top of page

النمل: صفحة 379

إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٞ (23)
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ )

يعني تملك سبأ, وإنما صار هذا الخبر للهدهد عذرا وحجة عند سليمان, درأ به عنه ما كان أُوعد به؛ لأن سليمان كان لا يرى أن في الأرض أحدا له مملكة معه, وكان مع ذلك صلى الله عليه وسلم رجلا حبِّب إليه الجهاد والغزو, فلما دله الهدهد على ملك بموضع من الأرض هو لغيره, وقوم كفرة يعبدون غير الله, له في جهادهم وغزوهم الأجر الجزيل, والثواب العظيم في الآجل, وضمّ مملكة لغيره إلى ملكه, حقَّت للهدهد المعذرة, وصحّت له الحجة في مغيبه عن سليمان.

(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ )

يقول: وأوتيت من كلّ شيء يؤتاه الملك في عاجل الدنيا مما يكون عندهم من العتاد والآلة.

من كل أمر الدنيا

(وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ )

يقول: ولها كرسي عظيم. وعني بالعظيم في هذا الموضع: العظيم في قدره, وعظم خطره, لا عظمه في الكبر والسعة.

سرير كريم, قال: حَسن الصنعة, وعرشها: سرير من ذهب قوائمه من جوهر ولؤلؤ.

إطلالة حول الآية

يكمل الهدهد الجندي حديثه لسليمان - عليه السلام - وصف كامل لمملكة سبأ بكلام مختصر ولكنه أعطي صورة متكاملة عما يتحدث

وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمۡ لَا يَهۡتَدُونَ (24)
(وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ )

يقول: وجدت هذه المرأة ملكة سبأ, وقومها من سبأ, يسجدون للشمس فيعبدونها من دون الله

(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ )

يقول: وحسَّن لهم إبليس عبادتهم الشمس, وسجودهم لها من دون الله, وحبَّب ذلك إليهم (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) يقول: فمنعهم بتزيينه ذلك لهم أن يتبعوا الطريق المستقيم, وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه, ومعناه: فصدّهم عن سبيل الحقّ

(فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ )

فهم لما قد زين لهم الشيطان ما زين من السجود للشمس من دون الله والكفر به لا يهتدون لسبيل الحقّ ولا يسلكونه, ولكنهم في ضلالهم الذي هم فيه يتردّدون.

إطلالة حول الآية

وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله

فقه الهدهد: أن أي شيء يعبد هو أقل من الله - تعالي -

هل تعلم: أن هناك ما يقارب في عامنا هذا 2023 من 4000 ديانة أرضية بإلهها بنبيها بكتابها بطقوسها بكل شيء يدور حول ذلك ، نسأل الله السلامة والحفظ ، وللأسف بعض الأديان منها تعتنق بقوة الجبر ، ومن يحاول الخروج له عذاب أليم.

وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون

اتفقنا سابقاً أن الأصل في الأشياء عدم الزينة ، فنحن من نزين العروس - البيت - الشركة - أماكن العبادة وغيرها ، فهل للأعمال أيضا زينة ؟ نعم وإلا لما رأئي بعض الناس بأعمالهم ، ولما تخفي المذنبون من العيون لأن للأعمال زينة، ومعني أنه صدهم عن السبيل إذت الأعمال تزينت في أعينهم تماما - نسأل الله السلامة والعفو -

أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ (25) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ۩ (26)
(يُخْرِجُ الْخَبْءَ )

يخرج المخبوء في السموات والأرض من غيث في السماء, ونبات في الأرض ونحو ذلك.

ويعلم كل خفية في السموات والأرض.

عن معاذ بن عبد الله, قال: رأيت ابن عباس على بغلة

يسأل تبعا ابن امرأة كعب: هل سألت كعبا عن البذر تنبت الأرضُ العامَ لم يصب العام الآخر؟ قال: سمعت كعبا يقول: البذر ينـزل من السماء ويخرج من الأرض, قال: صدقت.

(اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ )

الله الذي لا تصلح العبادة إلا له, لا إله إلا هو, لا معبود سواه تصلح له

(رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )

مالك العرش العظيم الذي كل عرش, وإن عظم, فدونه, لا يُشبهه عرش ملكة سبأ ولا غيره.

(لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )

هذا كله كلام الهدهد.

