top of page

النمل صفحة: 380

فَلَمَّا جَآءَ سُلَيۡمَٰنَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٖ فَمَآ ءَاتَىٰنِۦَ ٱللَّهُ خَيۡرٞ مِّمَّآ ءَاتَىٰكُمۚ بَلۡ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمۡ تَفۡرَحُونَ (36)
(أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ )

يقول: قال سليمان لما جاء الرسول من قبل المرأة بهداياها: أتمدونن بمال.

(فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ )

فما آتاني الله من المال والدنيا أكثر مما أعطاكم منها وأفضل

(بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ )

ما أفرح بهديتكم التي أهديتم إليّ, بل أنتم تفرحون بالهدية التي تُهدى إليكم, لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا, ومكاثرة بها, وليست الدنيا وأموالها من حاجتي, لأن لله تعالى ذكره قد مكَّنني منها وملَّكني فيها ما لم يُمَلِّك أحدا.

إطلالة علي الآية

جاء سفراء ملكة سبأ - إن صح التعبير - لسليمان عليه السلام في مملكته بالهدية الملكية ، فغضب وقال لهم ما جاء علي لسان القرآن ، ... ما آتاني الله خير ( النبوة ) بل أنتم بهديتكم تفرحون.

لمحة أخيرة في الآية

جاء لفظ الفرح في القرآن بالمعني المذموم والمعني المحمود علي السواء ، هنا المعني مذموم: وكأنه يقول لهم: هذه رشوة لأحيد عن دعوة التوحيد وتوصيلها لكل من حولي من الممالك أو الله أعلم ، وجاءت أيضاً تحذيرية في قصة قارون ( ...إذ قال له قومه لا تفرح ..)

أما بالمعني المحمود فقد جاء علي لسان القرآن ( ... ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ...)

إذن هل يحب الله لنا الفرح أم لا يحب لنا أن نفرح؟ بالطبع الفرح شيء إيجابي ويطبع علي النفس السعادة والبهجة والتفكير الإيجابي المشرق للحياة ، لكنه علي المدي الطويل له عواقب سيئة منها خفة العقل ، وعدم التفكير في العواقب وغيرها ، لذا الفرح الغير مطغي الذي لا يخرجك عن دائرة المنعم ( الله عزوجل ) الفرح الذي لا يجعلك تتكبر علي من حولك أو تشعر بالعُجب بنفسك ، هو فرح محمود وإلا فهو فرح مذموم ، والله - تعالي - أعلي وأعلم - .

ٱرۡجِعۡ إِلَيۡهِمۡ فَلَنَأۡتِيَنَّهُم بِجُنُودٖ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخۡرِجَنَّهُم مِّنۡهَآ أَذِلَّةٗ وَهُمۡ صَٰغِرُونَ (37)
عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه

لما أتت الهدايا سليمان فيها الوصائف والوُصفاء, والخيل العراب, وأصناف من أصناف الدنيا, قال للرسل الذين جاءوا به: (أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) لأنه لا حاجة لي بهديتكم, وليس رأيي فيه كرأيكم, فارجعوا إليها بما جئتم به من عندها,(فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا ).

(وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ )

ولنخرجنّ من أرسلكم من أرضهم أذلة وهم صاغرون إن لم يأتوني مسلمين.

أو لتأتيني مسلمة هي وقومها.

إطلالة حول الآية

لم يغضب سليمان - عليه السلام وانتهي الأمر - بل قرر وسينفذ بعد قليل، فقال للسفراء - إن صح التعبير - أو حتي سفير واحد: ارجع إلي مملكتك في اليمن: سوف أرسل إليهم بجنود لا يستطيعون ردها من عددهم وتنوعهم وقوتهم ، ولنخرجنهم من مملكتهم أذلة صاغرين ، وهي إن كانت لهجة ملوك إلا أنها أكثر من ذلك: ملوك أقوياء لا يمكن أن تستفزهم بهدية كنوع من الرشوة لترك الدعوة إلي الله - تعالي -

