top of page

سورة الروم: صفحة 404

Updated: Apr 9

معلومات عامة عن السورة الكريمة
السورة

مكية، ماعدا الآية 17 فمدنية

عدد آياتها

60

وترتيبها في المصحف

30

نزلت بعد سورة الانشقاق، بدأت بحروف مقطعة

تتنبأ الآيات الأولى من السورة

بانتصار الروم على الفرس بعد هزيمتهم في معركة أنطاكية خلال بضع سنين، وهو ما حدث في نهاية الحرب الساسانية-البيزنطية 602-628.

من أبرز موضوعات السورة

الإخبار عن الغيب

والوعد بالنصر للمؤمنين

والتفكر في مخلوقات اللهوالاستدلال بها على وجود الخالق

وتنزيه الله وذكر أدلة وجوده وربوبيته

وإثبات وحدانيته، وبطلان الشرك به

والأمر باتباع الدين.

من مقاصد السورة

الإخبار بغلبة الروم على فارس، والعيب على الكفار في إقبالهم على الدنيا، وذكر مشاهد من يوم القيامة، إثبات الأمر لله وحده، وإثبات وحدانتيه، وتأكيد تصرفه في الأمور، وبيان سننه في خلقه، ونصرة أوليائه، وخذلانه أعداءه، وذكر عجائب صنع الله في خلقه.

تسميتها

سميت بسورة الروم لافتتاحها بذكر غلبة الروم.

مناسبة السورة لما قبلها

ختمت سورة العنكبوت بقول الله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، فأخبرت أن الله مع المحسنين، وافتتحت السورة التالية بالوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الموصوف بالإحسان، وكان ذلك شاهدا على صحة رسالته بخبر انتصار الروم على الفرس. {الم. غُلِبَتِ الرُّومُ. فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ. بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم:1 – 5].

وكذلك ختمت السورة

بذكر الأمان في الحرم لمن أراد الله أن ينصره ويعزه، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: 67] وابتدأت السورة بانتصار الروم على الفرس؛ لأن الله أراد لهم النصر والعزة كما ختمت سورة العنكبوت بالأمر بالمجاهدة في سبيل الله {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، وافتتحت سورة الروم بذكر غلبة الروم، وفرح المؤمنين بنصر الله لأهل الكتاب لمقاتلتهم الفرس، فكيف بنصر الله للمؤمنين الثابتين على الحق.

سبب النزول
سبب النزول للآية (2)

عن ابن شهاب قال: كان المشركون يجادلون المسلمين وهم بمكة قبل أن يهاجر رسول الله ﷺ فيقولون : الروم يشهدون أنهم أهل الكتاب، وقد غلبتهم المجوس، وأنتم تزعمون أنكم ستغلبوننا بالكتاب الذي أنزل على نبيكم، فكيف غلب المجوس الروم وهم أهل كتاب، فسنغلبكم كما غلب فارس الروم. فأنزل الله الآية.

ما تفردت به السورة

انفردت بذكر الروم، فلم يذكروا في غيرها.

قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر.

أكثر سورة تكرر فيها قوله تعالى: {ومن آياته}.

اختصت بذكر أوقات الصلوات الخمس.

السورة بها

إعجاز جغرافي - إن صح التعبير في الآية 2

الٓمٓ (1)

قال أبو جعفر: قد بيَّنا فيما مضى قبلُ معنى قوله: (الم) وذكرنا ما فيه من أقوال أهل التأويل، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع.

غُلِبَتِ ٱلرُّومُ (2)
عن الحسن الجفريّ، عن سليط، قال: سمعت ابن عمر

يقرأ (الم غَلَبَتِ الرُّومُ) فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، على أيّ شيء غَلَبوا؟ قال: على ريف الشام.

( الم غُلِبَتِ الرُّومُ )

غلبت فارس الروم

إطلالة حول الآية

إن الروم كانوا أهل كتاب ، وكان المسلمين ، يريدون نصرهم ، لذا جاءت هذه الآية الكريمة كبداية صادمة لمشاعر المسلمين ، والحياة في الأرض ليست جنة بل حرب ، والحرب سجال يقول تعالي ( وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ )) فالأصل بين البشر العداوة وليست الصداقة أو المحبة أو أوـ ثم يأتي التأليف بين القلوب كمنة من الله - تعالي - علي بعض المؤمنين به ، إذن الغالب اليوم هو مغلوب الغد

وأنت

في حياتك الشخصية، هل أنت اليوم مغلوب أم غالب، تذكر قوله تعالي ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) وتذكر: أن تبات مغلوب خير لك من أن تبات غالب وأنت ظالم


فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ (3)

( فِي أَدْنَى الأرْضِ ) من أرض الشام إلى أرض فارس ( وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ) يقول: والروم من بعد غلبة فارس إياهم (سَيَغْلِبُونَ) فارس .