( قَالَ ) سليمان للهدهد

( سَنَنظُرُ ) فيما اعتذرت به من العذر, واحتججت به من الحجة لغيبتك عنا, وفيما جئتنا به من الخير ( أَصَدَقْتَ ) في ذلك كله (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) فيه

إطلالة حول الآية

الخبء: كل مخبوء لا يري بالعين المجردة ، يقول تعالي في غير موضع من القرآن ( وأخرجت الأرض أثقالها ) مثل الكنوز التي دفنها أصحابها وماتوا ولم تعرف مكانها ، مثل الكنوز التي انتقلت في الحروب فغاصت في البحر أو غير ذلك ، والآية بها دلالة علي سعة علم الله - تعالي - وإحاطته بكل شيء صغير أو كبير .

۞قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ (27)

يقول تعالى ذكره: ( قَالَ ) سليمان للهدهد: ( سَنَنظُرُ ) فيما اعتذرت به من العذر, واحتججت به من الحجة لغيبتك عنا, وفيما جئتنا به من الخير ( أَصَدَقْتَ ) في ذلك كله (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) فيه

إطلالة حول الآية

انظر: سليمان - عليه السلام - لم يأخذ الكلام علي علته ، مع إن الهدهد جندي مخلص من جنود سليمان - عليه السلام وهو يعلم ذلك ، لكن هي طريقة الملوك - طريقة الأنبياء أو طريقة القضاة الذين لا يريدون أن يحكموا في قضية بغير كلام وأوراق رسمية ، بالطبع الله أعلي واعلم .

ٱذۡهَب بِّكِتَٰبِي هَٰذَا فَأَلۡقِهۡ إِلَيۡهِمۡ ثُمَّ تَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَٱنظُرۡ مَاذَا يَرۡجِعُونَ (28)
أجاب الهدهد لما فرغ

( سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ) وانظر ماذا يرجعون

ثم تول عنهم منصرفا إلي. وقال

وكانت لها كوّة مستقبلة الشمس, ساعة تطلع الشمس تطلع فيها فتسجد لها, فجاء الهدهد حتى وقع فيها فسدها, واستبطأت الشمس, فقامت تنظر, فرمى بالصحيفة إليها من تحت جناحه, وطار حتى قامت تنظر الشمس.

هذا القول من قول ابن زيد يدلّ على أن

الهدهد تولى إلى سليمان راجعا بعد إلقائه الكتاب, وأن نظره إلى المرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سليمان إليها.

وقال آخرون

بل معنى ذلك: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم, ثم تولّ عنهم, فكن قريبا منهم, وانظر ماذا يرجعون; قالوا: وفعل الهدهد, وسمع مراجعة المرأة أهل مملكتها, وقولها لهم: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا.

إطلالة حول الآية

بدأت تحريات سليمان - عليه السلام - اختبار عملي هل كلام الهدهد الجندي صحيح أم غير صحيح ؟

قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ إِنِّيٓ أُلۡقِيَ إِلَيَّ كِتَٰبٞ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُۥ مِن سُلَيۡمَٰنَ وَإِنَّهُۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ (30) أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَيَّ وَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ (31)
عن وهب بن منبه, قال

كتب -يعني سليمان بن داود- مع الهدهد: بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان بن داود, إلى بلقيس بنت ذي سرح وقومها, أما بعد, فلا تعلو عليّ، وأتوني مسلمين, قال: فأخذ الهدهد الكتاب برجله, فانطلق به حتى أتاها, وكانت لها كوّة في بيتها إذا طلعت الشمس نظرت إليها, فسجدت لها, فأتى الهدهد الكوّة فسدّها بجناحيه حتى ارتفعت الشمس ولم تعلم, ثم ألقى الكتاب من الكوّة, فوقع عليها في مكانها الذي هي فيه, فأخذته.

عن قتادة, قال

بلغني أنها امرأة يقال لها بلقيس, أحسبه قال: ابنة شراحيل, أحد أبويها من الجنّ, مؤخر أحد قدميها كحافر الدابة, وكانت في بيت مملكة, وكان أولو مشورتها ثلاث مائة واثني عشر كلّ رجل منهم على عشرة آلاف, وكانت بأرض يقال لها مأرب, من صنعاء على ثلاثة أيام; فلما جاء الهدهد بخبرها إلى سليمان بن داود, كتب الكتاب وبعث به مع الهدهد, فجاء الهدهد وقد غَلقت الأبواب, وكانت تغلِّق أبوابها وتضع مفاتيحها تحت رأسها

كذلك كانت تكتب الأنبياء لا تطنب, إنما تكتب جملا.

(قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ )

والملأ أشراف قومها، يقول تعالى ذكره: قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ).

واختلف أهل العلم في سبب وصفها الكتاب بالكريم, فقال بعضهم: وصفته بذلك لأنه كان مختوما.

وقال آخرون

وصفته بذلك لأنه كان من ملك فوصفته بالكرم لكرم صاحبه

(أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ )

ألا تتكبروا ولا تتعاظموا عما دعوتكم إليه.

كما حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ ) ألا تمتنعوا من الذي دعوتكم إليه إن امتنعتم جاهدتكم، فقلت لابن زيد: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ ) ألا تتكبروا علي؟ قال: نعم; قال: وقال ابن زيد: (أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) ذلك في كتاب سليمان إليها. وقوله: (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) يقول: وأقبلوا إليّ مذعنين لله بالوحدانية والطاعة.

إطلالة حول الآية

1 - تحدثت الملكة مع الملأ، ومن هم الملأ؟ الملأ ما تملئء به المجالس ، الصفوف الأمامية إن صح التعبير - الوزراء والسفراء وغيرهم ن هي من بدأت الحديث معهم ، إشارة إلي أن حاشية الملك مهمة جداً لأنهم هم من يشاورهم الملك في الأمور المفاجأة وغير ذلك من أمور المملكة .

2 - القي إلي: أي من أعلي ، فقد فقهت أنها تكنولوجيا ليست من تكتنولوجيا مملكتها .

3 - إنه من سليمان ولم تقل الملك سليمان ( حديث ملوك )

4 - وإن هذا الكتاب فيه أو هو بسم الله الرحمن الرحيم

5 - ,ان في هذا الكتاب: طلب مباشر بالذهاب إلي سليمان مستسلمين لديانة سليمان وهي التوحيد .

قَالَتۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَفۡتُونِي فِيٓ أَمۡرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمۡرًا حَتَّىٰ تَشۡهَدُونِ (32) قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ (33)

قالت ملكة سبأ لأشراف قومها: ( يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي )

تقول: أشيروا عليّ في أمري الذي قد حضرني من أمر صاحب هذا الكتاب الذي ألقي إليّ, فجعلت المشورة فتيا.


قوله: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ )

يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم ملكة سبأ, إذ شاورتهم في أمرها وأمر سليمان: نحن ذوو القوّة على القتال, والبأس الشديد في الحرب, والأمر أيتها الملكة إليك في القتال وفي تركه, فانظري من الرأي ما ترين, فَمُرينا نأتمر لأمرك.

(قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ )

عرضوا لها القتال, يقاتلون لها, والأمر إليك بعد هذا,(فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ).

عن ابن عباس قال

كان مع بلقيس مائة ألف قيل, مع كل قيل مائة ألف.

القَيْلُ : من ملوك اليمن في الجاهلية، دون الملك الأعظم

إطلالة حول الآية

نحن: أولوا قوة ( جيش كبيروقوة غاشمة ) وأولوا ( بأس شديد: يبدو: أن جنودها كانوا أشداء ذو بنية عسكرية جيدة ) فانظري ماذا تأمرين؟ ارجعوا الأمر لها

قَالَتۡ إِنَّ ٱلۡمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرۡيَةً أَفۡسَدُوهَا وَجَعَلُوٓاْ أَعِزَّةَ أَهۡلِهَآ أَذِلَّةٗۚ وَكَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ (34)
(إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً )

عنوة وغلبة

( أفْسَدُوها )

خرّبوها

(وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً )

وذلك باستعبادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم; وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع فقال الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) يقول تعالى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الملوك, إذا دخلوا قرية عنوة.

عن ابن عباس

إذا دخلوها عنوة خرّبوها

إطلالة حول الآية

كلام مستغرب، لكنه من ملكة من الممالك القوية في تلك الآونة - ملكة سبأ في اليمن السعيد وقتها، أرجع الله اليمن سعيد مرة أخري .

وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ (35)

هي الأخري ولو أنها ليست نبية إلا إنها ملكة ، فأرسلت إلي سليمان بهدية ( اختبار ) لتنظرسفراءها بماذا يرجعون، إن الملوك تقبل الهدايا، ولكن لا تقبل الرشوة للحياد عن دعوة ربانية ابدا .

2 views0 comments

Recent Posts

See All

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page