top of page

النمل: صفحة 385

مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ خَيۡرٞ مِّنۡهَا وَهُم مِّن فَزَعٖ يَوۡمَئِذٍ ءَامِنُونَ (89)

يقول تعالى ذكره: ( مَنْ جَاءَ ) الله بتوحيده والإيمان به, وقول لا إله إلا الله موقنا به قلبه ( فَلَهُ ) من هذه الحسنة عند الله ( خَيرٌ ) يوم القيامة, وذلك الخير أن يثيبه الله ( مِنْهَا ) الجنة, ويؤمنِّه ( مِنْ فَزَعٍ ) الصيحة الكبرى وهي النفخ في الصور.( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ) يقول: ومن جاء بالشرك به يوم يلقاه, وجحود وحدانيته ( فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ ) في نار جهنم.

وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ )

بالشرك.

إطلالة حول الآية

1 - اتفقنا في سور سابقة أن خلاصة الشيء آخره والحكمة من الكتاب أو الفصل أو السورة هنا: نهايتها فهي تلخص لك ما جاء في بدايتها وفي منتصفها وتختم لك بعدة أمور إذا أخذت بها فزت بمعرفة هذه السورة

2 - من جاء بالحسنة ( انظر واحدة فقط) فله خير منها ، ومعني هذا: كما قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم ( لا تحقرن من المعروف شيئا ) إذن حسنتك الواحدة هذه التي لا تعتد أنت بها ، وبعض الناس يستحقرها إلي جانب عمله المثالي الكبير ، لا تغفل عند الله - تعالي - بل لك خير منها ، وبالطبع مهما كنت شيطان في نفسك لن تقوم بعمل حسنة واحدة طيلة حياتك ، ولا يضحكون عليك: أنت لست شيطان من شياطين الإنس، أنت إنسان مجبول علي فعل الخير والشر معاً .

3 - تخيل أن حسنة واحدة لا تلقي لها بال، تحميك من فزع يوم القيامة ، فأكثر.


وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتۡ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ هَلۡ تُجۡزَوۡنَ إِلَّا مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ (90)

عن ابن عباس, قوله: ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ )

بالشرك.

قال عكرمة

كل شيء في القرآن السيئة فهو الشرك.

( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا )

أعطاه الله بالواحدة عشرا, فهذا خير منها.

( هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )

يقال لهم: هل تجزون أيها المشركون إلا ما كنتم تعملون, إذ كبكم الله لوجوهكم في النار, وإلا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا بما يسخط ربكم; وترك " يقال لهم " اكتفاء بدلالة الكلام عليه.

إطلالة حول الآية

المتضادات في الكلام تظهر المعني وتوضحه لمن يؤمن بالعواقب ومن كان له سمع وهو شهيد ، لذا القرآن ملييء بالعواقب وعليك الإختيار

إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (91)
( إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ )

وهي مكة (الَّذِي حَرَّمَهَا ) على خلقه أن يسفكوا فيها دما حراما, أو يظلموا فيها أحدا, أو يصاد صيدها, أو يختلى خلاها دون الأوثان التي تعبدونها أيها المشركون.

مكة

( وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ )

يقول: ولرب هذه البلدة الأشياء كلها ملكا. فإياه أمرت أن أعبد, لا من لا يملك شيئا. وإنما قال جلّ ثناؤه: ( رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا ) فخصها بالذكر دون سائر البلدان, وهو ربّ البلاد كلها, لأنه أراد تعريف المشركين من قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم, الذين هم أهل مكة, بذلك نعمته عليهم, وإحسانه إليهم, وأن الذي ينبغي لهم أن يعبدوه هو الذي حرّم بلدهم, فمنع الناس منهم, وهم في سائر البلاد يأكل بعضهم بعضا, ويقتل بعضهم بعضا, لا من لم تجر له عليهم نعمة, ولا يقدر لهم على نفع ولا ضرّ

( وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ )

يقول: وأمرني ربي أن أسلم وجهي له حنيفا, فأكون من المسلمين الذين دانوا بدين خليله إبراهيم وجدكم أيها المشركون, لا من خالف دين جدّه المحق, ودان دين إبليس عدوّ الله.