إطلالة حول الآية

بعد قليل سأتركك مع أقوال العلماء في الإعجاز الجغرافي في الآية - إن صح التعبير - الأهم: وعد الله - تعالي - للمؤمنين أن الروم ستتمكن من الغلبة علي الفرس في بضع سنين من 3 : 9 ، وهي سنين قريبة ، بمعني أنه إذا لم يحدث هذا ستكذب كل الرسالة المحمدية ، لأن محمدا - صلي الله عليه وسلم - يعيش بين المشركين وبين المؤمنين، فلو لم يحدث لاغتالوه - إن استطاعوا ، فهو يراهن برسالته جمعاء ، ومن ناحية أخري: البحر الميت أو الأردن: قريبة جداً من الجزيرة العربية ، إذن من السهل الوصول إليها في وقتها واستطلاع الأخبار، وأخبار الحروب خاصة إذا كانت بين فئتين عظيمتين لا تخفي علي احد .

الإعجاز الجغرافي في الآية - إن صح التعبير -

في عصر لم يكن باستطاعة أحد أن يقيس أخفض منطقة على سطح اليابسة، حيث يحدثنا عن أدنى الأرض، وأن معركة وقعت فيها وكانت نتيجتها انتصار الفرس على الروم

وقد وردت كلمة (أدنى) بمعانٍ عدة في القرآن الكريم
جاءت بمعني: أصغر

في قوله تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [السجدة: 21]، ويفسر المفسرون كلمة (الأدنى) هنا بمصائب الدنيا وأمراضها

جاءت بمعني: أقل

لأنها قد أُتبعت بكلمة (أكثر) في قوله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا﴾ [المجادلة: 7].

قد جاءت بمعنى أقرب

في قوله تعالى: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [فصلت: 12].

وهنا كلمة (الأدني) جاءت بمعنى الأقرب من الأرض

ولكن تتضمن معنى آخر وهو الطبقة السفلى بين طبقات السماء السبعة. وسُمِّيت بالدنيا لدنوِّها من الأرض.

إذن من معاني كلمة (أدنى) لدينا: الأصغر والأقل والأقرب
فما هي المنطقة على سطح الأرض والتي تتصف بهذه الصفات الثلاث؟

إنها منطقة غور البحر الميت، فهي

1- الأصغر

مساحة الغور صغيرة جداً ولا تتجاوز الكيلو مترات المعدودة، وذلك مقارنة بمساحة سطح الأرض والتي تزيد على ملايين الكيلو مترات المربعة.

2 – الأقلّ

هي المنطقة الأقل ارتفاعاً على سطح اليابسة، فهي تنخفض عن سطح البحر بمقدار 400 متراً تقريباً، ولا يوجد في العالم كله أدنى من هذه النقطة .

3- الأقرب
حيث هي أقرب أرض للروم إلى أرض العرب

لقد حدَّدت آيات سورة الروم موقع المعركة في (أدنى الأرض)، حيث كانت الفرس والروم في ذلك الوقت من أقوى الدول، ويكون بينهما من الحروب والقتال ما يكون بين الدول المتوازنة، وكان أهل الفرس مشركين يعبدون النار، وبينما كان أهل الروم من أهل كتاب ينتسبون إلى التوراة والإنجيل وهم أقرب إلى المسلمين من الفرس، فكان المؤمنون يحبون غلبتهم وظهورهم على الفرس، وكان المشركون لاشتراكهم والفرس في الشرك يحبون ظهور الفرس على الروم، فظهر الفرس على الروم وغلبوهم غلباً لم يُحط بملكهم بل بأدنى أرضهم “غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ”، ففرح بذلك مشركو مكة وحزن المسلمون، فأخبرهم الله ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس ” فِي بِضْعِ سِنِينَ”: تسع أو ثمان ونحو ذلك مما لا يزيد على العشر ولا ينقص على ثلاث

وأن غلبة الفرس للروم ثم غلبة الروم للفرس

كل ذلك بمشيئة الله وقدره، ولهذا قال:” لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ“، فليس الغلبة والنصر لمجرد وجود الأسباب، وإنما هي لابدَّ أن يقترن بها القضاء والقدر ”

لقد ثبت علمياً بقياسات عديدة أن

أكثر اليابسة انخفاضاً هو غور البحر الميت ويقع البحر الميت في أكثر أجزاء الغور انخفاضاً، حيث يصل مستوى منسوب سطح الماء فيه إلى حوالي أربعمائة متر تحت مستوى سطح البحر، ويصل منسوب قاعه في أعمق أجزائه إلى قرابة ثمانمائة متر تحت مستوى سطح البحر، وهو بحيرة داخلية بمعنى أن قاعها يعتبر في الحقيقة جزءاً من اليابسة .

