك التي بينك وبين الله إن شاء غفرها وإن شاء لم يغفرها، بل هي معاصي بينك وبين أخيك الإنسان مهما كان دينه أو لونه أو عِرقه المنحدر منه

في البر

كل أنواع الفساد المجتمعي تكاد تكون فساد البر بما فيها بيع العبيد - بما فيها تجارة المخدرات بما فيها الفساد السياسي إلي المافيا عابرة القارات .

في البحر

هل تعلم أن صناعة الأزياء تدفن في المحيطات والبحار في قارة آسيا - مع إن هنالك عقوبات دولية الآن والأمر تحسن إلا أنه لا يزال قائم لأن قارة آسيا من أكبر القارات التي يصنع فيها الأزياء بسبب رخص الأيدي العاملة ، ولماذا تدفن الأزياء في المحيطات لأنها لا تتحلل إلا بعد 100 عام في بعض الأحيان ، وما أثر ذلك علي المحيطات والبحار ؟

1 - تعلق الخيوط في الحيوانات البحرية المهمة جداً للنظام البيئي مثل السلحفاة وغيرها

2 -ألوان المصبوغات الموجودة في الملابس تلوث البحار بكيميائيات غير مرغوب فيها تتسبب في تسمم الأسماك ، وبعض الطيور التي تتغذي علي هذه الأسماك ، وممكن أن يتغذي عليها الإنسان أيضا .

هذا أقل تقدير مما يحدث في البحر أو النهر ...الخ للدرجة التي تغير فيها نهر من أنهار في الغرب بلون الدم الخالص حتي إن البط رفض ان يعوم في هذا النهر ...هذا غير إلقاء القمامة والزيوت العادمة وغيرها ... هذا من اليسيرجداً الذي تعرفنا عليه .

بما كسبت أيدي الناس

هناك ناس تهتم بمصلحتها الآنية وفقط ويشعرون أنهم مصلحين ، فيفعل بعض مما جاء أعلي من أي نوع من أنواع الفساد وهو كسب يده وكسب عمله ، وما يحسن في هذه الحياة ، وهم يشعرون أنهم محسنون.

ليذيقهم بعض الذي عملوا

الغرب اليوم ينفق الأموال الطائلة علي تغير المناخ ، وتقام له اتفاقيات في الدول العظمي وهو فقط ( بعض الذي عمل الناس ) ولولا بهائم رتع وأطفال رضع وشيوخ ركع لغارت الأرض بما عليها من أفعال الناس .

لعلهم يرجعون

فالحمد لله علي الإتفاقات الدولية - وإن كان الذي ينفذ منها اليسير - إلا من الحكمة أن لا نبخس الناس أشياءهم ونقلل من عملهم ، فهم يعملون في هذا المجال ونحن لا نعمل مطلقا وهذا من الإنصاف


بالطبع الله أعلي وأعلم


الروابط


0 views0 comments

Recent Posts

See All

الروم: صفحة 410

وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ (51) يخبر تعالى عن حالة الخلق وأنهم مع هذه النعم...

Kommentare

Mit 0 von 5 Sternen bewertet.
Noch keine Ratings

Rating hinzufügen
bottom of page