وَأَنۡ أَتۡلُوَاْ ٱلۡقُرۡءَانَۖ فَمَنِ ٱهۡتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهۡتَدِي لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلۡ إِنَّمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُنذِرِينَ (92)

يقول تعالى ذكره: قل: إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ و أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى يقول: فمن تبعني وآمن بي وبما جئت به, فسلك طريق الرشاد ( فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ) يقول: فإنما يسلك سبيل الصواب باتباعه إياي, وإيمانه بي, وبما جئت به لنفسه, لأنه بإيمانه بي, وبما جئت به يأمن نقمته في الدنيا وعذابه في الآخرة. وقوله: (وَمَنْ ضَلَّ ) يقول: ومن جار عن قصد السبيل بتكذيبه بي وبما جئت به من عند الله ( فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ ) يقول تعالى ذكره: فقل يا محمد لمن ضلّ عن قصد السبيل, وكذبك, ولم يصدّق بما جئت به من عندي: إنما أنا ممن ينذر قومه عذاب الله وسخطه على معصيتهم إياه, وقد أنذرتكم ذلك معشر كفار قريش, فإن قبلتم وانتهيتم عما يكرهه الله منكم من الشرك به, فحظوظَ أنفسكم تصيبون, وإن رددتم وكذبتم فعلى أنفسكم جنيتم, وقد بلغتكم ما أمرت بإبلاغه إياكم, ونصحت لكم.

إطلالة حول الآية

مما أُمر به رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أن يتلو القرآن وبالطبع أمته من بعده، وقراءة القرآن لها أصناف من الناس ، منهم - نسأل الله المعافاة - لا يجاوز تراقيهم ، أي حنجرتهم أي صوت ربما بديع فقط ، ولا يفقه ولا يطبق ولا يحب ولا غير ذلك ، ومنهم تلاوة القرآن تزيده هدي علي الهدي القليل الذي يملكه ، ومن ضل عن تلاوة وتدبر معاني القرآن ، فقل له يا محمد - صلي الله عليه وسلم ( إنما أنا من المنذرين )

وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ فَتَعۡرِفُونَهَاۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ (93)

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء القائلين لك من مشركي قومك: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ ) على نعمته علينا بتوفيقه إيانا للحق الذي أنتم عنه عمون, سيريكم ربكم آيات عذابه وسخطه, فتعرفون بها حقيقة نصحي كان لكم, ويتبين صدق ما دعوتكم إليه من الرشاد.

(سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا )

قال: في أنفسكم, وفي السماء والأرض والرزق.

وقوله: (وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)

يقول تعالى ذكره: وما ربك يا محمد بغافل عما يعمل هؤلاء المشركون, ولكن لهم أجل هم بالغوه, فإذا بلغوه فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون. يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: فلا يحزنك تكذيبهم إياك, فإني من وراء إهلاكهم, وإني لهم بالمرصاد, فأيقن لنفسك بالنصر, ولعدوّك بالذلّ والخزي.

إطلالة حول الآية

الحمد لله يارب ، سيريك أنت وأنا ونحن ، أفراد وأمة ( آياته ) فما هي هذه الآيات التي ينعرفها ولن ننكرها

1 - آيات كونية

نشاهد ونسمع ونعرف كل يوم جديد العلم الذي يثبت أن القرآن لا يمكن إلا أن يكون من إله حكيم عليم ، علي سبيل المثال لا الحصر ( الجبال التي تحركها الأمطار )

2 - آيات في النفس البشرية

وفي أنفسكم أفلا تبصرون: نظام دقيق يتناغم من النظام الكوني، فإن الإلكترونات داخل نواة الخلية تسير من اليسار إلي اليمن مثل الذرة والمجرة ، مثل الطواف في الكعبة ، وهذا ليس كل شيء بل إذا فقدت إحدي أعضاءك - لا قدر الله ، تدفع أموال طائلة - إن أتيحت لك من الأساس- لتحاكي الطبيعة ولا تعمل بالشكل الصحيح .

3 - آيات إجتماعية

حيث تجد بيت سعيد وبيت غير سعيد مطلقاً يسميه القرآن ( البيت العنكبوتي ) إن صح التعبير - سأرفق لك ملف عنه بمشيئة الله -

فأي الآيات تنكرون ، كلها آيات تزيدنا إيماناً، آيات نعرفها ونفهمها جيدا

وما ربك بغافل عما تعملون

لماذا ذيل الله - تعالي - هذه الآية بهذه الجملة ، ربما لأن من يري الآيات ويعرفها ثم ينكرها وكأنه لم يراها ، ليس الله غافل عنه بل متغافل عنه إلي حين ... نسأل الله السلامة .