وغور البحر الميت هو

جزء من خسف أرضي عظيم يمتد من منطقة البحيرات في شرقي إفريقيا إلى بحيرة طبرية، فالحدود الجنوبية لتركيا مروراً بالبحر الأحمر، وخليج العقبة، ويرتبط بالخسف العميق في قاع كل من المحيط الهندي، وبحر العرب وخليج عدن، ويتراوح عمق الماء في الحوض الجنوبي من البحر الميت بين الستة والعشرة أمتار وهو بذلك في طريقه إلى الجفاف ويعتقد أنه كان جافاً إلى عهد غير بعيد من تاريخه، وكان عامراً بالسكان، وأن منطقة الأغوار كلها من وادي عربة في الجنوب إلى بحيرة طبرية في الشمال كانت عامرة بالسكان منذ القدم

حيث عرف البحر الميت في الكتابات التاريخية القديمة

ووصف بأسماء عديدة من مثل: “بحر سدوم” “بحيرة لوط” “بحيرة زغر” “البحر النتن” “بحر عربة” “بحر الإسفلت” ” البحر الميت” وذلك لأن المنطقة اشتهرت بخصوبة تربتها، ووفرة مياهها فعمرتها القبائل العربية منذ القدم، واندفعت إليها من كل من العراق والجزيرة العربية وبلاد الشام ومنهم: قوم لوط عليه السلام الذين عمروا خمس مدن في أرض الحوض الجنوبي من البحر الميت هي “سدوم” و”عمورة” و”أدمة” و “صوبييم” و”زغر” وقد ازدهرت فيها الحياة إلى أواخر القرن العشرين قبل الميلاد ودمرت بالكامل في عقاب إلهي أنزل بها، وجاء خبر عقابها في القرآن الكريم، يقول الحق عز وجل: ﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ ﴾ [هود:82].

والأرض في حوض البحر الميت ـ بصفة عامة ـ

وفي الجزء الجنوبي منه بصفة خاصة تعرف باسم الأرض المقلوبة وقد أثبتت الدراسات الجيولوجية مؤخراً أن تتابعات الصخور هنا مقلوبة فعلاً كما ذكر القرآن الكريم يقول ربنا تبارك وتعالى: ﴿ فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: 81 -82 ]. وقوله تعالى: ﴿ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ﴾ [الحجر: 74].

وتتميز منطقة غور البحر الميت بـــ

الحرارة الشديدة، ويتفجر كل من العيون المائية، والأبخرة الكبريتية الحارة فيها، ويتناثر كتل الإسفلت التي كثيراً ما كانت تطفو على سطح مياه البحر الميت إلى عهد غير بعيد .

بداية السورة من دلائل النبوة

لإخبارها بالغيب فتحقق، فهي لا تزال من دلائل النبوة في زماننا بالتأكيد أن المعركة الفاصلة قد تمت في أخفض أجزاء اليابسة على الإطلاق، وهي أغوار البحر الميت وما حولها من أغوار ويأتي العلم التجريبي ليؤكد هذه الحقيقة .


فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (4)
عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال

كان المسلمون يُحبون أن تغلب الرومُ أهل الكتاب، وكان المشركون يحبون أن يغلب أهل فارس؛ لأنهم أهل أوثان، قال: فذكروا ذلك لأبي بكر، فذكره أبو بكر للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: " أَمَا إنَّهُمْ سَيُهْزَمُونَ"، قال: فذكر ذلك أبو بكر للمشركين، قال: فقالوا: أفنجعل بيننا وبينكم أجلا فإن غلبوا كان لك كذا وكذا، وإن غلبنا كان لنا كذا وكذا، وقال: فجعلوا بينهم وبينه أجلا خمس سنين، قال: فمضت فلم يُغلَبوا، قال: فذكر ذلك أبو بكر للنبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: " أَفَلا جَعَلْتَهُ دُونَ العَشْرِ"، قال سعيد: والبضْع ما دون العشر، قال: فَغَلَبَ الروم، ثم غلبت، قال: فذلك قوله: ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ) قال: البضع: ما دون العشر، ( لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ) قال سفيان: فبلغني أنهم غلبوا يوم بدر.

عن ابن عباس، قال: لما نـزلت ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ ...) الآية

ناحب أبو بكر قريشا، ثم أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: إني قد ناحبتهم، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: " هَلا احْتَطْتَ، فإنَّ البِضْع ما بينَ الثلاثِ إلى التِّسْعِ". قال الجمحي: المناحبة: المراهنة، وذلك قبل أن يكون تحريم ذلك.

عن ابن مسعود، قال

قد مضى ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ ).

حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ ...) إلى قوله: ( أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) قال: ذَكَر غَلَبة فارس إياهم، وإدالة الروم على فارس، وفرحَ المؤمنون بنصر الروم أهل الكتاب على فارس من أهل الأوثان.