قَالَ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَؤُاْ أَيُّكُمۡ يَأۡتِينِي بِعَرۡشِهَا قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ (38)

اختلف أهل العلم في الحين الذي قال فيه سليمان (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا )

فقال بعضهم

قال ذلك حين أتاه الهدهد بنبأ صاحبة سبأ, وقال له: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ وأخبره أن لها عرشا عظيما, فقال له سليمان صلى الله عليه وسلم: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فكان اختباره صدقه من كذبه بأن قال لهؤلاء: أيكم يأتيني بعرش هذه المرأة قبل أن يأتوني مسلمين.

وقالوا إنما كتب سليمان الكتاب مع الهدهد إلى المرأة

بعد ما صحّ عنده صدق الهدهد بمجيء العالم بعرشها إليه على ما وصفه به الهدهد, قالوا: ولولا ذلك كان محالا أن يكتب معه كتابا إلى من لا يدري, هل هو في الدنيا أم لا؟ قالوا: وأخرى أنه لو كان كتب مع الهدهد كتابا إلى المرأة قبل مجيء عرشها إليه, وقبل علمه صدق الهدهد بذلك, لم يكن لقوله له سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ معنى؛ لأنه لا يُلِم بخبره الثاني من إبلاغه إياها الكتاب, أو ترك إبلاغه إياها ذلك, إلا نحو الذي علم بخبره الأوّل حين قال له: وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ قالوا: وإن لم يكن في الكتاب معهم امتحان صدقه من كذبه, وكان محالا أن يقول نبي الله قولا لا معنى له وقد قال: سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ علم أن الذي امتحن به صدق الهدهد من كذبه هو مصير عرش المرأة إليه, على ما أخبره به الهدهد الشاهد على صدقه, ثم كان الكتاب معه بعد ذلك إليها.

(قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ )

وهو رجل من الإنس عنده علم من الكتاب فيه اسم الله الأكبر, الذي إذا دعي به أجاب

(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ )

فدعا بالاسم وهو عنده قائم, فاحتمل العرش احتمالا حتى وُضع بين يدي سليمان, والله صنع ذلك; فلما أتى سليمان بالعرش وهم مشركون, يسجدون للشمس والقمر, أخبره الهدهد بذلك, فكتب معه كتابًا ثم بعثه إليهم, حتى إذا جاء الهدهد الملكة ألقى إليها الكتاب قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ... إلى وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ فقالت لقومها ما قالت وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ قال: وبعثت إليه بوصائف ووصفاء, وألبستهم لباسا واحدا, حتى لا يعرف ذكر من أنثى, فقالت: إن زيل بينهم ( فرق بينهم) حتى يعرف الذكر من الأنثى, ثم رد الهدية, فإنه نبي, وينبغي لنا أن نترك ملكنا ونتبع دينه ونلحق به, فردّ سليمان الهدية وزيل بينهم, فقال: هؤلاء غلمان وهؤلاء جوار وقال: أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ... إلى آخر الآية.

عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه

لما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان: قالت: والله عرفت ما هذا بملك, وما لنا به طاقة, وما نصنع بمكاثرته شيئا, وبعثت: إني قادمة عليك بملوك قومي, حتى أنظر ما أمرك, وما تدعو إليه من دينك؟ ثم أمرت بسرير ملكها, الذي كانت تجلس عليه, وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ, فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض, ثم أقفلت عليه الأبواب. وكانت إنما يخدمها النساء, معها ستّمائة امرأة يخدمنها; ثم قالت لمن خلفت على سلطانها, احتفظ بما قِبَلك, وبسرير ملكي, فلا يخلص إليه أحد من عباد الله, ولا يرينه أحد حتى آتيك; ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قَيْلِ ( ملوك اليمن أقل شأناً من الملوك الكبار: ممكن يكونوا امراء بلغة العصر اليوم ) معها من ملوك اليمن, تحت يد كلّ قَيْلِ منهم ألوف كثيرة, فجعل سليمان يبعث الجنّ, فيأتونه بمسيرها ومنتهاها كلّ يوم وليلة, حتى إذا دنت جمع من عنده من الجنّ والإنس ممن تحت يده

فقال: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )

وتأويل الكلام: قال سليمان لأشراف من حضره من جنده من الجن والإنس: (يَاأَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا ) يعني سريرها.

(أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا )

قال: سرير في أريكة.

سرير من ذهب, قوائمه من جوهر ولؤلؤ.

واختلف أهل العلم في السبب الذي من أجله خصّ سليمان مسألة الملأ من جنده إحضار عرش هذه المرأة

من بين أملاكها قبل إسلامها, فقال بعضهم: إنما فعل ذلك لأنه أعجبه حين وصف له الهدهد صفته, وخشي أن تسلم فيحرُم عليه مالها, فأراد أن يأخذ سريرها ذلك قبل أن يحرُم عليه أخذه بإسلامها.

عن معمر, عن قَتادة, قال

أخبر سليمانَ الهدهدُ أنها قد خرجت لتأتيه, وأخبر بعرشها فأعجبه. كان من ذهب وقوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ, فعرف أنهم إن جاءوه مسلمين لم تحلّ لهم أموالهم, فقال للجنّ: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ).

وقال آخرون

بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به, ويختبر به عقلها, هل تثبته إذا رأته, أم تنكره؟

وقال آخرون
(أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )

حتى يعاتبها, وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم

(قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ )

فقال بعضهم: معناه: قبل أن يأتوني مستسلمين طوعا.

إطلالة حول الآية

1 - تحدث هو أيضاً - عليه السلام - للملأ من حوله ( مستشاري الملك - إن صح التعبير - ) فسألهم من يأتيه بعرشها قبل أن يأتوا موحدين ؟ من هم هنا مستشاري الملك سليمان؟ هل هم مثل مستشاري ملكة سبأ؟ لا هنا: جن وإنس وطيور، ووحوش ، وهنا سوف يستعين بالجن من ضمن جنوده .

2 - الأمر فيه قوة ومعجزة وإضعاف لقوة الملكة ، ولإظهار قوة الملك سليمان ، لذا هو لا يشك مطلقاً أنهم سيأتوه مسلمين ، هكذا بعض الملوك إلي عصرنا هذا ، عندهم من القوة المفرطة والتكنولوجيا العالية ما يجعلهم يشعرون بالنصر مهما لاقوا في أرض المعركة .

قَالَ عِفۡرِيتٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَۖ وَإِنِّي عَلَيۡهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٞ (39)
(قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ )

قال: مارد من الجنّ(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ).

داهية

اسمه كوزن

(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ )

أنا آتيك بعرشها قبل أن تقوم من مقعدك هذا.

وكان فيما ذُكر قاعدا للقضاء بين الناس, فقال: أنا آتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذي جلست فيه للحكم بين الناس. وذكر أنه كان يقعد إلى انتصاف النهار.

(وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ )

على ما فيه من الجواهر, ولا أخون فيه.

إطلالة حول الآية

هذا واحد فقط من جنود سليمان من ( الجن ) ربما يكون جندك واحد فقط ، لقد طلب أحد الصحابة من سيدنا عمر بن الخطاب مدد لجيشه فبعث له جندي واحد ( القعقاع بن عمرو ) وقال له: إن صوته جهوري ، هكذا وانتهي الأمر ، سليمان - عليه السلام - استعان بعفريت من الجن ، دلالة علي ان الشياطين أنواع ، إذا أردت أن تعرف الكثير عن موضع الشياطين وخاصة من جهة علمية لماذا يرانا ولا نراه:

سأرفق عدة ملفات عن موضوع الشياطين في نهاية الملف

قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ (40)
(قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ )

يقول جلّ ثناؤه: قال الذي عنده علم من كتاب الله, وكان رجلا فيما ذكر من بني آدم, فقال بعضهم: اسمه بليخا.