البيت العنكبوتي: انظر:

ملخص عام للسورة الكريمة

1 - بدأت السورة بالحديث ( تلك آيات القرآن وكتاب مبين ) وانتهت ( سيريكم آياته فتعرفونها )

2 - لكل شيء محور يدور حوله كل السورة ، ولكل شيء من اسمه نصيب ، فهل لسورة النمل من اسمها نصيب؟ وهل النمل وحركته الدؤوبة في الحياة هو محور السورة ؟

3 - اتفقنا أن الأصل في الأشياء عدم الزينة ، وأنت أنت من تزين الشيء حتي يصبح مزين في عينك وربما في عين من حولك ، وللأعمال زينة كما زينة الأشياء .

4 - أتت السورة الكريمة بقصص من قصص الأنبياء علي عجالة ، ولكنها بتفاصيل صغيرة نعم، ولكنها لا تخل بالمعني ، فلتعلم كاتبي القصص الصغيرة القدرة الفائقة علي توصيل المعني .

5 - جزء جديد من قصة موسي - عليه السلام - يكمل ما سيأتي في القصص لتكتمل فصول القصة ، وليتنوع القرآن ، فالقصة الكبيرة المتواصلة ( سورة يوسف ) والقصص المنفصلة موزعة علي القرآن كله بتناغم فريد من نوعه .

6 - جاءت قصة سليمان - عليه السلام - تعلن أنه نبي وملك وجاءت في سياق قصته قصة النملة المتحدثة ، إشارة إلي دراسة عالم النمل ومحاولة فك شفرات لغته كما فكوا شفرات لغة النحل وعلموا أن الرقص هو الحوار بينهم ، اليوم الغرب يتحدث مع حيوانات كثيرة لكننا لم نسمع بعد أنهم تحدثوا مع الحشرات وخاصة الدقيقة منها مثل النمل .

7 - قصة الملة بلقيس مع سيدنا سليمان - عليه السلام - جاءت لتعلن عن بعض أسرار البيوت الملكية وبعض الحكم العسكرية التي يعرفونها ويتحدثون بها بين خاصتهم ، وأعلت فكرة الشوري لكن ليست بين الشعب بل مع بعض السفراء والوزراء بتعبير اليوم (الملأ بتعبير القرآن ) .

8 - جاءت قصة لوط وقصة صالح - عليهما السلام - علي عجالة لا تقلل من الخبر ، أفادت أن أمة محمد ستكون الخاتمة ولذا ستكون فيها من كل المصائب التي مرت بالأمم من قبل ، فتجد اليوم الشواذ وتجد التطفيف في الميزان وكل ما حدث في الأمم السابقة يحدث في أمة محمد إلا إن أمة محمد لا تستأصل ، بل استبدل بالعذاب الفردي والجماعي أحيانا، لكن ليس الأمة بأسرها .

9 - ثم تطوف بك السورة الكريمة في جملة من الآيات الكونية ، وجملة من الأخلاق التي ينبغي أن يحملها المؤمن مثل ( ولا تحزن عليهم ...)

خلاصة سورة النمل والله أعلم إن كان النمل هو محورها


1 - قوام هذه الأمة في الحركة الدؤوبة والعمل، ولا إيمان لمن ليس له صالحات يعمل بها ، والصالحات كلها حركة ، فالإيمان يحركك من الداخل إلي الخارج فتتوكل علي الله ، وتعمل وتبذل الجهد وتسعي لتلبي احتياجاتك كما النمل

2 - مما يعرف عن عالم النمل: أن الكل يعمل ، فليس هناك رئيس ومرؤوس بل الجميع في خدمة الجميع

3 - عرف عن النمل التنظيم - والعمل الجماعي - والأهداف القصيرة الأجل - والطويلة الأجل والمثابرة ، فتجدهم يجد بعضهم قطعة من السكر ، لا يستطيع حملها بعد ثوانِ معددودة تأتي النملة وراءها طابور من النمل يعمل لهدف واحد .

4 - النمل رأي آيات الله الكونية فعرفها ولم ينكرها وعمل بمقتضاها، متي نكون مثل النمل إذا عرفنا آيات الله لا نسأل الله المزيد بل نفهم ونعرف ونؤمن .

5 - عرف عن النمل أنه يسبح لله - تعالي - ولكننا لا نفهم تسبيحه ، إذن هو يعمل بجد - يسبح - يتكاثر ، أي أدي كل ما طلب منه في الدنيا ، ولا خلود له بعد ذلك ومع ذلك يعمل ويعمل بلا كلل أو ملل، فهل نحن أقل من النمل !!!


بالطبع الله أعلي وأعلم بمراده من عباده

2 views0 comments

Recent Posts

See All

Commentaires

Noté 0 étoile sur 5.
Pas encore de note

Ajouter une note
bottom of page