عن عكرِمة، أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض

قالوا: وأدنى الأرض يومئذ أَذْرعات، بها التقَوا، فهُزِمت الروم، فبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم بمكة، فشقَّ ذلك عليهم، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكره أن يظهر الأميُّون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، ففرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إنكم أهل الكتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أمِّيُّون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم، فأنـزل الله ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ...) الآيات، فخرج أبو بكر الصدّيق إلى الكفَّار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا، ولا يقرّنّ الله أعينكم، فوالله ليظهرنّ الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، فقام إليه أُبيّ بن خلف، فقال: كذبت يا أبا فضيل، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أنت أكذب يا عدوّ الله، فقال: أناحبك عشر قلائص مني، وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غرمتُ، وإن ظهرت فارس على الروم غرمتَ إلى ثلاث سنين، ثم جاء أبو بكر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: " مَا هَكذَا ذَكَرْتُ، إنَّما البِضْعُ ما بينَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ، فَزَايِدْهُ فِي الخَطَرِ، ومادّه فِي الأجَلِ". فخرج أبو بكر فلقي أُبَيًّا، فقال: لعلك ندمت، فقال: لا فقال: أزايدك في الخطر، وأمادّك في الأجل، فاجعلها مائة قلوص لمائة قلوص إلى تسع سنين، قال: قد فعلت.

القَلُوصُ من الإِبل: الفتيَّةُ المجتمعةُ الخَلْق

إطلالة حول الآية

قلنا البضع: من 3: 9

لله الأمر من قبل ومن بعد

إذن لماذا ينتصر الباطل علي الحق من باديء ذي بدء ؟
ليعلمنا الله - تعالي

- أن الحرب سجال يوم غالب ويوم مغلوب وكذلك الحياة بأسرها

- لا محاباة للمؤمنين، من يأخذ بالأسباب مع كمال التوكل علي الله ربما ينتصر وربما لا لحكمة إلهية

- ستظل الحرب بين المؤمنين ( أهل الكتاب ) وبين غيرهم سواء ملسمين أو غير مسلمين لقيام الساعة ، فقط انظر حولك ، وربما غالب وربما مغلوب .

- لله الأمر: من قبل الحرب ومن بعد الحرب

ويومئذ يفرح المؤمنون

الفرح المحمود الذي لا يطغيك ولا تنسيك النعمة ( النصر ) المنعم ( الله - تعالي - ) ، وفي الآية إشارة إلي جواز الفرح لبعض أهل الكتاب بإنتصاراتهم ، ففي انتصاراتهم انتصار للسماء في حالة أنهم يحاربون حروب لستم كمسلمين طرف فيها ...والله أعلي وأعلم .


بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ (5)
(الم غُلِبَتِ الرُّومُ )

على فارس

(وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ)

والروم من بعد غلبة فارس إياهم سيغلبون فارس

(فِي بضْعِ سِنِينَ)

البضع؟ قال: زعم أهل الكتاب أنه تسع أو سبع.

( لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ )

(لِلهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ) دولة فارس على الروم، (وَمِنْ بَعْدُ) دولة الروم على فارس.

إطلالة حول الآية

الفرح يكون بنصر الله ، لا يهم من ينصر حتي لو انتم كمسلمين لستم طرفاً في هذه الحرب، الآية تدعوك لتمييز الحق من الباطل، فالله لا ينصر باطل مطلقا، والله لا يحابي أحد ، فأيما تفوقت عسكرياً ومع انتماءك للسماء ، لا يضيع الله - تعالي - هذا مطلقا ، مصداقاً لقوله تعالي - (( مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20)) لذا القوات العظمي في العالم الآن تتصارع حول القوة والسيادة وغيرها ، ومنهم من يؤمن بدين سماوي ومنهم من لا يؤمن بدين مطلقا ، بل العلمانية أو غيرها هي الفكر العقدي لهذا البلد ، فإذا تفوق أصحاب الدين السماوي من حقك كمسلم الفرح لفرحهم - مهما كان دينهم اليوم محرف ( عقيدة المسلمين ) لأنه دائما وابدا لابد من وجود أصل سماوي في هذا الكتاب أو ذاك .

ينصر من يشاء

ما عليك إلا التأمل

وهو العزيز الرحيم

لا غالب لإرادته مطلقا ، مع ذلك فهو رحيم بعباده المستضعفين في كل مكان، حيث أنه يُمهل ولا يهمل ، والله أعلي وأعلم .


الروابط
0 views0 comments

Recent Posts

See All

الروم: صفحة 410

وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ (51) يخبر تعالى عن حالة الخلق وأنهم مع هذه النعم...

Comentarios

Obtuvo 0 de 5 estrellas.
Aún no hay calificaciones

Agrega una calificación
bottom of page