عنده علم من الكتاب, يعني اسم الله إذا دعي به أجاب.

آصف بن برخيا, وكان صدّيقا يعلم الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب, وإذا سئل به أعطى: أَنَا يا نبيّ الله (آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ).

(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ )

فغار العرش في المكان الذي كان به, ثم نبع من تحت الأرض بين يدي سليمان.

(قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي )

يقول: هذا البصر والتمكن والملك والسلطان الذي أنا فيه حتى حمل إليّ عرش هذه في قدر ارتداد الطرف من مأرب إلى الشام, من فضل ربي الذي أفضله عليّ وعطائه الذي جاد به علي, ليبلوني, يقول: ليختبرني ويمتحنني, أأشكر ذلك من فعله عليّ, أم أكفر نعمته عليّ بترك الشكر له.

وقد قيل: إن معناه

أأشكر على عرش هذه المرأة إذ أتيت به, أم كفر إذ رأيت من هو دوني في الدنيا أعلم مني.

إطلالة حول الآية

1 - جندي آخر من جنود - سليمان - عليه السلام - أسرع من عفريت الجن ، وقال ما جاء علي لسان القرآن ( قبل أن يرتد إليك طرفك ) وهي سرعة خيالية ، وبالطبع حدث ( فلما رآه مستقراً عنده " العرش " ) ارجع سليمان عليه السلام الفضل لله - تعالي - لم يقل مثل قارون ( إنما أوتيته علي علم ) بل بدلاً من ذلك قال ( هذا من فضل ربي ولم يكتف بل علم أنه اختبار ( ليبلوني أأشكر أم أكفر ) إلي آخر الآية

2 - أنت خبير أنه لا فراغ في الكون - لا فراغ في النفس ( نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ) وهكذا لذا الله - تعالي - يقول في غير موضع ( ونبلوكم بالخير والشر فتنة وإلينا ترجعون ) وكأنه - عزوجل - يقول لنا: إنه لا فراغ للإنسان أو حتي الجن المؤمن من اختبارات الحياة سواء فتنة خير وهي أعظم لأنها خفية ، أو فتنة شر ، ولن تكون في غير هذين الحاليين ، وفي تلك الحالتين الشكر واجب ، مثل الشاكرين في السراء والضراء، والله أعلي وأعلم .

قَالَ نَكِّرُواْ لَهَا عَرۡشَهَا نَنظُرۡ أَتَهۡتَدِيٓ أَمۡ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لَا يَهۡتَدُونَ (41)

قال سليمان -لما أتى عرش بلقيس صاحبة سبإٍ, وقدمت هي عليه, لجنده: غيِّروا لهذه المرأة سريرها.

(نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا )

قال: غيروا

وتنكير العرش, أنه زيد فيه ونقص

مجلسها الذي تجلس فيه

زيد في عرشها ونقص منه؛ لينظر إلى عقلها, فُوجدت ثابتة العقل.

ففعل ذلك لينظر أتعرفه, أم لا تعرفه؟

إطلالة حول الآية

حيلة تحايل بها سليمان - عليه السلام - ليري فطنة الملكة؟ لماذا؟ هو قال لنعرف هل هي من المهتدين أم من غير المهتدين لأشياءها ، فإن علمت أنه حقاً عرشها علمت مدي قوة جيش سليمان ، وأنه ليس جيش معتاد أو لشيء معتاد، بل هو جيش ديني - إن صح التعبير -

فَلَمَّا جَآءَتۡ قِيلَ أَهَٰكَذَا عَرۡشُكِۖ قَالَتۡ كَأَنَّهُۥ هُوَۚ وَأُوتِينَا ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهَا وَكُنَّا مُسۡلِمِينَ (42)

لما انتهت إلى سليمان وكلمته أخرج لها عرشها, ثم قال: (أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ).

شبهته, وكانت قد تركته خلفها.

شكت

(وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا )

سليمان يقوله

إطلالة حول الآية

1 - الغريب أن ملكة سبأ أيضاً مموهة في كلامها ، الحقيقة هو رد ملكي، لأنها لو قالت هو عرشي ولم يكن هو بل يشبهه ، عُرف عنها أنها ليست بالفطنة المناسبة ، وإن قالت: لا ليس عرشي أصبحت أيضا غير فطنة ولذا ردت بهذا الرد .

2 - وعقب سليمان - عليه السلام - علي هذا المشهد بين ملكين من أعظم ملوك تلك الآونة التاريخية ( وأوتينا العلم من قبلها وتفضلنا عليها بالتوحيد ) وهو تعقيب رجل مؤمن بالله عنده علم وقوة ، ولكنه مع كل هذه العطاءات الربانية منصف ( فهو لم ينفي عنها تكنولجيا أو علم حيث قال ( وأوتينا العلم من قبلها : معني خفي إن لديها علم )

وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعۡبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ إِنَّهَا كَانَتۡ مِن قَوۡمٖ كَٰفِرِينَ (43)

وذلك عبادتها الشمس أن تعبد الله.

كفرها بقضاء الله، وعبادة الوثن صدها أن تهتدي للحق.

كان وجها حسنا

وصدّها الله ذلك بتوفيقها للإسلام

وقوله: (إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ )

المعنى فيه لم يصدها عن عبادة الله جهلها, وأنها لا تعقل, إنما صدها عن عبادة الله عبادتها الشمس والقمر, وكان ذلك من دين قومها وآبائها, فاتبعت فيه آثارهم.

إطلالة حول الآية

يقال حائط صد، والصد هو أن تضع بينك وبين ما تخافه ( درع علي سبيل المثال ) ويبدو أن ملكة سبأ كان المانع بينها في البداية وبين الإيمان بدعوة سليمان التوحيدية ( إنها كانت تعبد الشمس هي وقومها ـ وكان قومها كافرين بالله - تعالي -


قِيلَ لَهَا ٱدۡخُلِي ٱلصَّرۡحَۖ فَلَمَّا رَأَتۡهُ حَسِبَتۡهُ لُجَّةٗ وَكَشَفَتۡ عَن سَاقَيۡهَاۚ قَالَ إِنَّهُۥ صَرۡحٞ مُّمَرَّدٞ مِّن قَوَارِيرَۗ قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي ظَلَمۡتُ نَفۡسِي وَأَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ (44)

ذُكر أن سليمان لما أقبلت صاحبة سبإ تريده, أمر الشياطين فبنوا له صرحا, وهو كهيئة السطح من قوارير, وأجرى من تحته الماء ليختبر عقلها بذلك, وفهمها على نحو الذي كانت تفعل هي من توجيهها إليه الوصائف والوصفاء ليميز بين الذكور منهم والإناث معاتبة بذلك.

عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه

أمر سليمان بالصرح, وقد عملته له الشياطين من زجاج كأنه الماء بياضا, ثم أرسل الماء تحته, ثم وضع له فيه سريره, فجلس عليه, وعكفت عليه الطير والجنّ والإنس, ثم قال: (ادْخُلِي الصَّرْحَ ) ليريها مُلكا هو أعزُ من ملكها, وسلطانا هو أعظم من سلطانها

(فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا )

لا تشكُّ أنه ماء تخوضه, قيل لها: ادخلي إنه صرح ممرّد من قوارير; فلما وقفت على سليمان دعاها إلى عبادة الله ونعى عليها في عبادتها الشمس دون الله, فقالت بقول الزنادقة, فوقع سليمان ساجدا إعظاما لما قالت, وسجد معه الناس; وسقط في يديها حين رأت سليمان صنع ما صنع; فلما رفع سليمان رأسه قال: ويحك ماذا قلت؟ قال: وأُنْسِيت ما قالت: , فقالت: (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وأسلمت, فحسن إسلامها.

وقيل: إن سليمان إنما أمر ببناء الصرح على ما وصفه الله

لأن الجنّ خافت من سليمان أن يتزوّجها, فأرادوا أن يزهدوه فيها, فقالوا: إن رجلها رجل حمار, وإن أمها كانت من الجنّ, فأراد سليمان أن يعلم حقيقة ما أخبرته الجنّ من ذلك.

عن محمد بن كعب القرظيّ, قال

قالت الجنّ لسليمان تزهِّده في بلقيس: إن رجلها رجل حمار, وإن أمها كانت من الجنّ. فأمر سليمان بالصرح, فعُمِل, فسجن فيه دواب البحر: الحيتان, والضفادع; فلما بصرت بالصرح قالت: ما وجد ابن داود عذابا يقتلني به إلا الغرق؟

(حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا )

قال: فإذا أحسن الناس ساقا وقدما. قال: فضنّ سليمان بساقها عن الموسى, قال: فاتخذت النورة بذلك السبب.

عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله: ( الصرْحَ )

قال: بركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها. قال: وكانت بلقيس هلباء شعراء, قدمها كحافر الحمار, وكانت أمها جنية.

(فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً )

: فلما رأت المرأة الصرح حسبته لبياضه واضطراب دواب الماء تحته لجة بحر كشفت من ساقيها؛ لتخوضه إلى سليمان.

(وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا )

فإذا هما شعراوان, فقال: ألا شيء يذهب هذا؟ قالوا: الموسى, قال: لا الموسى له أثر, فأمر بالنورة فصنعت.

عن عكرمة وأبي صالح قالا

لما تزوّج سليمان بلقيس قالت له: لم تمسني حديدة قطّ، قال سليمان للشياطين: انظروا ما يُذهب الشعر؟ قالوا: النورة, فكان أوّل من صنع النورة.

وقوله: (إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ )

قال سليمان لها: إن هذا ليس ببحر, إنه صرح ممرّد من قوارير, يقول: إنما هو بناء مبني مشيد من قوارير.

(وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ )

وانقدت مع سليمان مذعنة لله بالتوحيد, مفردة له بالألوهة والربوبية دون كل من سواه.

فَعرفت أنها قد غلبت

(قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ).


إطلالة حول الآية

1 - الصرح: البناء العظيم، وهذه البنايات كانت أعظم شيء في تلك الآونة التاريخية ، وقد كان هذا الصرح من الزجاج الشفاف الذي يشف عن ما تحته من أمواج واسماك وغيرها - في الصورة أعلي - ستري الأسماك تحيط بالفندق الغائص في البحر من كل مكان ، ولكن هذا الفندق في يحر هاديء الأمواج ، لكن يبدو أن صرح سيدنا - سليمان - عليه السلام - كان موجود علي الأمواج وهو بالنسبة لتلك الآونة التاريخية ( بالفعل بناية عظيمة )

2 - كشفت عن ساقيها: دلالة علي ان لبس الملوك كان مغطي الأرجل ، وما زال بعض الملوك إلي يومنا هذا يأخذن الحشمة طريقة ملكية ، ويعتبرن التعري الزائد عن اللزوم اسلوب شائن لا يليق بالملوك .

3 - فقال لها سليمان - عليه السلام - علي طريقة صناعة هذا الصرح ، فكان ردها: رب إني ظلمت نفسي ( بالصد عن دعوة سليمان في البداية ) وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين .



الشياطين - نظرة عامة -

أصناف الجن

لماذا يرونا ولا نراهم

أعمال وقدرات الشياطين

الوقاية من أذي الشياطين

https://site-8210130-9914-8917.mystrikingly.com/blog/81af558ceac?categoryId=306326

1 view0 comments

Recent Posts

See All

النمل: صفحة 379

إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٞ (23) (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ )...

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page